على مهلك.. قدامك عيد؟!
سمر علوان سمر علوان

على مهلك.. قدامك عيد؟!

يستقبل السوريون المناسبات والأعياد وأيديهم على قلوبهم، وعلى جيوبهم أيضاً.

فما أن تقترب الأيام التي يفترض أن تحمل بعضاً من البهجة لهذا الشعب المنهك، بفعل الحرب والاستغلال على حد سواء، حتى يهرع التجار إلى رفع أسعار المواد الغذائية، بالتزامن مع ازدياد الطلب عليها، وبنسب تصل أحياناً إلى أكثر من خمسين بالمئة، وهذا ما يضيق الخناق على الفقراء ويحوّل بحثهم عن متنفس للفرح، إلى كابوس آخر يجثم على صدورهم، يضاف إلى معاناتهم الأزلية مع الأسعار والأسواق.

خفيف بالمعدة تقيل ع الجيبة!
الدور الرقابي على الأسعار شبه غائب دائماً، وثقافة السوق السائدة هي: استغل قدر الإمكان!
لقد شهد الأسبوع الفائت (عيد الميلاد ورأس السنة) قفزات «ماراثونية» للأسعار جعلت قيمة بعض السلع تتضاعف في غضون أيام، ولا سيما تلك المرتبطة بالأطباق المعتادة في المناسبات.
حيث ارتفع سعر البندورة، باعتبارها مكوناً أساسياً للسلطة والتبولة، من نحو 200 إلى 250 ليرة، في حين قفز سعر الخيار إلى أكثر من 175 ليرة، ووصلت أسعار البصل والليمون إلى 150، و300 ليرة على التوالي، أما البقدونس المفروم، الذي يشكل حلاً أسهل بالنسبة لبعض الأسر، فقد وصلت الأوقية منه إلى أكثر من 150 ليرة، كما وصل سعر «جرزة» النعنع إلى 75/ 100 ليرة، وهكذا غدا طبق السلطة البسيط والخفيف على المعدة، ثقيلاً على «الجيبة»!.
أما عن أسعار اللحوم فحدّث ولا حرج، فقد ارتفع سعر الفروج باعتباره «وجبة المناسبات» على المائدة السورية نحو 200 ليرة للكيلو الغرام الواحد.

مواطن غير متطلب لكن!
تختلف طبيعة العادات التي يمارسها السوريون من عيد لآخر، إلا أنها تشترك عموما في جانبين: أولهما: الرغبة في الترفيه عن النفس، وإدخال البهجة إلى قلوب الصغار، وثانيهما: ضيق الحال والبحث بالحيلة والفتيلة عن سلع لم يطالها فلتان الأسعار.
فالمواطن السوري ليس متطلباً في تحقيق سعادته، وكل ما يريده في مواسم الأعياد هو طبق لم تألفه مائدته، ورداء لم يتوارثه أطفاله واحداً بعد آخر، و»لمّة عائلية» تجمع أفراد أسرته في مناسبة تبعدهم ولو إلى حين عن معاناتهم ومتاعبهم اليومية و»سيرة» المازوت والمصاريف والكهرباء والأمراض والفقر..    
والواقع، أن حال الأسواق السورية في مواسم الأعياد يمكن تلخيصها بصورة «بابا نويل» الذي شوهد في العديد من شوارع دمشق، والذي يمتنع عن قبول التقاط الصور مع الأطفال، ما لم يشتروا منه قبعة حمراء أو لعبة ما، وكأنه يقول لهم ولأسرهم: إن حقكم بالفرح مرهون بقدرتكم على الدفع!.
وفي الحقيقة، ففي هذه الظاهرة شيء من الصحة، فالاقتصاد الرأسمالي، والسعي المحموم لجني المزيد من الأرباح الذي نعيش تحت وطأته، لطالما كان حريصاً على استغلال المناسبات والأعياد، وتحويلها من ظاهرة اجتماعية محببة، إلى أخرى استهلاكية محضة، يكون لزاماً على المرء فيها أن يدفع المزيد من النقود، لكي يحصل على شيء من البهجة، تكريساً لنهج الاستغلال المعمم الذي يقوم عليه هذا الاقتصاد.