العدل تدقق توجه حكومي
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

العدل تدقق توجه حكومي

في الجلسة المنعقدة بتاريخ 14/2/2017، كلف مجلس الوزراء وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك والعدل، النظر بإحالة مخالفات احتكار السلع والحاجات الأساسية والتلاعب بالأسعار في الأسواق إلى القضاء العسكري.

 

وفي معرض الحديث عن الأمر لاحقاً، كشف معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شعيب، عبر وسائل الإعلام، أن الوزارة تبحث في إدراج مادة خاصة تسمح لوزير التجارة الداخلية بإحالة المخالفات الجسيمة وحالات الاتجار بالمواد المدعومة من الدولة إلى القضاء العسكري، ضمن التعديلات التي تحضرها الوزارة على القانون 14 الخاص بحماية المستهلك والصادر في العام 2015.

سيادة القانون 

ما لبث وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن نفى إحالة المخالفات التموينية الجسيمة إلى القضاء العسكري، وذلك عبر إحدى الوسائل الإعلامية، مطلع الشهر الحالي، معتبراً تصريح معاونه بأنه نتيجة الضغط عبر مواقع التواصل الاجتماعي!!، تهرباً من إعادة التذكير بأن هذا الأمر كان مما تم إقراره عبر جلسة رسمية للحكومة!!.

وأوضح الوزير أنّ القضايا التموينية أضحت من اختصاص القضاء العادي لاسيما بعد إلغاء قانون الطوارئ وإحداث محاكم جزائية تموينية بدائية وإستئنافية مختصّة بالقضايا التموينية، وإحالة المخالفات إلى القضاء العسكري تتطلب تشريع قوانين جديدة.

وقال: إنّ وزير العدل أوضح في كتابٍ تعذّر إحالة القضايا التموينية إلى المحاكم العسكرية بسبب الأسباب السابقة نفسها.

نقل مقار المحاكم التموينية

يشار إلى أنه سبق وأن أوضح معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك حول المحاكم التموينية، أنه: يتم التنسيق مع وزارة العدل لنقل مقار هذه المحاكم إلى مديريات التجارة الداخلية، وهو ما اتفق عليه لنقل المحكمة التموينية إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق في منطقة باب الجابية وتخصيص المكان المناسب لها، لتتمكن من مزاولة عملها وتنفيذ مهامها وأنه يتم العمل على تخصيص مكتبين في المديرية لهذه الغاية. 

وعن الغاية من هذه الخطوة، أكد المعاون: إنّ الهدف هو زيادة التعاون والتنسيق بين المحكمة ومديريات التجارة الداخلية، والإسراع في معالجة المخالفات وإصدار الأحكام المناسبة بحق المخالفين، وبالنهاية زيادة ضبط السوق وتحقيق جدية وتنسيق أسرع وأكثر فاعليةً بين جهاز حماية المستهلك والسلطة القضائية فيما يخص المخالفات في الأسواق والمحال التجارية وغيرها، وبخاصة لجهة الاطلاع المستمر على الخلاصات القضائية بحق المخالفين الذين يتم إحالتهم للقضاء، وكيفية متابعة هذه المخالفات واستمرار معالجتها.

رسالة ضمنية أخرى

العدل في كتابها المذكور أعلاه، لم تضع حداً للشطط الحكومي في الدعوة مرةً أخرى، لإعادة العمل بالقوانين الاستثنائية، بعد أن سنين طويلة من المعاناة منها، بل وضحت ضمناً: أنه تم إحداث محاكم جزائية تموينية بدائية واستئنافية مختصة بالقضايا التموينية، وهو ردّ على الدعوات والمطالب التي تقدمت بها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بأن يصار إلى نقل مقار هذه المحاكم إلى مديريات التجارة الداخلية على ما يبدو، وهو ضمناً فيه تأكيد على الحصانة القضائية ومبدأ سيادة القانون، حتى على مستوى المكان المخصص للمحاكمات، وحصانة قوس المحاكم، وبأن هذا القوس القضائي قادر على ممارسة مهامه في مكانه، ووفقاً للقوانين الصادرة والمعتمدة.

أعذار ومبررات لتغطية فوضى السوق

لعله بات من الضروري إعادة النظر بالقانون 14 لعام 2015، الخاص بحماية المستهلك، وخاصةً على مستوى الجزاءات المقترنة بالمخالفات، وخاصة الجسيمة منها، وربما بحاجة لزيادة عدد القضاة والمحاكم المختصة بالنظر في القضايا التموينية، مع ضرورة إعادة النظر بالتعليمات التنفيذية الصادرة، والقرارات الناظمة لعمل مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وخاصة الضابطة التموينية، وعناصر حماية المستهلك والمهام الموكلة لهم في الأسواق، من أجل كبح الفوضى السائدة فيها، وخاصة ناحية السعر والمواصفة، وهو ما بات واضحاً القصور فيه على مستوى حركة السوق والعرض والطلب والاحتكار.

أما أن يصار إلى تغليف هذا القصور والتراخي، تارةً بالحديث عن التشدد بالإجراءات عبر الانتكاسة والعودة لقوانين الطوارئ، وتارةً بطلب بنقل مقار المحاكم، وغيرها من المبررات الشكلية دون الغوص بعمق المشكلة وحلها فما هو إلا نوع من التهرب من الحل وتسويفه.

ولعل جوهر ما يجب أن ينظر إليه أثناء التعديلات التي يعمل عليها، هو عدم محاباة أصحاب الأرباح، ومن خلفهم من المستفيدين والفاسدين، على حساب بقية المواطنين من المستهلكين، الذين يسحقهم السوق يومياً بأسعاره المنفلتة جنوناً، وبتصاعد مستمر دون رقيب أو حسب، وببضائعه الرديئة من حيث الجودة والمواصفة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
800