250 مليار ليرة..نحن ندفعها ونصرفها على صحتنا
صرح رئيس مجلس الوزراء أن كلفة الخدمات الصحية المجانية التي تقدمها الحكومة السورية للمواطنين تبلغ 250 مليار ليرة... مشيراً أيضاً إلى أن سورية هي البلد الوحيد عالمياً الذي يقدم خدمات التربية والصحة والتعليم العالي مجاناً، وفق ما نقل عن بيان رسمي صادر عن جلسة رئاسة مجلس الوزراء
لا تزال العيادات والمستوصفات وخدمات المعاينة في المشافي السورية تقدم خدماتها الطبية برسوم قليلة وشبه مجانية، ولكن هذه المراكز المجانية لا تستطيع أن تساهم إلا بجزء قليل من الحاجات الصحية العامة المتفاقمة للسوريين.
الإنفاق الصحي الحكومي السوري في 2019، يشكل رقماً مقداره 266 مليار ليرة. المبلغ الذي إذا ما وزعته على أعداد السوريين الذي قد يطرقون باب هذه الخدمات الحكومية، فإن حصة كل سوري تقارب 1200 ليرة شهرياً للفرد. وهذه النفقات انخفضت عن مستوى حصة الفرد في عام 2010 بمقدار الخمس تقريباً...
الأهم من هذا وذاك، أن هذه النفقات القليلة تقابلها مستويات قياسية في تدهور الوضع الصحي للسوريين، الأمر الذي يتجلى بالعمق، في انخفاض وسطي العمر السوري خلال سنوات الأزمة.. فالسوريون قلت أعمارهم، وخسروا أربع سنوات ونصف تقريباً من أعمارهم الوسطية، خلال سنوات الأزمة بالمقارنة مع ما قبلها.
ليصبح الطفل السوري بعمر الخمس سنوات يعيش وسطياً 66.3 سنة، بينما كان العمر المتوقع له 70.7 سنة خلال الفترة بين 2005-2010. وزادت الوفيات تحديداً لمن هم في عمر بين 65-75، حيث ارتفعت معدلات الوفاة بين هؤلاء بنسبة 22%! بين السنوات السابقة للأزمة واللاحقة لها، وكله بسبب صعوبة تأمين العلاج وتفاقم مسببات الأمراض المزمنة. يحتاج لمبلغ يتراوح بين 3- 20 ألف شهرياً لتأمين أدوية الأمراض المزمنة الشائعة في هذا العمر...
فأدوية الضغط أسعارها بين 400-1500 ليرة، والسكر بين 300-1000 ليرة، والشحوم بين 300-1500 ليرة، والكلس بين 1000-5000 ليرة، والمفاصل بين 1000 وصولاً إلى 12 ألف ليرة.
كل هذا عدا عن الحديث عن قرابة مليون جريح أو مصاب جراء أحداث السنوات الثماني الماضية، والذين تمتلئ صفحات مواقع التواصل بصورهم والدعوات لإغاثتهم وسط التجاهل الواسع لمتابعة أوضاعهم الصحية.
تريد الحكومة أن تضع الأرقام المليارية في الموازنات، وتفخر بها، وتتجاهل بالمقابل الوقائع الاستثنائية لحجم الحاجات، التي إذا ما وضعت مقابل مخصصات الموازنة فإنها تكشف حجمها الفعلي.
أما إذا قارنا أنفسنا بالدول الأخرى، فيظهر حجم التقصير، فموازنة الصحة لا تعادل نسبة 6.8% من الموازنة العامة، بينما وسطياً وبالمعنى العالمي فإن حصة الصحة من الموازنة تبلغ 15%. وتصل في دول الجوار مثل: إيران مثلاً إلى 22%. أمّا إذا قارنا حصة الفرد السوري من إنفاق الصحة والبالغة 33 دولاراً سنوياً بمثيلاتها في دول الجوار: فإن المواطن الإيراني يحصل على 195 دولاراً من إنفاق الحكومة على الصحة، والتركي يحصل على 355 دولاراً سنوياً، بينما الوسطي العالمي يصل إلى 554 دولاراً سنوياً للفرد.
لا تمل الحكومة من تكرار التصريحات التي تعد فيها فضائلها وإنفاقها على السوريين، وكأنها تتناسى فعلاً أن مخصصات الإنفاق الحكومي على الصحة أو غيرها، هو مال عام وصل إلى الحكومة مما دفعه عموم السوريين، وهو ليس منّة وتحديداً في الظروف الحالية