الرقة.. بدء موسم الحرائق!؟

الحرائق.. والرقة!! نعم.. وهذا ليس عنواناً لفيلم خيالي، بل هو تعبير مكثّف عن واقع مؤلم يتمُّ ليس بفعل (مجهول مفترض) كحرائق الغابات في الكفرون ومشتى الحلو وغيرهما من مناطق الجبال الساحلية المشهورة بغاباتها، وإنما بفعل الأهالي من الفلاحين أنفسهم، حرائق تذكرنا بالحرق المتعمد الذي قام به نيرون لمدينة روما، أو تجعلنا نظن أنفسنا في أجواء معركة حامية الوطيس!؟

ما يدفعنا للكتابة والتنبيه هو حجم المساحات المحروقة في حقول محافظة الرقة ونتائجها البيئية الشديدة السلبية، حيث تزيد الأراضي المروية المزروعة قمحاً عن مائة ألف هكتار، والمزروعة شعيراً حوالي ستة آلاف هكتار، ومع قرب انتهاء موسم الحصاد كل عام، بما فيها هذا العام طبعاً، يقوم الأهالي بحرق بقايا الحصاد في الأراضي نتيجة عادة قديمة غير صحيحة، إذ يعتقد من يقومون بذلك أنهم يقومون بأفضل خدمة لأراضيهم ومواسمهم القادمة، دون أن يكون هناك من يرشدهم لخطورة هذا التصرف، ويبين لهم مضاره وسلبياته على البيئة والبشر معاً.
وهنا نتساءل أين الإرشاد الزراعي، وأين دور الإعلام بكافة أشكاله المقروء والمسموع والمرئي، ولماذا هذا الإهمال والتساهل في قضية ستكون أضرارها كبيرة في المدى القريب والبعيد، أم أن هناك من يتعامل مع القضية على مبدأ اللهم أسألك نفسي، ولتذهب مصلحة الشعب والوطن إلى الجحيم!؟
ولتوضيح خطورة الحرائق نبين بعض نتائجها:

- تلوث البيئة، وتحديداً الهواء، بغاز الكربون وما ينبعث من غازات ومواد سمية أخرى.
- حرق جميع مكونات التربة السطحية الملامسة للنار.
- حرق الحشرات والبكتريا النافعة.
- إن بقايا القمح والشعير من قشٍ وسفيرٍ هي مواد عضوية قابلة للتحلل في التربة بعد الحراثة، وتتحول إلى سماد طبيعي يقوي التربة مع الزمن، ولكن عند إحراقها تخسر التربة، وبالتالي الفلاح، هذه الميزة.
- طبقة التربة المحترقة لا تقل عن 2سم، فإذا ما تكرر الحرق تصاب التربة بالإنهاك وتصبح ضعيفة للغاية، مما يتطلب في الموسم التالي مزيداً من السماد لتعويض ضعفها، وهذا ما يزيد تكاليف الإنتاج ويؤثر على كمية المحصول ونوعيته أيضاً.
- تصبح التربة ذات نفاذة عالية مما يستهلك كميات أكبر من المياه، في وقت المنطقة برمتها أحوج فيه إلى كل قطرة، وخاصة في فترات الجفاف وتناقص كميات المياه على المستوى العالمي، مع ملاحظة أن فلاحينا لا يزالون يتبعون طرق الري التقليدية، وهي الري السطحي للشرائح الواسعة.

إن ما يتم من حرائق يجري على مرأى الجميع، وأولهم المسؤولون عن الزراعة، وعناصر المحافظة، فلماذا هذا الإهمال والسكوت!؟
إننا في قاسيون نطالب الجميع بتحمل مسؤولياتهم، وألاّ يكونوا مشاركين في هذه الجريمة. وإذا كان الفلاحون يقومون بها عن جهل وقلة وعي زراعي وبيئي، فالساكتون من المسؤولين هم مجرمون عن عمد، أو على الأقل شياطين خرس.. ولم يبق لأي واحد منهم حجة بعد الآن!؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
411