الدكتور المهندس محمد حسن الدكتور المهندس محمد حسن

أزمة الكهرباء وتلفزيون الدنيا والأفلام الهابطة

 في بداية التسعينيات من القرن الماضي كان التلفزيون الفرنسي يعرض أسبوعياً فيلماً ما، وبعد عرض الفيلم يجري حوار بين مخرجين وممثلين وناقدين سينمائيين حول جودة الفيلم من كل النواحي، وكنت من المتابعين لهذه الحلقات، إحدى المرات تم عرض فيلم فرنسي وكان أطلح فليم أحضره بحياتي ومن جميع النواحي حتى تصل إلى نهاية الفيلم المزعج ولا تعرف لماذا تم إنتاج هكذا فيلم وماذا أراد الفيلم أن يقول، وبالفعل أزعجني الفيلم وندمت على الساعة والنصف التي قضيتها بمتابعة هكذا سخافة.

تابعت الدعايات مجبراً بانتظار الحوار  حول الفيلم من المختصين في هذا المجال وبفارغ الصبر، وجاء الجواب شافياً حيث سأل المذيع الذي كان يدير الحوار أحد الناقدين السينمائيين سؤالاً قصيراً جداً (ما رأيك)  والجواب كان أيضاً قصيراً حيث رد وقال (أنا آسف على اجتماع هذا الكم الهائل من الرجال والنساء من ممثلين ومخرجين ومصورين .. ليخرج هكذا تفاهة ولا أسميه فيلماً)... والحق يقال لقد أشفى غليلي هذا الناقد السنيمائي.
الموقف نفسه تكرر معي البارحة وعلى تلفزيون الدنيا حيث قضينا ساعتين مشدودين للتلفاز وعلى مدة ساعتين لمتابعة حوار حول أزمة الكهرباء ... والمفروض مع هكذا حوار الوصول إلى نتيجة ما.
 قاد الصحافي نزار الفرا الحوار وجمع بين مسؤولين من وزارة الكهرباء، معاون الوزير ومدير عام مؤسسة نقل الطاقة الكهربائية وعدد من الصحافيين المختصين في هذا المجال لإغناء الحوار  ولمعرفة السبب والحلول وأهم أمر متى تنتهي الأزمة.
أنا كمختص في هذا المجال لم أفهم السبب لهذه الأزمة والحلول أقلها الإسعافي منها التي تعمل على اتخاذها وزارة الكهرباء ولم أعرف متى تنهي الأزمة أي قضيت ساعتين من الوقت متابعاً بعناية  ما قيل، وحصل معي تماماً كما حصل أثناء متابعتي لذاك الفيلم الفرنسي الهابط فما بالكم بمن تابع  هذه الحلقة وهو غير مختص.
الفارق بين ذاك الفيلم وهذه الحلقة هو بأنه بعد الفيلم جاء من يناقش ويشفي غليلي فهل هناك من يشفي غليلي الأن بعد هذه الحلقة؟.
المسؤولون في وزارة الكهرباء اعترفوا بأمر مهم جداً بأن الطاقة المتجددة هي كذبة كبيرة حيث قال أحدهم بأن الطاقة الريحية في البلدان المتقدمة والتي تملك كموناً ريحياً لا يستهان به إنتاجهم من الطاقة الريحية لا يتجاوز 1% في أحسن الأحوال، كما أن الطاقة الشمسية الفلعية لا يشكل إنتاجها في الدول المتطورة  أكثر من 0،5% .
 هذا الاعتراف من هذا المسؤول في وزارة الكهرباء  يغالط تصريح الوزير نفسه بأنه سوف ينتج 400 ميغا من الطاقة الريحية و800 ميغا من الطاقة الشمسية لا بل ذهب أبعد من هذا ووعد الشعب العربي السوري بأنه سوف يسير المركبات والسيارات في سورية على الطاقة الشمسية !!!.
في الوقت نفسه اعترف المسؤول في وزارة الكهرباء بأنه من الأجدر الاعتماد على الطاقة المتجددة لتسخين المياه للمنازل، وهذا صحيح، وبما أن الوزارة باتت تعرف ما الواجب فعله لماذا تجاهلت ما كنت قد قدمته لهم  وهي براءة اختراع للطاقة الشمسية تنتج الماء الساخن  بطريقة جديدة على الساحة العلمية العالمية ذات مردود عال كما أننا نستطيع توظيفها في التكييف والتدفئة والحصول على براد شمسي لا يحتاج أي منبع كهربائي؟!.
في جريدة الوطن السورية  وبتاريخ 4/9/2011نشر لي مقال بعنوان (فكرة تثير الجدل.. الطاقة البديلة غير مجدية) لمن يرغب بتصفحه يستطيع ذلك بوضع العنوان في محرك البحث جوجل والوصول إلى المقال المشار إليه.
في هذا المقال يوجد الشرح الكافي  لواقع الطاقة البديلة في سورية، والحلول الأمثل  ومنها هذا الحل:
بواسطة الطاقة الشمسية والريحية الفردية وليست المركزية الكبيرة، أي لكل منزل طاقته الخاصة به ينتج منها طاقة لا يستهان بها حيث يستطيع الحصول على الماء الساخن والتدفئة والتكييف وبسعر عادي جداً، وفي هذا الميدان لدينا في سورية مجموعة من الاختراعات ذات الجدوى العالية التي يمكن اختبارها لتحقيق أفضل النتائج، ومنها واحدة تعنى بتصميم طاقة شمسية غير تقليدية تعمل على امتصاص وتركيز أشعة الشمس في آن واحد، تستعمل للحصول على الماء الساخن للاستهلاك المنزلي والحصول على التكييف صيفاً والتدفئة شتاءً كما أنه يمكن استعمالها كبراد شمسي للمناطق التي لا تصلها الكهرباء، وهي تنطوي على مزايا تقنية جديدة على الساحة العلمية تعمل على امتصاص أشعة الشمس وتركيزها بآن واحد ما يعطيها مردوداً عالياً جداً وهذا ينعكس على السعر النهائي للمنتج حيث المواد المستعملة من معادن وخلافه سوف تكون أقل وبالتالي سعر أقل أضف إلى ذلك ديمومة هذا النوع من الطاقة الشمسية عالية أيضاً نظراً لانعدام الضغوط والتكلس ضمن الدارة الماصة لأشعة الشمس حيث إننا نستعمل الزيت المعدني في نقل الحرارة من الشمس إلى الماء. وبواسطة هذه الطاقة نستطيع إنتاج الماء الساخن للاستهلاك المنزلي كما يمكن أن نوظفها في التكييف المنزلي عبر دائرة امتصاصية (امتزازية) إضافة إلى إمكانية توظيفها شتاءً للتدفئة كطاقة مساعدة، وإذا رغبنا بأن تكون التدفئة 100% من دون استهلاك طاقة مساعدة نستطيع مزاوجة هذه الطاقة الشمسية مع طاقة ريحية وهناك أيضاً حلول منفذة لطاقة ريحية فردية تعمل على إنتاج الماء الساخن فقط مع قليل من الكهرباء «12فولتاً» لهذا الغرض.
هذا التخبط  الواضح يرجعنا إلى مقولة  (الرجل المناسب ليس في المكان المناسب) رغم علك هذه الجملة كثيراً سابقاً وملل الناس من سماعها أجد بأنها الحل الوحيد وسوف نبقى  ننتظر معاً التحول إلى الرجل المناسب في المكان المناسب وانتهاء عصر شراء المناصب والمحسوبيات لأن هناك وطناً  جريحاً بات بأشد الحاجة إلى ذلك الآن.