موسم التبغ من التراجع إلى المزيد منه
بدأت المؤسسة العامة للتبغ اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستلام محصول التبغ للموسم 2018-2019 من المزارعين، وذلك تحت عنوان «استمراراً للجهود الحكومية لدعم محصول التبغ وتسويقه بشكل كامل».
وقد بدأ بالمقابل تذمر المزارعين مما أسموه «ظلم المؤسسة» من خلال قراراتها التي اعتبروها «غير منصفة»، وخاصة حول المساحات المسموح بزراعتها، وكمية الإنتاج المعتمدة من قبلها للاستلام عن كل دونم مزروع.
زيادة في المحصول رغم الأضرار
مدير عام مؤسسة التبغ، أوضح عبر إحدى وسائل الإعلام أن: «إنتاج التبغ المقدر لهذا الموسم يبلغ نحو 12 ألف طن، في زيادة عن الموسم السابق رغم الظروف المناخية غير المناسبة». مؤكداً أنه: «سيتم شراء التبوغ حسب المواصفات الفنية ودرجات الجودة إنصافاً للمزارعين، ولتمييز المُزارع الذي التزم بتعليمات المؤسسة، وتعاون مع الجهاز الزراعي للحصول على منتج ذي مواصفات جيدة»، وذلك عن طريق لجان الشراء المشكلة لهذه الغاية وفقاً للبرنامج الزمني الذي حددته المؤسسة بحسب الأصناف والمناطق، لافتاً إلى أنه: «سيتم تسديد ثمن التبوغ الموردة للمزارعين بأسرع وقت ممكن وذلك بعد حساب معاملاتهم».
يشار بهذا الصدد إلى أن محصول التبغ في المنطقة الساحلية تعرض لأضرار كبيرة، كما غيره من المحاصيل، نتيجة العواصف المطرية التي أتت على المنطقة خلال فصل الشتاء الأخير، وقد ورد عبر سانا بتاريخ 13/5/2018، أن محافظة طرطوس «تعرضت قبل 15 يوماً لعاصفة بردية أدت إلى تضرر 2811 دونماً من محصول التبغ في قرى بلوسين ودير الجرد ورام ترزة وبدوقة وحدادة وشمسين والطواحين حيث تتراوح نسبة الضرر بين 30 و90 بالمئة».
الإنتاج بين الواقع والتعليمات
لسان حال مزارعي التبغ يقول: إن «المؤسسة ظلمتهم باتخاذها قرارات غير منصفة كعدم السماح لهم بتسليم المؤسسة أكثر من 250 كغ للدونم الواحد، في الوقت الذي يصل إنتاج الدونم من صنف البلدي إلى 350 كغ، كما أنها لا تسمح ببيع الفائض عن المسموح به إلى التجار»، كما أنها: «لم تبلغهم بالمساحة المسموح بزراعتها قبل بداية الموسم، ولم يعلموا بهذا القرار إلّا بعد الانتهاء من جني المحصول كله، مؤكدين: أنّ المؤسسة قامت بتوزيع بذار التبغ من صنف البلدي (شك البنت) وبعد انتهاء الموسم، تقول: إنه صنف غير مرغوب به»، وذلك بحسب ما ورد عبر إحدى الصحف الرسمية بتاريخ 16/9/2018.
وفي رده على ما ورد على ألسنة المزارعين قال مدير عام مؤسسة التبغ: «إن المؤسسة تقوم بتوزيع البذار على مزارعي التبغ، حسب الصنف والمساحة المرخصة، وأيضاً الكميات المطلوب إنتاجها لتغطي الحاجة، مع المحافظة على مخزونٍ كافٍ في مستودعات المؤسسة». وقد ذكر أيضاً: «أن المؤسسة سوف تقوم بشراء التبغ من المزارعين ودفع قيمته على الوزن فقط، وذلك حسب درجات الجودة، فلكل صنف ولكل درجة سعر محدد، كما أن المؤسسة ستشتري كامل الكميات التي ينتجها المزارعون من كل أصناف التبغ، شرط ألّا يكون منتجاً في مناطق المخالفات، لأن الزراعات المخالفة تطبق عليها القوانين المرعية حسب النظام المعمول به في المؤسسة».
تراجع كبير بالإنتاج
تجدر الإشارة إلى أن التبغ السوري يعتبر من أجود أنواع التبوغ العالمية، وهو الأول عربياً، والثالث على مستوى المحاصيل السورية في الترتيب، وذلك قبل سني الحرب والأزمة، التي أدت إلى تراجع إنتاج هذا المحصول، بالتضافر مع الظروف الجوية وموجات البرد المتتالية خلال السنوات القليلة الماضية، مع السياسات الزراعية والتعليمات المطبقة، ما أدى إلى أضرارٍ كبيرة حصدها المزارعون بالإضافة إلى الاقتصاد الوطني، حيث سبق وأن سجل المحصول كمية إنتاج وصلت إلى 27 ألف طن تقريباً في عام 2004، كان للمنطقة الساحلية الحصة الأكبر منها، والتي تقدر بنصف الإنتاج تقريباً.
وبالمقارنة بين كمّ الإنتاج الحالي، مع ما كان قبل عقد من الزمن تقريباً، يتضح مقدار التراجع بهذا المحصول الإستراتيجي على مستوى الزراعة والإنتاج، الأمر الذي يفرض ربما إعادة النظر بسياسات الدعم المعلن عنها لهذا المحصول من أجل استعادته كما كان عليه سابقاً، إن لم نقل زيادته، مع ما يرافق ذلك من تذليل للصعوبات في وجه المزارعين على مستوى مستلزمات العملية الإنتاجية الزراعية، بما في ذلك استلام كامل الكميات المنتجة، حيث بدأ هذا المحصول أيضاً يتعرض للاستبدال بزراعات أخرى ذات جدوى أكبر للمزارعين، ما يعني المزيد من التراجع على مستوى الإنتاج مستقبلاً.
وليبقى السؤال الأخير على ألسنة مزارعي التبغ: ماذا بشأن كميات الإنتاج المرفوضة بالاستلام في ظل الحصر والمنع والمخالفة؟