جامعة الفرات.. وسياسة الاستيعاب الجامعي

وقد تناولت قاسيون الممارسات التي قام بها بعض رؤساء المراكز والمسؤولين في المحافظات، لكن الخطورة أن الممارسات نفسها مارسها أرفع المسؤولين في وزارة التربية، كمعاون وزير التربية للشؤون الفنية في الحسكة، معاون الوزير للتعليم الأساسي في دير الزور؛ من تفتيش بطريقة إرهابية، وكشف عورات الطلاب النظاميين لتفتيشهم بما يتنافى مع القانون والأخلاق والقيم التي من المفترض أن تقوم الوزارة بغرسها وليس ممارسة نقيضها.
 
وقبل صدور نتائج الامتحانات الثانوية، ننوه إلى سياسة الاستيعاب الجامعي التي تحرم أبناء الفقراء بالدرجة الأولى من متابعة تحصيلهم الجامعي، وتدفع باتجاه الخصخصة، وصولاً إلى إلغاء الجامعات الحكومية، أي رفع الدّعم عن التعليم العالي، بالتعليم الموازي والدفع باتجاهه واتجاه غيره.. كما جرى مع المازوت في الزراعة والصناعة والخدمات، وفق سياسة الليبراليين الجدد الذين يخربون البلد .. دون أن يحاسبهم أحد!!
وهنا نتوجه إلى جامعة الفرات التي تغطي المنطقة الشرقية أولاً (دير الزور والحسكة والرقة)، وهي المنطقة الأحق بالتنمية الحقيقية لأنها تنتج أكثر خيرات الوطن، وكانت ولاتزال مهملة على مدى العقود السابقة، وليس التنمية على طريقة هؤلاء الليبراليين  بعرضها للبيع باسم الاستثمار والإيجار!!
    لقد استبشر الأهالي خيراً بافتتاح الجامعة لما له من انعكاسات ايجابية عليهم وعلى أبنائهم، ومن تخفيف لأعبائهم المادية، وهي خطوة ايجابية ولو أنها جاءت متأخرة بل متأخرة جداً، عملاً بالمثل القائل: أن تأتي متأخراً أفضل من ألاّ تأتي أبداً!! لكن آمال الأغلبية منهم تحطمت أمام سياسة الاستيعاب الجامعي حيث باتت درجات القبول في بعض كلياتها أعلى من بقية جامعات الوطن!! وفي هذا السياق نذكر أن الطاقة الاستيعابية للجامعة لم تستثمر بشكل يتوافق مع الحاجة والإمكانات المتوفرة، ففي العام الماضي كان مقرراً استيعاب 4 آلاف طالب وطالبة، ونتيجة المطالبة تم رفع العدد إلى 6 آلاف، وقد فرحنا كثيراً في هذا العام بأنه سيتم افتتاح أربع كليات جديدة منها: طب الأسنان وهندسة العمارة، لكن كما أكد لنا المهتمون والمطلعون على الأمور، فالطاقة الاستيعابية لهذا العام يجب رفعها إلى حوالي 10 آلاف والإمكانات موجودة، فهل تتجاوب الوزارة ويتجاوب رئيس الجامعة مع الحاجات والإمكانات، فكل جامعات العالم يبدأ الدوام فيها من الثامنة صباحاً إلى الثامنة مساءً وبعضها إلى العاشرة ليلاً، وهذا ما يفتح مجالاً للاستيعاب أكثر، وخاصة أن الكادر التدريسي متوفر من أساتذة الجامعات من أبناء المنطقة الشرقية الذين يعملون في جامعات الوطن الأخرى ويرغبون بالمساهمة في العمل فيها، ولتوفر الحوافز المشجعة لهم المادية والمعنوية كأذون السفر والمهمات وغيرها، لكن عميد الجامعة أيضاً يعيق ذلك لأسباب خاصة، كما ذكر لنا البعض منهم، وبعض المهتمين الذين يعرفون «البير وغطاه»
   وهنا نتوجه إلى رئيس الجامعة، وإلى وزارة التعليم العالي بالذات: إن مصلحة الوطن وأبنائه فوق كل المصالح، ونطالب بإعادة النظر بدرجات القبول وسياسة الاستيعاب ككل، وبرفع الطاقة الاستيعابية لجامعات الوطن عامة ولجامعة الفرات خاصة، بما يتناسب مع الإمكانات والحاجات والقدرات المتوفرة، لمصلحة الوطن والمواطنين الفقراء وليس لمصلحة الأغنياء ومن يريدون الخصخصة والربح المادي فقط، أو وفق مصالح ذاتية أخرى !؟ فكرامة الوطن وأبنائه تبقى أولاً وأخيراً فوق كل اعتبار!