مجلس الشعب يسأل الحكومة عن زيادة الأسعار.. ويعتبر الموضوع منتهياً!!
بعد أن تقدم ثلاثة نواب مستقلين في مجلس الشعب طلباً لاستجواب الحكومة بسبب رفع الدعم عن العديد من المواد الأساسية وزيادة أسعارها، عُقدت يوم السبت في 25/5/2002 جلسة بحضور رئيس الوزراء والوزراء...
و فيما يلي نسجل مجريات تلك الجلسة التي تتحدث عن نفسها من بنفسها..
■ في البداية طلب رئيس مجلس الشعب من عضو المجلس السيد محي الدين حبوش أن يبين سبب طلبه استدعاء الحكومة وذلك سنداً للمادة (155) من النظام الداخلي للمجلس..
العودة عن الخطأ فضيلة!
■ استهل السيد حبوش حديثه بالقول: «نحمد الله أن حكومتنا الرشيدة وجدت أخيراً السبيل الصحيح.. وعذراً إن قلت: لم تجد هذا السبيل، بل الفضل للسيد الرئيس الذي نبهها لإعادة النظر بسعر أهم مادة وهي المازوت الذي سبب رفع سلع كثيرة..
والخبز تلك المادة التي يجب أن تبقى محاطة بخطوط حمراء وكذلك الطاقة الكهربائية وغيرها وغيرها... وبإعادة النظر بسعر المازوت كشف أن أصحاب القرار الاقتصادي لاعلاقة لهم بحياة الناس وقضاياهم، وذلك مؤشر خطير وهو أن الحكومة بعيدة عن حياة الناس. والخوف هو من صدور قرارات وقوانين أخرى أكثر إجحافاً وخاصة لذوي الدخل المحدود»...
وأضاف: الأكثر خطورة، أننا نسمع من جهات حكومية أنها تهدف الى ترشيد موارد الطاقة، ونحن نعلم أن من يهدرها هو مؤسسات الدولة وليس المواطن ذو الدخل المحدود...
الحكومة راحت تسحب السيولة المتبقية عند المواطنين لتزيد الركود ركوداً... يبدو أن الحكومة تسير على غير هدى ودون أخذ وقائع المجتمع والحياة بعين الاعتبار... كل ذلك أدى إلى حالة من السخط لدى المواطنين، لأن الزيادة جاءت على مواد أساسية وليس كما ادعت أنها طفيفة. فالطاقة الكهربائية زادت 120% ، فآي مواطن يستطيع أن يتحمل هذه الزيادة، و20% على البنزين، مو مشكلة، (وردد العديد من أعضاء المجلس: لأ مشكلة)، و40% على الغاز، و38% على الكاز، و37% على المازوت، و12% على الخبز، و33% على الأرز.. وغيرها... هذه الزيادات كان من المفروض أن تساعدها زيادة في الرواتب 100% في عطاء السيد الرئيس..
وفي ختام مداخلته قال: كل ذلك يستدعي الحكومة بالعودة عن خطئها، لأن العودة عن الخطأ فضيلة...
شرائح واسعة متضررة
■ ثم أعطى رئيس المجلس الكلام للسيد إبراهيم حورية، وهو العضو الثاني الذي طلب استجواب الحكومة.. ولم يتحدث بشيء!!.. فأعطي الكلام للمستدعي الثالث وهو السيد منير جانات، فتحدث عن الشرائح الواسعة المتضررة من الزيادة في الأسعار، مما أدى إلى ارتفاعات مختلفة على أسعار الخضار ونقل الركاب والبضائع والأقمشة والألبسة وعلى العديد من المواد الأخرى.. مما انعكس سلباً على وضع العاملين بالقطاع العام وبشكل أشد وطأة على العاملين في القطاع الخاص...
وفي الختام ناشد السيد جانات الحكومة بالعودة عن تلك الزبادات...
■ توجه السيد رئيس مجلس الشعب بالسؤال لرئيس الحكومة قائلاً: «إما أن ترد الآن أو تستمهل لمدة خمسة أيام، وذلك حسب النظام الداخلي للمجلس»!.
زيادة الأسعار هدف تنموي!!
■ وقف رئيس مجلس الوزراء وتوجه الى المنبر وبدأ حديثه بالتحية والتقدير للعلاقة بين المجلس والحكومة.. وعرض بعض الأرقام حول الموازنة العامة للدولة وبيان الحكومة.. ثم قال: كل ذلك للإجابة على سؤال محي الدين حبوش، ماهي الأهداف من زيادة الأسعار؟.. الأهداف تنقسم الى عدة أقسام:
1 - هدف تنموي: فإذا أبقينا على الموازنة الاستثمارية بهذا الحجم لانستطيع تلبية الحد الأدنى من طلباتكم وطلبات المحافظات للتنمية...
2 - بهدف تدعيم قدراتنا التنموية والموازنة الاستثمارية، وتأمين الاستجابة للحد الأدنى المطلوب لقواتنا وللدفاع.. في مواجهة العدو الصهيوني في هذه الظروف...
3 - إن زيادة أسعار المحروقات تمكننا من تحقيق أهداف إدارية.. فنحن نحد تركيا ولبنان والأردن... فمثلاً هناك 300 ألف أسطوانة غاز دخلت الى سورية وهي مخالفة للمواصفات (ضجيج في القاعة وأصوات تقول: لماذا يدفع الشعب تبعات عمليات التهريب هذه مهمة الحكومة!!).. فأضاف: أرجو آن تساعدونا للتعامل مع الحقيقة، ونحن نبذل جهوداً كبيرة لمكافحة التهريب، نحن طرف واحد ولسنا طرفين... يجب أن يساعدنا التسعير على الضبط الاداري، وخاصة المواد التي تتمتع بفارق كبير بالأسعار بين سورية والدول المجاورة!!..
وأضاف: هناك ضرورة لزيادة موارد الموازنة من كافة القطاعات... فالموازنة القوية هي البرنامج لأي خطة.. وفي مقدمة مهامنا الضغط على الإنفاق الاداري.. والإطار الثاني الذي نعمل به هو استثمار الامكانيات التي بين أيدينا بشكل أمثل ودعم القطاع العام وتخليص القطاع المشترك من صعوباته والإفساح أمام القطاع الخاص للاستثمارات عن طريق تحسين مناخ الاستثمار وإصدار القوانين المناسبة والتشريعات الضريبية لتلبي حاجيات البلاد ودعم التصدير، وأقرت الحكومة برنامجاً لذلك.
هذه هي الأهداف التي رأت الحكومة تنفيذها من خلال زيادة الأسعار، ورافقت الزيادة في الأسعار زيادة الأجور التي أتت في قسم صافي للأجور ليس له علاقة بما زاد، فأعطي 250 ليرة للمحروقات إضافة لرفع التعويض العائلي..
واختتم كلمته بالقول: إن الزيادة لها أهداف تؤكد على تنظيم الأسرة وتحقيق (ضجيج في القاعة).. وتابع: يجب أن يكون هناك تنمية سكانية موازية للتنمية الاقتصادية..
زيادات الأسعار تطرح قدرة شرائية جديدة!!
إن الزيادة في الأسعار تطرح سيولة شهرية تزيد التشغيل والانتاج وهذه الزيادات تطرح قدرة شرائية جديدة وتوازن بين الوارد والنفقات والتناسب بالأسعار وتصويب الأسعار والدعم، وهي قوة لموازنة الدولة تساعد على التنمية!!..
■ سأل رئيس مجلس الشعب: هل كان رد الحكومة كافياً؟!..
■ السيد حوري قال: اكتفيت!!..
■ السيد منير جانات قال: لم أكتفِ.. وأرجو المتابعة بالاستجواب..
■ السيد حبوش قال: كل الشكر للسيد رئيس الحكومة على البيان، مع احترامي للتبريرات فأنا غير مقتنع بها جملة وتفصيلاً. لم أكتفِ.
■ رئيس مجلس الشعب: في هذه الحالة نسمح لثلاثة بالتحدث من الموافقين على الاستجواب، وثلاثة ضد الاستجواب اختارهم أنا..
أخذ مصالح الناس بعين الاعتبار
■ العضو رشيد درويش: لست مع الاستجواب.. وتحدث عن الزيادات المضطردة في الرواتب من قبل السيد الرئيس... وحمَّل السيد وزير المالية مسؤولية عدم الدقة في الأرقام التي رفعها الى القيادة والحكومة.. وأن السيد الرئيس تعرف على تأثير زيادة أسعار المحروقات على حياة الناس فوجه الحكومة بإعادة النظر بهذا السعر، ونأمل أن يعاد السعر للغاز. فلا ضرورة للاستجواب بل بالاستمرار بأخذ مصالح الناس بعين الاعتبار..
سنكون في المرة الثانية أكثر دقة!!..
■ عاد رئيس الوزراء للحديث مجدداً قائلاً: خلال عامين جرت مكرمة زيادة الأجور.. زيادتين للأجور ومنحتين مع رفع حد الراتب التقاعدي.. والموازنة محدودة الموارد، وحسب المرجعيات المتاحة لي بالدستور والقانون ومن مجلس الشعب، مرجعياتنا هي ربط الأجر بالانتاج لزيادة الموارد والأجور، هذا أولاً. ثانياً مايمكن أن تحمله موارد الدولة. ثالثاً ليس مطلوباً بالموازنة أن تتحمل الأقطار المجاورة. ودراستنا يجب أن تكون أشمل كي تكون الزيادات في الأسعار مؤمنة في مرات قادمة عن طريق التعويض بشكل مناسب للمتضررين. وتأكدوا أنه لو كان بإمكان الموازنة أن تتحمل مرة ثانية زيادة رواتب دون زيادة أسعار لن نتردد.!!.. وزيادة الرواتب ستكلف 36 مليار في السنة وزيادة الأسعار تعيد 21 ملياراً..!!.. وهذا يعني أن زيادة الأجور هي زيادة صافية وتساعد على تحسين الأحوال... وسنكون في المرة الثانية أكثر دقة!!..
نتائج التهريب لاُتحمّل للناس!!
■ العضو أحمد قرنة: أنا فعلاً لست مع استجواب الحكومة، ليس لأنني أدافع عنها، ولكن أقول هذه لن تكون الغصة الأولى في طريق الحكومة ولن تكون الأخيرة، فالطريق طويل والأحمال ثقيلة.. ولا أقبل قصة الـ 300 ألف جرة غاز، ولا أُحمل التهريب للناس، ولا أتفق مع رئيس الوزراء بذلك...
العيب في التطبيق والتوقيت، فالناس عندما استبشرت خيراً بما قدمه السيد رئيس الجمهورية من زيادة الرواتب والأجور ورفع التعويض العائلي، يوم فرح الناس، بعد 24 ساعة سرقت البسمة.. فالتوقيت خاطئ، يجب أن يكون هناك توازن بالنسبة لما تعطي ولما تأخذ..
الزيادة في الأسعار قرار سياسي من أحزاب الجبهة
إن الزيادة في الأسعار هي قرار سياسي من أحزاب الجبهة، وما قام به السيد الرئيس هو إشارة للحكومة بأنكم تسرعتم..
■ ثم أعطى رئيس المجلس الكلمة للعضو هيفاء صقور التي هي أيضاً ليست مع استجواب الحكومة. (وحدث ضجيج في القاعة وخرجت أصوات تقول: إن رئيس المجلس يتمسك دائماً بالنظام الداخلي، وبهذه الجلسة لايطبق النظام الداخلي كما هو، وجرت المطالبة بتطبيق النظام بأن يبدأ الحديث أولاً من هم مع استجواب الحكومة. ولم يرد رئيس المجلس وتابع إعطاء الكلمة للعضو هيفاء صقور)..
■ تحدثت السيدة صقور عن العطاءآت التي لم ترافقها أي زيادات.. وأن الزيادات في الأسعار قد تؤدي لضبط السوق الداخلية... وأن المتضرر الوحيد هم الفلاحون...
المواطن لم يعد يحتمل
■ بعد انهاء مداخلات الأعضاء الثلاثة الذين ليسوا مع استجواب الحكومة، أعطى رئيس المجلس الحديث للثلاثة الذين هم مع الاستجواب. فأكد العضو محي الدين حبوش أنه مع الاستجواب ، ويسحب طلب الاستجواب إذا وعد رئيس الحكومة بأن يكون هناك تعديل بأسعار الطاقة الكهربائية، لأن الناس لاتحتمل الزيادات في الأسعار، وطالب بتشكيل لجنة لتخفيض أسعار الطاقة، واختتم كلامه بالقول: أنا لاأُحبذ الاستجواب وحجب الثقة، نحن نتكلم بمواضيع معاشية، والمواطن لم يعد يحتمل، وأنا أكتفي إذا كان هناك وعد بعدم الزيادة.
■ أعطى رئيس المجلس الحديث للعضو الثاني الذي يفترض أن يكون مع استجواب الحكومة، فكان اختياره للعضو ابراهيم حورية الذي كان قد سحب طلبه في الاستجواب في بداية الجلسة، ليؤكد مجدداً أنه يسحب استجوابه!!..
ضد الغلاء
■ اختار رئيس المجلس الكلام للعضو الثالث والأخير الذي مع استجواب الحكومة وهو العضو منير جانات الذي قال: أشكر من تحدث ضد الاستجواب لأنهم مع الشعب وضد الغلاء. لست فناناً بالكلام، ولكن أرى متاعب الشعب وأصر على الاستجواب إلاّ إذا وعدت الحكومة بالعودة عن الغلاء. اللهم إني بلّغت، اللهم إشهد!!..
ماتم، تم لمصلحة المواطنين!!
■ بعدها تحدث رئيس مجلس الشعب قائلاً: هناك من يضطر لها دون قبولها، كالعملية الجراحية المكره عليها. وأقول من موقعي بأن ماتم، تم لمصلحة المواطنين!!.. ولو أن زيادة في الأجور لم تترافق بنسبة معينة بزيادة الأسعار، كان زاد التضخم بالبلد وكانت قيمة الليرة أخفض مما هي عليه. ونحن لسنا ضد السلطة التنفيذية، فهي تمثل القرار السياسي!!..
■ تحدث وزير الكهرباء بأن الهدر في الطاقة موجود بنسبة فاقد فني.. وهذه النسبة لم تدخل نهائياً بزيادة شرائح الاستهلاك!!..
ليست الزيادة الأخيرة!!
■ رئيس الوزراء: اللجنة التي طلبها السيد حبوش اجتمعت فوراً ونفذت توجهات السيد الرئيس بالتخفيض للمحروقات، وطلبنا تشكيل لجنة ممثلة بالمالية والاقتصاد والتخطيط لدراسة الأسعار بشكل عام في سورية تحلل الأسعار والتكاليف، لأن هذه الزيادة ليست الأخيرة..
■ العضو عبد الله الأطرش: (نقطة نظام)، مع شكري وتقديري لرعاية السيد الرئيس للصغير والكبير طالما ينتمي الى هذه الأمة والشعب، أنا اعتبر أننا كلنا فريق عمل واحد وتوجهنا واحد، وكم انتقدنا هذه الحكومة وغيرها.. أأسف لأنك اخترت من يؤيد عدم الاستجواب من فئة واحدة!!..
■ رئيس المجلس: كلنا هنا من فئة الوطن. ليس بيننا غير مؤيد للوطن، وإن وجد أنت ستطرده خارجاً..
■ عبد الله الأطرش: لذلك أرى أنه انتقاص من حقي ومن حق غيري!!..
■ أحمد قرنة: كلنا نضع انتماءنا الحزبي خارج القاعة، وهنا نصبح جميعاً أعضاء مجلس شعب.. وفي مرات عديدة صوت البعثيون مع موقف أحزاب أخرى... وكلنا يعلم ذلك..
■ محي الدين حبوش: طلبت تشكيل لجنة، أرجو أن تكون النتائج سريعة يلمسها المواطن بشكل سريع. المهم تخفيف الأعباء عن المواطن. اكتفيت!!..
■ رئيس مجلس الوزراء: شكلنا لجنة مستمرة، وهذه ليست المرة الأخيرة التي ترفع بها الأجور، وإنما تأتي ضمن الاصلاح الاداري.. وبالتالي لاتناقض بين توجهاتنا ومطالب مجلس الشعب. وإذا قسنا خلال سنتين الاصلاح على الأجور والرواتب، ندرك أهمية معالجة مسألة الرواتب والأجور..
الموضوع منتهياً!!...
■ رئيس المجلس: (على السريع): بعد أن اكتفى الزملاء المستجوبون اعتبر الموضوع منتهياً. أرفع الجلسة الى يوم غد الساعة السادسة مساءً!!..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 176