أزمة خبز خانقة في طرطوس
ما زالت مختلف مناطق محافظة طرطوس تعاني من أزمة خبز خانقة لم تشهدها طوال سنوات الأزمة، على الرغم من النفي الرسمي لوجود أية أزمة على مستوى رغيف الخبز في المحافظة.
فقد قال مدير فرع المخابز الآلية في طرطوس، عبر إحدى وسائل الإعلام نهاية شهر أيلول: «إن أزمة الازدحام انتهت في مدينة طرطوس بعد اتخاذ مجموعة من الإجراءات، منها: إلغاء معتمدي بيع الخبز في المدينة وتحويل مخصصاتهم للبيع المباشر للمواطنين في الأفران، وحالياً نعمل على معالجة الوضع في بعض مناطق الريف من خلال الوقوف على الحاجة الحقيقية من الخبز في كل القرى، ونقوم بخبز كل المخصصات لتأمين حاجة المحافظة».
الأزمة عمرها الزمني يتجاوز الشهرين تقريباً، والغريب أنها تفاقمت بالتزامن مع زيارة الوفد الحكومي لطرطوس مطلع الشهر الحالي، وبالتوازي مع الحديث الرسمي على لسان وزير التجارة الداخلية حول رغيف الخبز وحجمه ومواصفاته، ومع القرار القاضي بتخفيض مخصصات بعض الأفران.
قاسيون استطلعت حال الاستياء الشديد لدى المواطنين من هذا النقص الحاصل في مادة الخبز في بعض أفران المحافظة، حيث جالت في أكثر من منطقة للوقوف على هذه المشكلة، وقد تم رصد حال الازدحام والتدافع على كوات بيع الخبز.
وضع البلد تحسن والخبز تراجع
من أمام الفرن الفني بطرطوس تحدثت المواطنة «جميلة» قائلة: «في السنوات الصعبة السابقة كنا نأخذ خبزنا خلال عشر دقائق، ومن أكثر من أسبوع وحتى الآن أصبحنا ننتظر أكثر من نصف ساعة، والناس تستغرب كيف تراجعت كميات الخبز، علماً أن أمور البلد تحسنت كثيراً نحو الأمن والأمان».
مواطن من صافيتا، وهو معتمد خبز، صرح لقاسيون: «لقد تراجعت الكمية المخصصة لي كمعتمد حوالي ربع الكمية، وعندما اعترضنا أجابوا أن كمية الطحين المخصصة تراجعت إلى الربع، مستغرباً بالمقابل من التصريحات الرسمية التي تقول بأن الكميات المستوردة من الطحين كافية، ولا خوف على الاحتياطي فهو موجود».
معتمد خبز آخر في سهل يحمور قال لقاسيون: «لقد انقصوا من اعتمادي عشرين بالمئة، وموظفو فرن الجولان التابع للدولة يقولون: ليس ذنبنا بل مخصصات الوزارة تراجعت إلى خمس وربع الكمية، فكيف يتم هذا النقص وعدد السكان بازدياد ولم ينقص»، متسائلاً بالمقابل: «كيف يتم الترخيص لأفران جديدة في ظل تراجع الكميات المخصصة؟».
الفساد أسُّ الأسباب
مما لا شك فيه أن جزءاً من الأزمة مفتعل ويتم تجييره لمصلحة البائعين الجانبيين على أطراف الأفران وفي بعض المحلات، حيث تباع ربطة الخبز بـ 100 لليرة استغلالاً لحاجة المواطنين، بدلاً من 50 ليرة سعرها النظامي، وهؤلاء بمعظمهم يحصلون على كميات من الخبز من خلال تواطئهم مع بعض الفاسدين داخل بعض الأفران لقاء تقاسم الأرباح معهم، وهو أمر ليس بجديدٍ برغم كل الحديث عن الرقابة والمتابعة والمحاسبة.
أما عن استمرار الأزمة والازدحام في ظل النفي الرسمي لوجودها، وفي ظل استمرار مسارب الفساد المختلفة، فهو الأمر الذي يعتبر مثار تساؤل لدى المواطنين، خاصة في الوقت الذي من المفترض أن تسير فيه الأمور نحو الانفراج وليس نحو الانتكاس!
فهل من حلول جدية من أجل تأمين رغيف خبز المواطن بعيداً عن أوجه الفساد المسرطن؟