مؤسسة عمران من جديد.. فساد علني... والجهات الرقابية آخر من يعلم!!
يبدو أن العديد من المواطنين، وحتى بعض التجار لا يعلمون أن مؤسسة عمران لديها مهام أخرى بالإضافة إلى عملها الرئيسي في بيع و توزيع الأسمنت، ومن أبرز تلك المهام إدارتها لعمليات استجرار واستيراد مادتي الحديد والأخشاب عن طريق التجَّار والمستوردين الوطنيين، حسب حاجة القطاعات التابعة لها، وخاصةً شركات ومؤسسات القطاع العام.
لكن الذي لا يعلمه الجميع هو أن التلاعب في عمليات توريد هاتين المادتين، لايتختلف كثيراً عن المخالفات التي تجري في بيع واستيراد مادة الأسمنت، فالطريقة المتفق عليها حسب تعاميم وزارة الاقتصاد ومؤسسة عمران تقضي بأن محاضر الاتفاق المبرمة بين طرفي البيع هي بالأمانة مع جميع المتعاقدين دون أي تفريق، لكن ما يجري على أرض الواقع مخالف لذلك تماماً، فبعض ضعاف النفوس في مديرية المواد يتلاعبون بالمناقصات بالاتفاق مع بعض الموردين، بعد أن يتم فتح جميع الطلبات المقدمة للمناقصة، والتعرف على جميع العروض والمبالغ، ليأتي بعدها دور المتعامل الخفي الذي يقدم عرضاً أقلَّ من عروض جميع المتقدمين، وأحياناً كثيرة يكون أقل منها بـ/25/ قرشاً فقط، وهكذا ترسو جميع المناقصات على شخص أو أشخاص بعينهم، وهذه مخالفة صريحة لشروط العقد التي تقضي بأن يقدَّم العرض ضمن ظرف المختوم، ولا يعلم به أحد إلا ساعة الإعلان عن النتائج النهائية للمناقصة.
لقد استخدم هؤلاء هذه الطريقة المخالفة للقانون منذ أواخر عام 2008 وحتى هذه اللحظة، والأنكى من كل هذا أن المواد المطلوبة للمؤسسة لا يتم استلامها وتنزيلها في مستودعاتها، بل يتم تسليمها للجهات الطالبة فوراً، دون إجراء أية فحوصات أو تحاليل، فالاستلام بالنسبة للحديد مثلاً يتم على أساس أنه عالي الشد فقط، في حين يجب التأكد من نوعه ومدى مقاومته ومصدره، ففي أحيان كثيرة يتم شراء الحديد على أنه أوكراني بينما في حقيقة الأمر يكون مصدره تركيا، أو يتم تسليم البواري على أساس أن سمكها /2.5م/ بينما يكون في الأصل /2 م/ فقط، وهكذا يتم التلاعب بنوعية المواد على حساب المصدِّر والمورِّد الوطني!
فلماذا لا يتمُّ إنزال وتسليم جميع المواد إلى مؤسسة عمران؟ خاصةً وأنها الجهة الرئيسية المخولة بكل عمليات البيع، أليس من الأهمية القصوى أن يتم فحص المواد وتحليلها قبل توزيعها على أي متعامل؟ أم أن الأمور تجري حسب مزاج الإدارة في مديرية المواد؟!!
ومن المفارقات الأخرى التي تمر دون أية محاسبة، أن العرض المطلوب يرسي على أحد التجار غير الموجودين أصلاً في اجتماع المناقصة، وهذا ما حصل أكثر من مرة، حتى أصبح أحدهم المستحوذ الرئيسي على معظم المناقصات، وخاصةً الدسمة منها، والتي تقدم له دون أي تأخير، بينما يتم تأخير طلبات زملائه أياماً متتالية، ولعل ما حصل مع المتعاقدين حافظ قندقجي ورياض زمزوم قبل أسابيع أكبر دليل على الطريقة التي تجري بها المناقصات، فبعد أن تعذر إرساء المناقصة على غيرهما، ألزما بشرط تعجيزي، حيث جاء في نص كتاب المؤسسة: «يرجى العمل على شحن الكميات المبينة أدناه إلى فرع الحسكة، وفق المواصفات المطلوبة، ومعها الثبوتيات اللازمة أصولاً، وهي ........الخ (على أن تصل الكمية يوم الأحد 10/5/2009 صباحاً)»!!
الطلب تعجيزي لعدة أسباب، أولها بعد المسافة بين محافظة الحسكة والميناء، وثانيها أن كمية الأخشاب التي طلبتها المؤسسة بحاجة إلى أكثر من /24/ ساعة لتحضيرها، وثالثها أن موافقة مؤسسة عمران جاءت يوم الخميس، والكميات يجب أن تحول يوم الأحد بأقصى سرعة، بينما المكاتب في الميناء تكون مغلقة في يومي الجمعة والسبت!!
وبناءً على هذه الأسباب قدم الموردان اعتذارهما عن تلبية الطلب، فتم فصلهما من عمليات التوريد للمواد بالأمانة، مما خلق مشكلة كبيرة بين الموردين والمؤسسة، حيث طلبا تحويل مشكلتهما إلى الرقابة المركزية لوضع حد لكل المخالفات التي تجري في مديرية المواد بالتعاون من بعض العاملين في مؤسسة عمران.
ويبقى السؤال معلقاً: إلى متى سيبقى التلاعب والفساد في تلك المؤسسة الأساسية في القطاع العام؟ وهل ستمارس الجهات الرقابية صلاحياتها، أم نفوذ الفاسدين سيستمر في التصاعد؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 408