رغم كل التطبيل والتزمير.. معيقات الاستثمار والتنمية في دير الزور أكثر من المحفزات!

لطالما عقدت الحكومة السابقة (حكومة عطري) المؤتمرات تحت يافطة «الاستثمار» بهدف استقطاب رؤوس الأموال سواء العربية منها أو الأجنبية أو من العرب السوريين المغتربين في الخارج، وذلك بغية تشجيعهم على إقامة مشاريع استثمارية تخدم الوطن والمواطن معاً، ولم تترك الحكومة السابقة منبراً إعلامياً إلا وصرحت عبره أنها ستسعى لتقديم  جميع التسهيلات لإجراء ما يلزم، والحد من الروتين والبيروقراطية والرشوة والمحسوبيات في التعامل مع طلبات المستثمرين لإغرائهم مع تقديم مميزات استثمارية غير موجودة في الدول الأخرى لإعادة الثقة لدى المستثمرين هذه الثقة التي اهتزت بعد ممارسة بعض الوزراء والمدراء وحتى الموظفين أعمالاً  تشبه السمسرة وضغوطاً لنيل حصتهم في أي مشروع سيقام على قانون الاستثمار.

الحكومة «الراحلة» بشرت أهالي المنطقة الشرقية بأنهار من العسل بعد أن عقدت مؤتمر الاستثمار في دير الزور من أجل تنمية المنطقة الشرقية في كل من (دير الزور، الحسكة، والرقة) لاعتبارات عدة، وأهمها وجود الشروط الاستثمارية المطلوبة كبيئة خصبة للاستثمار من جميع النواحي.
لقد رحلت الحكومة «روحة بلا رجعة»، دون أن تحقق أي شيء على أرض الواقع، فلم تقم أية مشروعات استثمارية، ولم تشهد المنطقة أية تنمية تذكر، وذهبت أحلام الشباب الباحثين عن العمل أدراج الرياح، حيث كانت مقولة خلق مناخ استثماري جاذب كذبة كبرى اختلقتها الحكومة، واصطدم بها بعض المستثمرين الذين بذلوا جهوداً مضنية لإقامة مشروع هنا أو هناك ما يعوقها ويصدها بمائة حجة واهية.

مشاريع استثمارية وعوائق بالجملة
في هذه المادة سنسلط الضوء على حال بعض المستثمرين الذين عملوا من أجل إقامة مشروع استثماري، لكن العوائق كانت كثيرة، وأهمها وجود فجوة بين المستثمرين من جهة، وبعض الجهات الإدارية المعنية بتبسيط الإجراءات أمام أي مشروع استثماري من جهة أخرى.
وكان تصريح إحدى الشركات العربية التي شاركت في أحد المؤتمرات الاستثمارية أمام الوسائل الإعلامية المختلفة صفعة في وجه كل مسؤول عن ذلك، حيث أن «العوائق التي تواجهها لإنجاز الإجراءات المتعلقة بالمشروع كثيرة ومعقدة ولا يكترث بإزالتها أو تجاوزها، ولهذا قد تجد نفسها أمام خيار اللحاق بالآخرين والرحيل أيضاً في حال لم تجد من يزيح من أمامها البيروقراطية وغير البيروقراطية».‏

الحالة التي نحن بصددها بعد مرور كل هذه السنوات أنه وبناء على تلك المؤتمرات التي طبلت وزمرت للاستثمار تقدم عدد من المستثمرين يفوق عددهم العشرة لتشميل مشاريع استثمارية أغلبها يدور حول تربية المواشي والماعز وتسمين الخراف، وتصنيع جبنة القشقوان، وإنتاج دريس الفصة، وزراعة النخيل والأشجار في البوكمال، حيث تم تشميل هذه المشاريع على القانون /10/، وبعد ذلك استكملت كل الشروط، وصدرت قرارات من وزارة الزراعة بالترخيص أصولاً... وتم الكشف على الأرض من  أملاك الدولة، وصدرت موافقة من وزارة الري بحفر الآبار لاستجرار المياه اللازمة.‏ حسب الوثائق التي بحوزة هؤلاء المستثمرين، وهي موثقة بتواقيع وموافقات الوزارات المعنية كافة، إذ يوجد قرار صادر عن رئيس مجلس الوزراء رقم 1340 تاريخ 22/9/2002 تضمن الموافقة على منح تراخيص حفر بئر من  وزارة الري للمشاريع المشملة بقانون الاستثمار رقم 10.‏ وبالمقابل أصدرت وزارة الري قرارات موافقة على حفر آبار لهؤلاء المواطنين المشملة مشاريعهم. للتذكير نذكر منهم القرار رقم 460 تاريخ 8/2/2007، العائد للمواطن حميد جديع الخلف كجهة مستثمرة.

‏ مدير يخالف قرار وزير
المستثمرون، وبعد أن استكملوا وحصلوا على كل الإجراءات والموافقات اللازمة، صدموا بقرار مدير زراعة دير الزور الذي امتنع عن تسليمهم الأرض المخصصة لهذه المشاريع، ويؤكدون في كتبهم ومراسلاتهم أن مدير الزراعة كان قد أرسل بنفسه كتباً إلى وزارة الزراعة يعلن فيها موافقته على تأجير الأرض، لكن ولغاية في نفسه غيّر موقفه تارة تحت حجج إدارية وقانونية وفنية، وتارة أخرى بسبب المياه، ووجوب تقديم أو انتهاء الدراسات حول الحوض المائي فضلاً عن اختراعه لأسباب لا دخل لها بتلك المشاريع حسب شهادات المستثمرين أنفسهم،‏ كما أن وزير الزراعة الذي كان وقتئذً «عادل سفر» رئيس الحكومة الحالية كان قد أصدر عدة قرارات منها القرار /2447/ تاريخ 24/2/2008 القاضي بالموافقة على الترخيص للسيد فايز الجابر الزعين لإقامة مشروع تربية الماعز الشامي وتسمين ذكورها وتسمين الخراف وتصنيع جبنة القشقوان والقريش ودريس الفصة، بعد أن شمل مشروعه ضمن مشاريع من المجلس الأعلى للاستثمار.

المستثمر الضحية وسنوات الضياع
أحد المستثمرين زارنا في مكتب «الجريدة» بدمشق وفي قلبه حسرة وأسف لضياع كل هذه السنين سدى على مشروع عقد عليه آمالاً كبيرة لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال، مؤكداً أن مدير زراعة دير الزور لم يكتف بتجاوز صلاحياته بوقف المشاريع الاستثمارية المشملة على القانون رقم /10/، بل تعداها إلى ممارسة صلاحيات وزير الزراعة بإصدار قرارات نزع اليد أيضاً،‏ وذلك حسب قرار وزير الزراعة الذي أصدر القرار رقم  /3204/ تاريخ 23/10/2005، والذي ألغى بموجبه تفويض السادة المحافظين من التوقيع على قرارات نزع اليد،‏ لكن مديرية الزراعة بدير الزور استمرت بإعداد مشاريع القرارات الخاصة بنزع اليد غير آبهة بقرار الجهة الأعلى منها. والسؤال الذي يطرح هنا: ألا تعتبر قرارات نزع اليد الصادرة عن مديرية زراعة دير الزور والمصدقة من المحافظة باطلة قانوناً بعد صدور قرار وزير الزراعة الذي ألغى بموجبه التفويض الممنوح للمحافظين؟ ويتابع المستثمر حديثه قائلاً: إن كانت المديرية مع القانون عن حق، فلماذا قامت بنقل أراضي أملاك دولة التي تقع على طريق عام دير الزور- دمشق والتي تبعد 22كم عن دير الزور بشكل مخالف للقانون إلى مجلس مدينة دير الزور؟ مؤكداً أنهم مع القانون لأنه يحظر نقل عقارات أملاك الدولة إلى مجالس المدن إلا بعد دخولها التنظيم، وجميع الأراضي المنقولة تقع خارج المخطط التنظيمي المعتمد.

إن جميع من توافدوا على إدارة هيئة الاستثمار أكدوا في لقاءاتهم أن التوجيهات واضحة بخصوص تشجيع الاستثمار، منوهين بعدم وجود أي مانع أو مبرر قانوني لعدم تسليم الأرض للمستثمرين خاصة وأن الوزارة أجرّت سابقاً مساحات واسعة في  السياق نفسه
 

قرارات تعجيزية
أخيراً، وبعد مرور كل هذه الفترة، راجع المستثمرون الجهات المعنية ثانية لاستكمال إجراءات التأجير للعمل على استكمال التراخيص بغية المباشرة باستثمار مشاريعهم، لكنهم تعرضوا مرة أخرى للكثير من المعوقات التي حالت دون حصولهم على موافقة وزارة الزراعة على التأجير، وفوجئوا بصدور تعميم وزير الزراعة تحت الرقم /3060/ م.د تاريخ 9/6/2010 الذي تم بموجبه إعاقة عمليات أراضي أملاك الدولة للمشاريع المشملة بشكل مباشر واستثمارها على مبدأ المشاركة مع الدولة.
واستناداً على التعميم تم إيقاف التأجير، علماً أن جميع القرارات مشملة قبل صدور التعميم المذكور، بالإضافة إلى أنهم تكبدوا خسارة مبالغ كبيرة عن التقدم لكل مشروع يقارب 50000 ألف ل.س.
المستثمرون وعبر «قاسيون» يناشدون الجهات المعنية بعدم شمولهم بهذا التعميم، والمطالبة بتعديل القرار الصادر الذي بموجبه يتم الموافقة على تأجير أراضي أملاك الدولة على أن لا تقل المساحة عن 1000 هكتار باعتباره قراراً تعجيزياً، وهذا بحد ذاته من غرائب قرارات وزارة الزراعة التي لا توافق على تأجير 100 هكتار أو أقل، في حين تتم الموافقة على تأجير 1000 هكتار، والسؤال أي مستثمر محلي هذا الذي باستطاعته استئجار هذا الكم؟ علماً أنه وحتى اللحظة لم تتم الموافقة على أي مشروع زراعي أو حيواني أو صناعي في المنطقة الشرقية على قانون الاستثمار، وذلك بسبب تعنت المسؤولين عن ذلك.
فهل تعدل الوزارة قرارها وتفتح الأبواب أمام المستثمرين المحليين من أبناء الوطن بعد أن أغلق الأشقاء جميع الأبواب؟ أم سيكون للمعترضين والبيروقراطيين كلام آخر؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
541