في القامشلي أحزمة الفقر المبللة..

إذا كان الفساد والبيروقراطية والروتين أمراضاً شائعة في أجهزة الدولة المختلفة نتيجة السياسات الاقتصادية المتبعة وغياب الديمقراطية تلقي بظلالها على حياة المواطنين عامة فإن الأمر يبدو أكثر مرارة في حياة المواطنين الأكثر بؤساً من أبناء شعبنا، القاطنين في أحزمة الفقر... ولهؤلاء في مدينة القامشلي وقائع وحكايات مأساوية مع مختلف مؤسسات ودوائر الدولة وبالأخص مع بلدية القامشلي.

فالخدمات الأولية «من صرف صحي ـ تزفيت شوارع أو فرش بقايا المقالع أو ترحيل القمامة» تكاد تنعدم وما تحقق منها جاء نتيجة أعوام من المطالبة تعرض خلالها أبناء هذه الأحياء للابتزاز وطلب الرشوة والتجاهل والإهمال والتنفيذ السيىء لما نُفذ والمشكلة بدت أكثر وضوحاً وتعقيداً خلال موسم الأمطار الحالي إذ تهدمت بيوت عديدة وتشردت عدة أسر الأمر الذي يفترض استنفار الجهات المسؤولة وخصوصاً البلدية، ولكن....؟!

«قاسيون» التقت مع العديد من المواطنين في كل من هذه الأحياء «مرج حلكو ـ القابي ـ  والحي الغربي و.....» وأفادونا بالتالي:

■ بعد استغاثة أبناء حارة «مرج حلكو» قبل أيام من هطول الأمطار الغزيرة وتدفقها إلى الحي من كل حدب وصوب نتيجة عدم توفر الفوهات المطرية في الشوارع المحيطة بالحي، وبعد أن تهدم بيت أحد المواطنين وتشردت عدة أسر جاءت الجهات المسؤولة ممثلة بالسيد مدير المنطقة ورئيس البلدية ولكن؟!

●●السيد مدير المنطقة رأى المشكلة عند أبناء الحي، بقوله:  كيف تسكنون هذه الحارة؟ هل هذه بيوت تسكنونها؟ (... رحم الله ماري أنطوانيت التي عاتبت المتظاهرين المطالبين بالخبز، وقالت: لماذا لا يأكلون الكاتو طالما لا يوجد خبز؟) هذا بالضبط كان كلام السيد مدير المنطقة، وكأن هؤلاء المواطنين يسكنون في هذه الحارة الفقيرة برضاهم، وكأنهم يستطيعون بناء فيلات وقصور ولايفعلون ذلك...! وكأن الدولة ليست هي المسؤولة عن واقعهم..؟!

■ يقول أبناء الحي: «رغم أننا نبهنا رئيس البلدية السابق واللاحق بالخطر الذي يهدد أبناء الحي في حال هطول أمطار غزيرة بسبب انخفاض المنسوب، رغم هذا التنبيه لم يسمعنا أحد.»

● المواطن ع. ح: راجعنا البلدية عشرات المرات خلال عـــامي 2002 ـ 2003 وطالبنـــا بأبسط الخدمات للحي كونه ضمن المخطط التنظيمي للمدينة مثل «شبكة صرف صحي، فوهات مطرية، حاويات، فرش شوارع الحي ببقايا المقالع أو تزفيتها، والأ...» ولم ينفذ إلا جزء يسير من هذه الطلبات بشكل متقطع وذلك تحت حجج واهية وذرائع كاذبة كأسلوب مبطن لطلب الرشوة أما الذي نُفذ فلا تتوفر فيه المواصفات المطلوبة إطلاقاً، وأستطيع أن أجزم بأن جميع هذه الخدمات لا تكلف الدولة مايتقاضاه بعض الرؤوس السابقين واللاحقين من رشاوى من المتعهدين...

وفي حارة «القابي» غرب الثكنة، يقول المواطنون:

معاناتنا مع دوائر الدولة فيها الكثير من الوقائع  التي قد لا تصدق لكننا على استعداد لتقديم الثبوتيات والدلائل....

بخصوص تعويض المتضررين من تنفيذ المتحلق «حزام المدينة»، جرى الأمر بشكل مزاجي، فهناك من اكتسح 100 م2 من أرضه تم تعويضه بمقسمين، أما من اكتسح 200 م2 من أرضه فمنح مقسماً واحداً، هذا بالنسبة للأراضي التي كانت فيها دور سكنية أما الأراضي فلم تعوض إطلاقاً حتى تاريخه، وذلك بحجة انتظار الاستملاك، مع العلم أن الاستملاك يخص الحيازات الكبيرة العائدة للملاكين وليس لعقارات تم شراؤها من الملاكين بقصد السكن وبالعودة إلى وقائع مماثلة تبين أنه بنفس الحجة لم يتم تعويض من اكتسحت عقاراتهم منذ 1986 «شارع العقبة ـ موسى بن نصير» عدا ذلك فقد جرى تلاعب بتوزيع المقاسم للمتضررين إذ تختلف هذه المقاسم حسب موقعها وذلك مقابل دفع المعلوم.

■ هنا ننوه بأن الحي بحاجة إلى ردميات بعد تنفيذ الحزام، كون منسوبه أعلى من منسوب الدور السكنية ونطالب بفرش شوارع الحي ببقايا المقالع لتسهيل حركة المواطنين وخصوصاً تلاميذ المدارس الذين يتعرضون أحياناً للطرد من المدرسة بحجة ألأحذية الملوثة بالأوحال «أعترف أني لم أستطع توضيح الفكرة الأخيرة أكثر من ذلك، وأقترح على من يهمه الأمر أن يأتي ويخوض التجربة بنفسه ليفهم الواقع».

● وبخصوص معاناتنا مع مؤسسة الهاتف يقول مواطن آخر: «رغم أن الشبكة الأرضية ممددة وتم تأشير مواقع... لم تستثمر حتى الآن وهذا ما يدفعنا إلى مد أشرطة الهاتف أحياناً من مسافة /1 كم/ مما يعرضها للعبث والقطع، الأمر الذي يضع صيداً ثميناً بين يدي موظفي المؤسسة لطلب الرشوة وبشكل مفضوح لدى كل طلب إصلاح ويؤكد أحد المواطنين أنه دفع عدة مرات وهاتفه معطل...».

■ أما عن عناصر مؤسسة المياه وممارساتهم حدثنا مواطن آخر قائلاً: «يتم الاعتداء على الشبكة من قبل هؤلاء العناصر لصالح المواطن مقابل عمولات تصل أحياناً إلى 3000 ليرة مستغلين عدم توفر العدادات في المؤسسة أحياناً ليتسنى للمواطن ا لاشتراك رسمياً، والأنكى من ذلك تواطؤ الموظفين مع زملاء لهم في المؤسسة ليأتوا ويفرضوا مخالفات بحق المواطنين بحجة الاعتداء على الشبكة فيما بعد..

● وتحدث آخر عن معاناة باعة البسطات مع شرطة البلدية، إذ يتم فرض أتاوات يومية على هؤلاء وتم قبض مبالغ أكثر من مرة بحجة تأمين مكان رسمي لهم بالتواطؤ بين بعض العناصر وشرطة البلدية ولم يتم تأمين المكان وذهبت المبالغ سدى، اللهم إلا استعادة نصف المبلغ في إحدى المرات. عدا ذلك يتم إتلاف بضاعة الباعة ومصادرتها وبشكل استفزازي يصل إلى حد الوقاحة أحياناً.

■ وبخصوص ماجرى في الحي الغربي مدرسة موسى بن نصير إذ غمرت المياه بيوتاً كثيرة نتيجة تدفق مياه الفيضانات من تركيا وكون المنطقة أصلاً هي مجرى مائي لذا فإن المطلوب التنسيق مع الحكومة التركية في هذا المجال وإيجاد حل فني مناسب حرصا ً على المواطن وممتلكاته وهكذا أيضاً بالنسبة للدور والمحلات المطلة على نهر جغجع، إن ترك هذه القضية دون متابعة من شأنه أن ينتج عنه كوارث لاحقاً.

بقي أن نشير إلى أن ما عرضناه آنفاً هو غيض من فيض من معاناة مواطنينا هنا وهناك وإن من أشرنا إليهم من بعض الموظفين في هذه الدائرة أو تلك هم غالباً وسطاء بين المواطن ورؤوس أكبر من داخل مؤسساتهم أو خارجها إنها بلوة الفساد والإفساد العامة بكل تأكيد! وإلا ما المبرر أن يتم قبض المعلوم غالباً أمام مرأى ومسمع الجميع؟!!

■ القامشلي 

 

 مراسل «قاسيون»