فساد المحروقات..  يُعاقب عليه المواطن أيضاً؟

فساد المحروقات.. يُعاقب عليه المواطن أيضاً؟

مرة جديدة يُعاد تسليط الضوء على مشروع البطاقة الذكية وأهميته وجدواه، وذلك على ضوء الخبر الذي أوردته وكالة سانا بتاريخ 21/10/2018، والمتضمن: «قررت لجنة المحروقات الفرعية في محافظة اللاذقية إغلاق أربع محطات وقود لمدة ثلاثة أشهر بسبب التلاعب بالبطاقات الذكية الحكومية ومخصصات التدفئة والنقل».

فالمواطنون الذين تداولوا الخبر لم يكتفوا بالحديث عن مضمونه وتداعياته فقط، بل عرجوا كذلك على فكرة مشروع البطاقة الذكية وما آل إليه، وخاصة على مستوى ما سمعوه من وعودٍ رسميةٍ سابقاً حول اعتماد ذكاء هذه البطاقة من أجل إيصال الدعم لمستحقيه، بما في ذلك مآل رفع الدعم عن المواد المقننة سابقاً كالرز والسكر، خاصة وقد قيل في حينه أن البطاقة الذكية هي المشروع البديل عن رفع الدعم الجاري على بعض السلع الاستهلاكية، أو غيرها من المواد والضروريات الأخرى.
بوابة فساد مشرعة
النقطة الأولى التي جرى الحديث عنها وتم التأكيد عليها من قبل المواطنين هي: أن مخصصات المحروقات للتدفئة وللنقل ما زالت بوابة مشرعة للاستفادة والفساد، مستشهدين بما صرح به مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك باللاذقية، عبر إحدى وسائل الإعلام تعقيباً على الخبر أعلاه: «إن المواطن يعبّئ حاجته يومياً من مادة المازوت، ولنفترض 10 ليتر بسعر 180 ليرة سورية لليتر الواحد، في حين يسجل صاحب الكازية أن المواطن عبّأ أكثر من 10 ليتر، ليذهب ويبيع الفارق الذي ادّخره صاحب الكازية ويبيعه للمنشآت الصناعية الخاصة بسعر 293 ليرة سورية». والذي أضاف: «أنه حتى لو كان المواطن يرغب ببيع مخصصاته، إلا أن المحطات هي التي تتحمل مسؤولية الشراء، حيث يجني أصحاب الكازيات أرباحاً باهظة لجيوبهم من خلالها على حساب الاقتصاد الوطني، وبالتالي يعد الأمر مخالفاً ويتوجب العقوبة».
على حساب المواطن!
أما النقطة الثانية التي تم التوقف عندها، فهي العقوبة المتمثلة بالإغلاق، حيث عقب أحدهم بأن انعكاسات هذه العقوبة ستكون سلبية على المواطنين وليس على صاحب الكازية فقط، فكيف الحال وقد تم إغلاق أربع كازيات دفعة واحدة لمدة ثلاثة أشهر في المحافظة؟ وكيف سيتم تعويض النقص الحاصل بهذه الخدمة على مستوى المحافظة خلال هذه المدة؟
وقد خلص بعض المواطنين إلى استنتاج: أن الضغط على الكازيات الأخرى كتعويضٍ عن نقص الخدمة على إثر الإغلاق سيتحمله المواطن على حساب وقته وجهده وتعبه، وربما على حساب جيبه في حال رغبته بالانعتاق من هذا الضغط، وهو بوابة جديدة للاستفادة والفساد من قبل البعض، خاصة وقد تزامن ذلك مع مواعيد توزيع محروقات التدفئة.
تلخيص ما سبق أتى على لسان أحدهم حيث قال: «اللي استفاد استفاد وهمّ يطبقون علينا قوانين العسكرية بالعقوبة الجماعية».
أين الدعم وتحسن الوضع المعيشي؟
أما النقطة الثالثة فهي التساؤل المشروع حول جدوى البطاقة الذكية في ظل استمرار هذا النمط من الفساد على مستوى الاستفادة من بيع المحروقات المخصصة للتدفئة والنقل، على الرغم من تطبيق العمل بالبطاقة الذكية على بيع المحروقات في اللاذقية وغيرها من الحافظات منذ أشهر، وذلك تحت شعار إيصال الدعم لمستحقيه، وهو ما فتح قريحة المواطنين للتساؤل مجدداً عن وعود التعويض عن رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية من خلال مشروع البطاقة الذكية بداية إطلاقه والحديث عنه، حيث «لا تعويض ولا من يحزنون»، بالمقابل ما زالت بوابات الفساد مفتوحة ولم تتمكن البطاقة الذكية أن تغلقها، وما زال الوضع المعيشي على حاله متجهاً نحو المزيد من التردي بالرغم من كل الوعود الرسمية حول تحسينه!