حي نهر عيشة.. معركة خاسرة مع القوارض
يعاني أهالي وسكان حي نهر عيشة من جملة من المشاكل على المستوى الخدمي، بعضها مزمن على الرغم من كثرة المطالبات بحلها، وآخر ما حرر معاناتهم من انتشار القوارض وتكاثرها في الحي، الأمر الذي أصبح مصدر خطر ورعب حقيقي عليهم وعلى أبنائهم، كما على ممتلكاتهم المحدودة والبسيطة من فرش وأثاث منزلي، وكذلك على المستوى الصحي والبيئي في الحي ومحيطه.
خلف فرن الجوهرة، وحارة وسوق عاصم، وحارة القصر، وغيرها من الحارات الفرعية الصغيرة في الحي، أصبحت مرتعاً للجرذان والقوارض، التي تسرح ليلاً نهاراً وبأعدادٍ كبيرة، حيث أصبح مشهد هذه القوارض المرعبة بأحجامها وكثرتها، أمراً عادياً، لكنه بحال لن يصبح اعتيادياً بالنسبة لقاطني هذا الحي المنسي.
أسباب مباشرة وغير مباشرة
تجدر الإشارة إلى أن حي نهر عيشة يعتبر منطقة سكن شعبي ذي طبيعة عشوائية، وهو مكتظ بالسكان، حيث تقطنه الآلاف من الأسر محدودة الدخل والفقيرة، وهو خليط مجتمعي متنوع من جميع المحافظات والمدن السورية، جمعهم فقرهم وبحثهم عن فرص العمل والمأوى منخفض السعر، بيعاً وشراءً أو إيجاراً، بالمقارنة مع مناطق أخرى، لاستحالة حصولهم على السكن الصحي والنظامي الملائم بسبب الفقر وضيق ذات اليد، وهؤلاء سبق وأن عانوا ودفعوا ضريبة الحرب والأزمة، خلال السنوات الماضية وحتى وقت قريب، مزيداً من الفقر والعوز والتشرد، ناهيك عن معاناتهم وصعوبات حياتهم على المستوى المعيشي المتردي أصلاً، بالإضافة إلى ما يعانوه على مستوى نقص الخدمات في الحي وترهلها. وربما هم بذلك حالهم كحال جميع القاطنين في أحزمة الفقر والعشوائيات المحيطة بدمشق وبداخلها، أو في غيرها من المحافظات والمدن الأخرى.
الأهالي في الحي يعزون تزايد وتكاثر القوارض، بالإضافة إلى جملة الأسباب المرتبطة بكون منطقتهم تعتبر منطقة عشوائية مهملة على المستوى الخدمي، إلى سببين أساسين.
الأول: هو استمرار وجود بعض السواتر الترابية والردميات على مفارق بعض الحارات في الحي، والتي أصبحت بالنتيجة أشبه بمكبات القمامة الكبيرة، حيث غدت هذه الأمكنة بيئة ملائمة للقوارض وتكاثرها، بالإضافة إلى غيرها من الحشرات الكثيرة الأخرى كبيئة ملائمة لتكاثرها أيضاً.
والثاني: يتعلق بشبكة الصرف الصحي في الحي، التي أصبحت مترهلة وبحاجة لإعادة التأهيل، فهناك بعض الريكارات مغلقة ودائمة الطوفان، مُشكلةً مجرى خارجياً للمياه الآسنة في بعض الحارات، مع ما تخلفه هذه المياه الآسنة من آثار سلبية، بيئية وصحية على قاطني الحي، وخاصة الأطفال.
خطرٌ ورعبٌ يومي
أحد القاطنين في الحي قال: مشكلتنا مع القوارض في الحي كبيرة، ولا يمكن مقارنتها مع مشكلة الكلاب الشاردة على سبيل المثال، فالقوارض تتسلل إلى داخل البيوت بكل سهولة، ولا شيء يمنعها من ذلك، حيث أصبحت هذه المشكلة داخل كل بيت ولم تعد مقتصرة على الحارات في الحي.
مواطن آخر قال: خطر الجرذان لم يعد مقتصراً على ما تقوم بتخريبه خارج البيوت، بل بما تخربه داخلها أيضاً، حيث تقضم الفرش والأثاث المنزلي وتخربه بالنتيجة، والخشية منها تتعدى ذلك بالنسبة له على أطفاله أيضاً، فيضيف: «والله بخاف ع ابني من شي عضة بأنفو أو أدنو وهو نايم».
مواطن ثالث قال: الخروج من البيت ليلاً أصبح مرعباً، خاصة وأن الشوارع غير مضاءة، حيث تصبح الحارات ليلاً في ظلام دامس، ليضاف إلى هذا الرعب رعبٌ إضافيٌ من القوارض التي تسرح وتمرح ليلاً بين الأرجل.
إمكانات محدودة ومطالب معدودة
الإمكانات الذاتية لقاطني الحي على مستوى محاولة مكافحة هذه القوارض بالشكل الفردي لم ولن تجدي نفعاً، باعتبارها تبقى محدودة أمام الأعداد الكبيرة للجرذان المنتشرة في الحي، خاصة وأن الجرذان تتكاثر بشكل سريع ما يؤدي إلى تزايد أعدادها يوماً بعد آخر، فمهما تزايدت المساعي الفردية في القضاء عليها فإن المعركة ستكون نتائجها خاسرة، وربما تتجاوز منطقة نهر عيشة إلى غيرها من مناطق السكن القريبة.
على ذلك فقد تركزت مطالب أهالي الحي بالنسبة لمشكلتهم المؤرقة مع الجرذان على النقاط التالية:
أن تقوم البلدية، بالتعاون مع المحافظة، بحملة جدية ومكثفة لمكافحة القوارض والحشرات في الحي، ومتابعتها وصولاً للقضاء على هذه الآفة التي تشكل خطراً حقيقياً على المواطنين وممتلكاتهم، كما على البيئة والصحة.
إزالة السواتر الترابية والردميات التي تسد بعض الحارات في الحي، علماً أن بعضها من مخلفات المجموعات المسلحة، وتنظيف مداخل الحارات من هذه المخلفات.
إعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي في الحي، وإجراء عمليات الصيانة لها بشكل دوري.
إعادة تأهيل شبكة الإنارة في الحي، وإنارة الشوارع والحارات ليلاً.
مزيد من الاهتمام على المستوى الخدمي، وخاصة الصحي والبيئ