حلقة جديدة من مسلسل خصخصة البلاد: شكل جديد من أشكال ظاهرة جامعي الأموال الحكومة تسلم زمام الأمور لبائعي الهواء وأصحاب الاستثمارات الضارة بالبيئة والإنسان!!
■ مشتركو شركتي الاتصالات دفعوا مبالغ باهظة.. يفترض أن يستحقوا عليها فوائد مركبة متراكمة كمساهمين حسب قيمة أسهمهم بتاريخ اشتراكهم مع حساب الأرباح المترتبة لهم منذ بدء الاشتراك..
■ حلال النماء.. أم«نماء» الحرام؟!..
■ شركات تعلن الاكتتاب على أسهمها دون رقابة أو قوانين.
■ إعلانات تملأ الطرقات.. لعملية احتيال علني.
■ أسهم خلبية لشركات تفتقد للمصداقية ؟.
تعوّل قوى السوق المحلية المرتبطة بقوى العولمة المتوحشة، وعلى رأسها الامبريالية الأمريكية، على تحقيق مزيد من الضربات باتجاه الاقتصاد الوطني، للهيمنة المطلقة على مقدرات البلاد.. وسرقة خيراتها بعد تجريدها من القيم الأخلاقية والاجتماعية كافة .. وتحويل القوى المنتجة إلى جيش من المهمشين العاطلين المترقبين الفرج من سخاء الاعلانات الطرقية والصحفية التي تبشر بقبر الفقر عبر المشاركة بأسهم تلك الشركات الرابحة!!..
وتستفيد تلك القوى من التردي في مجمل الوضع الاقتصادي الاجتماعي للبلاد.. لتصل إلى تحقيق برنامجها الاقتصادي الاجتماعي السياسي بكامله..
ويوماً بعد يوم، تصب العديد من القرارات الحكومية في مصلحة هذه القوى.. فمن العمل على خصخصة قطاع الدولة.. وطرح شركات عامة للاستثمار.. إلى تحرير استيراد العديد من المواد التي كانت محظورة لأسباب اقتصادية ووطنية.. إلى إقامة العديد من المنشآت الخاصة الضارة بالبيئة والإنسان والمخالفة لأبسط الشروط الصحية والبيئية.. إلى وإلى...
ودون رقابة أو قوانين.. أنشئت العديد من الشركات لسوق الأوراق المالية بعد أن بدأ العمل بنظام (البورصة) وأسواق المال قبل أن يصدر قانون ناظم لعمل مثل هذه الأسواق..
وشهدت البلاد خلال الشهر الجاري الإعلان عن طرح عدة شركات خاصة كبيرة للاكتتاب العام، وبدأت ببيع أسهمها للمواطنين، ومن أهمها شركة (سيريتل موبايل تيليكوم) للاتصالات التي يبلغ رأسمالها حوالي 25 مليون يورو، وشركة (النماء) الصناعية التي افتتحت باب الاكتتاب العام مؤكدة أن حساباتها تخضع لتدقيق واحدة من كبريات شركات التدقيق العالمية.
مزيد من عمليات النصب والاحتيال..
ومن الواضح أن أمثال تلك الشركات تفتح الباب على مصراعيه لمزيد من عمليات النصب والاحتيال.. وهذه النماذج من جامعي الأموال ليست جديدة ضمن تجارب العديد من الدول بعد انهيار منظومة الدول الاشتراكية في بلدان أوروبا الشرقية حين بدأت في عملية انتقالها لاقتصاد السوق.. والمثال المصري مازال ماثلاً للعيان بعد أن ابتلعت حيتان السوق بيضة الاقتصاد المصري وقشرته ليزداد الفقراء فقراً والأغنياء ثروات فاحشة على حساب لقمة الشعب المصري وكرامته الوطنية..
المشكلة لاتكمن فقط في أن سورية لا تملك أي قوانين تحكم عمل مثل هذه الاكتتابات، ولا هيئات داعمة تضمن شفافية عمل هذه الشركات وتدقيق ومطابقة ما تنشره عن أرباحها وصحة موجوداتها، ولا محللين ماليين يكتبون عن تفاصيل الأسهم والإدارة، معتبرين أن ما يحدث لا يخلو من الفوضى خاصة وأن عملية إصدار الأسهم وبيعها يعتبر واحداً من أخطر العمليات الاقتصادية. جوهر المشكلة أن هذه الشركات تقوم بهضم حقوق أصحاب الأسهم دون أي رادع أو رقيب.. فشكل استثمار الهاتف الخليوي يعتبر نموذجاً صارخاً للنهب الطفيلي، حيث أن قيمة الإشتراك الشهري 600 ل.س، أي 7200 ل.س سنوياً.. وقيمة الدقيقة الواحدة بين نقال وأرضي 6 ل.س.. وبين نقال ونقال 4 ل.س.. ويحسبون جزء الدقيقة دقيقة كاملة!!.. ولا بد في هذا المجال من المطالبة بتوحيد أجور دقيقة الهواء بين الخليوي والأرضي (أي 2 ل.س)، وحساب الزمن بالثانية وليس بالدقيقة، وإلغاء قيمة الإشتراك الأساسي، واعتبار الاشتراكات السابقة أسهم للمشتركين.. فالمشتركون في شركتي الاتصالات الذين سبق لهم ودفعوا مبالغ باهظة لقاء تلك الاشتراكات (والتي بدأت بمبلغ 60000 ل.س)، لم تحسب هذه المبالغ أسهماً لهم والتي يفترض أن يستحقوا عليها فوائد مركبة متراكمة كمساهمين حسب قيمة أسهمهم بتاريخ اشتراكهم مع حساب الأرباح المترتبة لهم منذ بدء الاشتراك..
تحويل بقدرة قادر!!..
وفي هذا المجال طالب خبير اقتصادي سوري شركة «سيرياتل» للهاتف الخلوي والحكومة السورية بتوضيح الأخبار التي تحدثت عن تحويل الشركة إلى شركة مساهمة. و«سيرياتيل» مسجلة كشركة مساهمة مغفلة مركزها ريف دمشق، ويبلغ رأسمالها 1.5 مليار ليرة سورية. وأعلنت الشركة بتاريخ 15/9/2004 عن طرح أسهمها للاكتتاب العام، ممهدة لذلك بحملة إعلانية ضخمة تحدثت عن نسب النمو العالية في أرباح الشركة والتوقعات المتفائلة بالنسبة لنمو الأسهم. وتبلغ قيمة السهم الاسمية 25 ليرة سورية.
وقال الخبير: «أطلب من سيرياتل والحكومة السورية إيضاح الملابسات التي أدت إلى إعلان تحويل الشركة إلى شركة مساهمة، وكيف تم التخلص من العقد القديم الذي وضع على نظام (بناء - تشغيل - نقل ملكية) ( (B●T أي الاستثمار إلى أجل مسمى على أن تعود ملكية الشركة إلى الحكومة».
وتابع الخبير الاقتصادي قائلاً: «لم أسمع في حياتي المهنية كلها بأن شركة استثمار مؤقتة تتحول إلى شركة مساهمة يفترض أنها شركة غير محددة بتاريخ معين».
يشار إلى أن عقد الشركة الاحتكاري المثير للجدل، ينتهي عام 2008 أو بوصول عدد المشتركين في الشركتين المقدمتين للخدمة في سورية إلى 1.7 مليون مشترك، ويبلغ الآن العدد نحو 1.3 مليون مشترك.
ودعا الخبير إلى التريث ريثما تتضح الصورة، مشيراً إلى أهمية نشر قواعد محددة وواضحة تكفل حماية حقوق المساهمين، لا سيما أنه حتى الآن لم تتأسس سوق للأوراق المالية، التي توقع رئيس اتحاد الغرف التجارية السورية راتب الشلاح أن تظهر إلى الوجود منتصف العام القادم (2005).
إدعاءات لا يعترف بها المصرف
وتطرح بعض هذه الشركات أسهمها للبيع مدعية أن أرباحها مضمونة لأكثر من 14 % وأن أموال المستثمر مكفولة من قبل المصرف التجاري السوري (الأمر الذي لا يعترف به المصرف).
وكان رئيس اتحاد غرف التجارة السورية وعضو اللجنة المكلفة بإنشاء سوق الاوراق المالية د. راتب الشلاح قد أشار إلى أن سوق الأوراق المالية سيكون محدثاً قبل منتصف العام القادم بشكل نهائي، مشيراً إلى أن السوق سيكون بإدارة مستقلة كليا وتحت مراقبة وتنظيم وتوجيه الجهات المعنية، وأن اللجان المختصة تدرس تجربة بعض الأسواق المعروفة وخاصة بورصتي استنبول وعمان. مؤكداً على أهمية ما بدأت به بعض الشركات بطرح أسهمها للاكتتاب...
وكانت الحكومة قد قررت في إطار الإصلاح الاقتصادي والتحديث، الموافقة على إنشاء سوق الأوراق المالية في سورية، تحت لافتة «إعطاء دور أكبر للقطاع الخاص ليقوم بدوره في عملية التنمية»، معتبرة «سوق الأوراق المالية ركناً هاماً من أركان اقتصاد السوق»، خاصة بعد أن سمحت للمصارف الخاصة بالعمل فيها بعد منع دام أكثر من 40 عاماً.
نداء عاجل..
وفي هذا الصدد، وجه أحد المهتمين بالشأن الاقتصادي نداءً عاجلاً لكل من تهمه مصلحة البلد، عبر نشرة «كلنا شركاء»، يفضح من خلاله حقيقة أسهم مجموعة دعبول (النماء)..
جاء في الرسالة: كنت أرغب في نشر هذه الدراسة مع كامل الوثائق في الصحف السورية المطبوعة كونه يمكن نشر عدد كبير من الوثائق والجداول بشكل واضح وقابل للتداول كي يصل لصغار المكتتبين الذين لا يعرفون ماذا يجري إلا من خلال الإعلانات والدعايات التي غزت كل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية في ظل تعاون حكومي رسمي خفي سمح بهذه التجاوزات الكبيرة في ما يقال في نصوص الإعلانات، والتي تخالف مبادئ أي قانون يتناول هذا الموضوع، وكذلك في ظل غياب أي رقابة على ما يقال أو ينشر من معلومات مضللة ....المهم أنني لم أستطع نشر هذه الدراسات والوثائق بسبب كون تلك الوسائل الإعلامية كلها إضافة لبعض المواقع الإلكترونية قد نشرت و بأرقام كبيرة دعايات لهذه الأسهم وبالتالي قد لا ترغب في نشر ما يخالف ذلك...
مخالفات.. وتعاطف حكومي!!
وأورد العديد من الحقائق.. مؤكداً أنه ليس لديه معرفة أو علاقة مع مجموعة دعبول أو أصحابها أو أقاربهم أو أي من تضارب المصالح معهم.. وثقته بأنه إذا ما كانت التجارب الأولى لسوق الاوراق المالية فاشلة فإن سمعة السوق السورية ستبقى سيئة لسنوات طويلة مما سيسيء للاقتصاد الوطني بشكل كبير.. وأنه يبدو واضحاً بأن هناك تعاطفاً حكومياً كبيراً مع الإعلانات وغض نظر كبير تجاه عدد من المخالفات:
-1 إدعاء الإعلان في الإذاعة بأن أموال المكتتب مضمونة من المصرف بدون أن يصدر بيان من المصرف ينفي ذلك ؟.
-2 نشر مقابلات صحفية ومقابلات تلفزيونية مع أشخاص ليس لديهم الميزانيات الختامية وتحليل شركة ارنست اند يونغ ولم يقوموا بتحليل الأرقام الواردة فيها ؟؟!! .
-3 نشر دعاية مضللة تضم معامل مجموعة دعبول كاملة بينما المطروح على الاكتتاب هي فقط ثلاثة معامل منها، والتي يتم تجديد أحدها بسبب استهلاكه نهائياً..
وأضاف: تبدو صدفة مثيرة للتساؤل أن تطرح أسهم شركتين تباعاً وكلاهما طلبتا الدراسة والتقييم لدى نفس الشركة (ارنست اند يونغ) وكانت نتائج الربح نفسها 14 % ؟؟.
أكبر من خطأ
وأوضح العديد من المعطيات ليضعها أمام المسؤولين كي يتحملوا مسؤولياتهم وخصوصاً رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية بصفته( رئيس لجنة وضع قانون سوق الأوراق المالية) راجياً منهم طلب صورة عن الميزانية لعام 2003 لشركة «نماء» ودراسة شركة ارنست اند يونغ وعرضها على لجنة الأوراق المالية وجمعية المحاسبين القانونيين وكلية الاقتصاد ليتبين لهم حجم الأخطاء القاتلة في التقييم (مع عدم رغبته في استخدام كلمات أكبر من خطأ وترك ذلك لمن سيدرس الإضبارة)..
-1 تشير الإعلانات (هل ترغب بنسبة ربح صافٍ حوالي 14% ( بينما الحقيقة أن دراسة ارنست اند يونغ تبين ان %14 هو رقم معدل الحسم discount rate ) وهو معدل مفترض ومستقبلي وبالتالي فإن نسبة الربح معدل العائد على حقوق الملكية الأسهم يساوي 7.5% فقط..
-2 طرحت مجموعة دعبول للاكتتاب فقط شركة النماء وهذه الشركة مؤلفة من ثلاث شركات (مشروع إنتاج العبوات البلاستيكية – مشروع إنتاج المنظفات الخاصة والصناعية – مشروع إنتاج مادة سيليكات الصوديوم) علماً أن معمل البودرة قد اهتلك تماماً لأنه منشأ عام 1990 ويفترض استبدال آلاته من الاهتلاكات 319 مليون ل س والتي لا يعرف مصيرها ؟... والسؤال: لماذا طرحت المجموعة فقط هذه المعامل القديمة بينما في إعلاناتها تركز وتضع صور كل معاملها لتشويش المكتتب ؟!.
-3 عدد الأسهم المطروحة للاكتتاب 1.055.000 سهم من أصل 4.212.000 سهم بقيمة اسهمية 100 ل س للسهم الواحد وعلاوة إصدار 545 ل س ؟؟!..أي أن المكتتبين سيدفعون 680 مليون ل س بدلاً من 105 ملايين ل س ؟.
-4 تم الطلب من خبير محلف لدى محكمة البداية المدنية في داريا بإعادة تخمين قيمة الشركة، فقدر قيمتها السوقية بـ 2.614 مليار ل س بينما رأس المال الفعلي هو 421 مليون ل. س؟.... وتم ذلك دون ذكر للالتزامات المترتبة على الشركة (ديون – قروض) .. كما أنه اخذ القيمة السوقية للمنشأة بعد خمس سنوات (في نهاية 2008) حيث أخذت القيمة الحالية الختامية + القيمة النقدية المحسومة للتدفقات المفترضة ؟؟!! ...حتى وإن كانت هذه هي قيمة الشركة فعندها لا يجوز سحب هذه الزيادة على زيادة رأ س المال البالغة 105 ملايين فعلاً بينما سيتم أخذ 680 مليوناً من المواطنين؟.
-5 أصول الشركة مرهونة لقرض طويل الأجل حصلت عليه الشركة ؟.
-6 هل يعلم المكتتبون انه تم تقييم قيمة العلامة التجارية بمقدار 800 مليون ل س بينما أصول الشركة تبلغ حوالي 400 مليون فقط ؟.
-7 بحسب دراسة الجدوى الاقتصادية وبحسب تحليل الميزانية فإن رأس المال العامل ضعف رأس المال الثابت تقريباً وهذا خلل واضح..
-8 المخزون الموجود في الشركة كبير وهو حوالي 402 مليون ل س (مواد كيميائية بودرة جاهزة) ويشكل هذا المخزون خطورة على الشركة لأنه عبارة عن مواد كيميائية لها فترة صلاحية محدودة.
-9 تفترض دراسة الجدوى الاقتصادية بأن المبيعات ستزداد من 524 مليون عام 2004 إلى 2.438 مليار ل س عام 2008 ... وهي تعتمد على بقاء سوق المنظفات السورية مغلقة أمام المنتجات العربية المماثلة خلافاً لمنطقة التجارة العربية الحرة؟...فعلى من تراهن هذه الدراسة؟!.. .وإذا ما فتح السوق فستهبط مبيعات الشركة ولن تزداد وعندها ستنهار دراسة الجدوى بالكامل
هل يقبل المحللون الماليون؟!
وتساءل: هل يقبل المحللون الماليون بالأرقام التالية المحسوبة من أوراق دراسة الجدوى والميزانيات ودراسات ارنست اند يونغ :
1 - نسبة التداول: 0.6 % أي أقل من الواحد والنسبة المقبولة مالياً هي بين 1.5 ـ 2.0%
2 - نسبة السيولة 0.34 بينما النسبة المقبولة مالياً هي بين 1.0- 0.8 %؟.
3 - نسبة الرفع المالي تزيد عن 230 % وهي يجب ألا تزيد عن 100 %.
4 - لدى استخدام طريقة اولتمان لتحديد نسبة الفشل للشركات والتي تعتمد على خمسة مؤشرات هي: نسبة رأس المال العامل / مجموع الموجودات، نسبة الأرباح المحتجزة / مجموع الموجودات، نسبة الإيرادات قبل الفائدة والضريبة/ مجموع الموجودات، نسبة القيمة السوقية لحقوق الملكية / القيمة الدفترية لمجموع الديون، نسبة المبيعات / مجموع الموجودات.
يتبين أن النسبة لشركة النماء هي 0.15 وهو قريب من الصفر بينما يجب أن يكون المعدل فوق 2.99 ليدل على نجاح الشركة أو فوق 1.81 ليدل على الفشل المتوقع وإذا كان دون ذلك فيدل على صعوبة يصعب حلها ؟.
ووضِعَ بين أيدي المهتمين جدولاً يضم بعض المؤشرات من ميزانية عام 2003 و الجداول الأخرى المتعلقة بالموضوع كافة..
روتوش اجتماعي
إن ممارسات تلك الشركات لم تتوقف على التزييف والاحتيال القانوني.. فمن جهة أخرى للموضوع، حاولت تلك الشركات إضفاء طابع المصلحة الاجتماعية العامة على أعمالها تحت ستار (المساهمة في الأرباح) والإيحاء بأنها ستحل مشكلة البطالة في المجتمع، وأنها ستؤمن لليد العاملة السورية فرصاً جديدة من العمل.. في الوقت الذي تلتف به الجهات المعنية على هذا الموضوع الهام والخطير من خلال طرحها لمفهوم «معدل البطالة الطبيعي»..
بطالة مستفحلة ومتزايدة
وفي هذا الصدد يرى الباحثون الاقتصاديون أن نسبة البطالة في سورية ستزداد بشكل مطرد سنوياً ولن تتمكن الحكومة والجهات الاقتصادية العامة والخاصة من استيعاب العاطلين الجدد عن العمل... وأن المعنيين يختلفون في تقدير الرقم الحقيقي لحجم البطالة متذرعين باختلاف تعريف المعيار المعتمد للبطالة. وهي وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2002 تبلغ 9.5% من مجموع قوة العمل، ووفقاً للمجموعة الإحصائية السورية تقدّر بـ 11.6 %، ووفقاً لهيئة مكافحة البطالة (قطاع عام) تبلغ 15 %، ووفقاً لهيئة تخطيط الدولة ترتفع النسبة لتصل إلى 17 %، فيما يؤكد الباحثون والمختصون أن هذه النسبة تبلغ 20 % في أحسن الأحوال وقد ترتفع إلى 23 % من إجمالي القوى العاملة في البلاد.
وتحاول الجهات المعنية الالتفاف على مسألة البطالة من خلال طرحها مفهوم «معدل البطالة الطبيعي»، وتتجاهل كلياً النسب العالية للبطالة في البلاد، وتعمل على إخفاء معطياته وأبعاده، ويتجلى ذلك بشكل واضح من خلال تضارب الأرقام السابقة حول حجم البطالة.
لمن نتوجه بالسؤال؟؟!!..
تساؤلات كبيرة يطرحها المهتمون والباحثون: هل نحن اليوم أمام شكل جديد من أشكال ظاهرة جامعي الأموال، والتي لا تزال آثارها السلبية تخيم على رؤوس الفقراء والأرامل وأصحاب الدخل المحدود ككابوس لايفارق هذه الشريحة من المجتمع منذ أكثر من عشر سنوات.. والجميع يحلم بعودة ماافتقده من نتاج حياته أو من ميراث متواضع ورثه عن الأجداد.. أين الحكومة مما يجري.. هل قرأت الجهات الوصائية ماكتب في الاعلانات من مغريات (استثمار حلال - أرباح صافية 14 - % ربح رأسمالي ( % 200.. ثم تتم محاورة المواطن الغلبان عن تأجيل زواجه والمشاركة بشراء الأسهم (من خلال إذاعة صوت الشباب..( ماهو دور المصارف بذلك وكيف سيتم ضمان حقوق المساهمين عندما تعلن هذه الشركات إفلاسها.. (وكل شيء وارد).. هل ننتظر حتى تقع الكارثة ونفعل مافعلناه في قضية جامعي الأموال.
أسئلة كثيرة تُنتج أسئلة أكثر.. والمحصلة:
إلى أين تتجه الحكومة بعد أن أعلنت (بقراراتها) الطلاق بالثلاثة مع مصالح مواطنيها!!.. وإن كانت ماتزال تدعي حرصها على المصلحة العامة؟!!..
هل يكفي الإدعاء.. أم أصبحت القلة القليلة من أرباب السوق وشطّاره (مصلحة عامة وعليا)؟؟!!..
هل يعطي إدعاء الحكومة بـ «معدل البطالة الطبيعي» (والذي ساهمت هي في خلقه)، الحق في إيهام الناس بالقضاء على هذه البطالة من خلال أسهم خلبية لشركات تفتقد للمصداقية على جميع الصعد؟؟!!.. وما حاجة الناس لمثل تلك الحكومة التي لم تعد تحرص على حقوق رعاياها بعد أن سلمت زمام الأمور لبائعي الهواء وأصحاب الاستثمارات الضارة بالبيئة والإنسان؟؟!!..
أسئلة كثيرة.. تُنتج أسئلة أكثر.. ويبقى السؤال الأهم: لمن نتوجه بالسؤال؟؟!!..
■ كمال مراد
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 230