الغاز: (السوداء) ترفع السعر.. ولا خطط حكومية ناجحة!
بعد الساعة الـ 12 ليلاً، فتح البائع قفل المستودع «كاللص» وباعنا اسطوانة غاز بسعر 3500 ليرة، بعد اتفاق مسبق معه خلال النهار عبر وسيط، بأن تتم عملية البيع ليلاً، كي لا يفضح أمره في الحي، بأنه يحتكر عشرات اسطوانات الغاز داخل المستودع، خاصة وأنه «حلف يمين للأغلبية أن الغاز مقطوع لأن السعر سيرتفع».
في المستودع بضع اسطوانات مصطفة، لكنه لا يريد بيعها، لأنه مقتنع بأن «الحكومة تدرس رفع سعر الغاز، نتيجة كثرة الطلب في الشتاء، وقلة الإنتاج». صحيح أنه يمتنع عن البيع، لكنه يبيع لمن يدفع أكثر من الزبائن المعروفين جداً بالنسبة إليه، وهكذا استطعنا الحصول على اسطوانة.
الحل الوحيد صعب المنال
يقول البائع: «في الشتاء، يزداد الطلب على الغاز أكثر من الضعف، وقد نبيع في اليوم الواحد ما نبيعه في شهر خلال الصيف، نتيجة استخدام المادة في التدفئة، فأنت تعلم شرط الحكومة للحصول على 200 لتر مازوت للتدفئة كدفعة واحدة، وهذا مكلف اليوم بعد رفع السعر إلى 180 ليرة للتر».
أغلب ذوي الدخل المحدود، غير قادرين على شراء 200 لتر من مازوت التدفئة بتكلفة 36 ألف ليرة سورية دفعة واحدة، وفي المقابل، تمنع الحكومة شراء بيدونات المازوت من الكازيات، بحجة أنها تسير الصهاريج إلى الأحياء لبيع المادة بالمفرق، لكن ذلك بات نادراً مع دخول فصل الشتاء، كما بات الحصول على تيار كهربائي متواصل نادراً اليوم، مايعني أن الغاز هو الحل الوحيد للتدفئة، والذي من المفترض أن يكون متاحاً بشكل أفضل، لكنه بات صعب المنال.
ذات الظرف وذات النفي
مع دخول فصل الشتاء من كل عام من أعوام الأزمة، يدخل السوريون ذات الدوامة، باحثين عن مصدر للتدفئة، ما يكشف ضعف قدرة الحكومة على تأمين حلول لمشاكل متكررة، في ذات الظروف والأسباب، وهذه المرة، كما كل مرة، نفت «محروقات» وجود أي نقص في المادة، وعزت المشكلة إلى زيادة الطلب من المواطنين، ونفت بدورها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وجود أية دراسة لرفع سعر المادة.
لكن، لايعير أغلب السوريين نفي الجهات الحكومية أي اعتبار، نتيجة تجارب سابقة، أثبتت زيف هذه التصريحات، وخاصة بما يتعلق بالمشاكل المعيشية الناجمة عن التقصير الحكومي، والتي يلامسها المواطنون يومياً، ولا تريد الحكومة بدورها الاعتراف بها، كي لا تثبت التقصير على نفسها، أو ربما هي فعلاً لا تراها.
السوداء ترفع السعر
ورغم نفي وزارة التجارة رفع سعر الغاز، إلا أن سعر الاسطوانة وصل في السوق السوداء إلى 3500 ليرة، بزيادة حوالي 1000 ليرة عن سعر المراكز الحكومية المحددة بـ 2500 ليرة، علماً أن مخزون هذه المراكز بات ينفذ مع ساعات النهار الأولى، وحتى السيارات الجوالة التي من المفترض أن تبيع الغاز بسعر 2650 ليرة، لم تستطع التواجد يومياً لتأمين طلبات المواطنين، مقتصراً عملها على مرة واحدة في الأسبوع لكل منطقة.
بدوره، أكد رئيس جمعية معتمدي الغاز، محمد سليم كلش: أنه يتم حالياً توزيع نحو 3 آلاف أسطوانة غاز في أحياء دمشق يوميا،ً وذلك عبر سيارات جوالة إضافة إلى عمل المعتمدين، ذاكراً أن «التوزيع يتم أسبوعياً».
وفي كل عام، يقوم تجار السوداء بالاستعداد لفصل الشتاء، عبر تخزين المادة قبل مدة، ومن ثم احتكارها لبيعها بسعر مرتفع، بينما لم تستطع الحكومة حتى اليوم، اتخاذ وسائل وتدابير تحل المشكلة جذرياً، كنوع من الاستعداد لهذا الفصل.
نظرة غير استراتيجية
هذا العجز في تأمين طلب المواطن الذي يبحث عن الدفء، وسط حديث عن رفع رسمي لسعر الاسطوانة، واعلان السوق السوداء تعديل السعر، يؤكد ضعف النظرة الاستراتيجة للحكومة، رغم تكرار الظروف ذاتها مع كل عام، ويؤكد ضعف الرقابة الممارسة، حتى على مراكزها الرسمية.
منذ عام 2014، وعدت محروقات برفع انتاج الغاز إلى 40 ألف اسطوانة غاز يومياً لدمشق وريفها، لتأمين الطلب المتزايد على المادة خلال فصل الشتاء، وبعد مرور عامين، ودخول فصل شتاء 2016، زاد الإنتاج 3 آلاف اسطوانة يومياً فقط، وبعد تفاقم المشكلة، أكدت نيتها رفع عدد اسطوانات الغاز إلى 51 ألف اسطوانة يومياً، لكن رغم ذلك، فالحاجة أكبر من هذا الرقم بكثير.
مشكلة في المستورد
تؤكد مصادر من «محروقات» لـ «قاسيون»، وجود فجوة كبيرة بين الطلب والعرض، كون الإنتاج المحلي لا يغطي 50 إلى 60% من الحاجة في فصل الشتاء، مشيرةً إلى تأخر وصول كميات الغاز المستوردة والتي تؤمن جزءاً مهماً من الحاجة.
وطالبت من جهتها جمعية معتمدي الغاز برفع الإنتاج بنسبة تتناسب وازدياد الطلب الكبير على المادة فصل الشتاء، وكشفت عن عدم قدرة بعض المعتمدين من الحصول على الغاز، علماً أن عدد المعتمدين العاملين بدمشق يصل لـ200 معتمد.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 787