الطلاب إلى المخافر... ثم إلى القضاء!!

«سوف أفشي لكم سراً: في هذا العام، وحسب التعليمات، سيشارك فرع مكافحة الإرهاب في الامتحانات العامة»..

يبدو أن هذا التصريح الذي أطلقه مدير تربية دير الزور عشية الامتحانات، والذي اعتبره البعض حينها نوعاً من المزاح الثقيل، قد تحقق حرفياً في امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية الموشكة على الانتهاء.
فقد فوجئ المواطنون عموماً، والتربويون وبعض أولياء الأمور خصوصاً، في كل من محافظتي حمص وحلب، برد فعل بعض الجهات التعليمية على الأساليب المبتكرة للغش التي استخدمها عدد من الطلاب في هاتين المحافظتين، إذ استدعى مدراء أربعة مراكز إمتحانية الشرطة لإلقاء القبض الطلاب المتهمين بالغش، فحضرت الشرطة وساقت الطلاب مخفورين، لتحولهم بدورها سريعاً إلى القضاء!!
وقد ذكر مصدر مطَّلع لـ«قاسيون» أن أولئك الطلاب قد ضبطوا وهم يستخدمون أساليب إلكترونية يبتدعها الهواة عادةً، كي يتمكنوا من الغش عبر تسجيل بعض المعلومات الضرورية لهم لتخطي الامتحان.
ورغم استنكار معظم المواطنين لكل أنواع الغش في الامتحانات وسواها، إلا أنهم استاؤوا واستنكروا بشكل أشد هذه الأساليب الترهيبية وغير التربوية في التعامل مع طلاب الوطن، فهؤلاء المخفورون الذين لم يبلغ معظمهم سن الرشد بعد، يستحقون إرشاداً تربوياً واجتماعياً مركّزاً، لا أن يحلوا ضيوفاً على (القواويش) بانتظار محاكمتهم أو إحالتهم إلى سجن الأحداث، فهي في كل الأحوال، عقوبة لاتتناسب مع «الجرم» الذي ارتكبوه.
ثمّ ألم يكن واجباً على المسؤولين في مديريتي التربية في المحافظتين المذكورتين، وبقية مديريات التربية، ومن خلفهم وزارة التربية، وهذه الجهات جميعها تتحمل المسؤولية أولاً وتالياً عما حرى، أن يسألوا أنفسهم قبل اللجوء لهذه الإجراءات، ما الذي قدّموه للطلاب من إرشادات وإعداد أخلاقي ونفسي وعلمي قبل أن يتبعوا هذه الأساليب المتخلفة؟؟
إن ما جرى لا يليق بشرف مهنة التربية والتعليم، ولا بسمعة البلاد، ولا يستحقه أهالي وأولياء أمور الطلاب الذين فُرضت عليهم وعلى أبنائهم ثقافة الغش والفساد بأشكال مختلفة، ومارس هذه الثقافة وما يزال يمارسها كبار المسؤولين الفاسدين، بمن فيهم بعض المسؤولين في وزارة التربية نفسها، قبل أن يفعل المثل الناس العاديون..
 إن المطلوب اليوم، أن يتدخل وزير التربية بسرعة لإيقاف هذه المهزلة.. ولتتوقف عبقريات بعض الجهات الرسمية عن تفتقها في ابتداع إجراءات لا تحل المشكلات الاجتماعية الناشئة، بل تزيدها وتكرّسها أكثر فأكثر!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
409