انتخابات مجالس الإدارة المحلية ضعف في المشاركة.. وزيادة في البذخ
■ 23966 مرشحاً خاضوا الانتخابات المحلية.
■ التجاوب مع الانتخابات، ضعيف نسبياً...
■ بعض المرشحين مدعومون، وبعضهم مقاولون عقاريون...
■ وهم قديم يثبط الناس عن الإقدام على الاقتراع..
■ برامج جديرة بالاهتمام، وأخرى قادمة من المريخ..
انتظرنا ومنذ أسابيع قليلة فقط، صدور البيان الحكومي لحكومة د. محمد مصطفى ميرو، كما انتظرنا اطلاع أعضاء مجلس الشعب على هذا البيان، آملين أن تعيد العملية الانتخابية التي شهدناها مؤخراً، العربة إلى مكانها خلف الحصان، وأن يكون اطلاع المجلس على هذا البيان، ونقاشه إياه، انطلاقة لتأسيس لغة جديدة، وتقاليد جديدة، يتعامل بها النواب مع الحكومة.
■ البيان الحكومي، حال صدوره، حرك عدداً ليس بالقليل من النواب، ليعلقوا عليه، ويشاركوا في مداولاته حتى أن أكثر من مائة وخمسين عضواً شاركوا في النقاش والتعليق.
■ البعض من النواب، وأكثرهم كان قد ملأ الشوارع بالملصقات والصور، تعامل مع البيان الحكومي على أنه برنامج تنفيذي، تقتصر صلاحية النائب على رفع اليد اليمنى لمباركته.. إذ اعتبروه متكاملاً وشاملاً، يعبر عن مطالب الشعب في هذه الظروف الدقيقة.
■ بعض النواب اعترضوا على نقاط عدة في البيان ناقشوها، وبعضهم رفض البيان بمجمله حتى أن عضو المجلس «زعال العل» قسم أداء الحكومة تقسيماً شخصياً إلى خمسة أجزاء يعتبر أن الجزء الأول منها معطوب، والثاني مهترئ، والثالث متوقف، والرابع غير قادر على العطاء، والخامس يعمل بكل جد وإخلاص وتفان، أما نواب الصفقات والأعمال، فلم نسمع لهم صوتاً، ولاتعليقاً ولامشاركة، ولاحتى تأييداً ومباركة، والأرجح أن مدراء مكاتبهم لم يذكروهم بمواعيد الجلسات، فنسونا قبل أن ننساهم...
■ مايهمنا من الحديث عن الأمس القريب هذا، وهو أننا أمام انتخابات جديدة، باتت أمساً أقرب من ذاك، يخيم ظلاله علينا...
فانتخابات مجالس الإدارة المحلية، وإن كانت في حيز جغرافي أضيق بالنسبة للناخب والمرشح، إلا أن ذلك بالضبط ما يجعل تأثيرها على المواطنين تأثيراً مباشراً. فهي تشمل المجالس الإدارية لجميع المحافظات والمدن والبلدان والقرى مقسمين إلى /657/ دائرة انتخابية، تضم التجمعات السكانية في بلدنا.
ولكل محافظة أو مدينة أو بلدة أو قرية مرشحوها الذين وصل عددهم إلى /23966/ مرشحاً، وهو عدد كبير نسبياً إذا ماتنافس على ثمانية آلاف وخمسمائة وستين مقعداً هي مقاعد المجالس المحلية المختلفة.
■ حجم المشاركة الشعبية في انتخابات المجالس، لم يكن كبيراً ولاملفتاً، باستثناء بعض البلدات والقرى، بالرغم من تنامي ظاهرة الإعلان الانتخابي وزيادة عدد صور المرشحين على عدد السكان في كل دائرة انتخابية..
وكذلك زيادة عدد مراكز الاقتراع في هذه الدورة، والذي بلغ /9785/ مركزاً للاقتراع يدير كلاً منها لجنة مؤلفة من رئيس وعضوين..
■ (أحمد رمو) عضو مجلس مدينة سابق يقول لنا، أن التجاوب ضعيف مع الانتخابات التي لم تصل نسبة المشاركة فيها إلى واحد وخمسين بالمئة في اليوم الأول، مما اقتضى متابعة سير العملية الانتخابية يوماً ثانياً، ومن ثم أغلقت الصناديق ليتم فرز الأصوات.
أحمد يقول أيضاً أن أغلب المرشحين إلى المجالس يندرجون تحت قائمة الجبهة، ويشير إلى بعض المرشحين الذين لم تأت قوائم الجبهة على أسمائهم، إلا أن جهات سماها (وصائية)، تقف وراءهم، كما أن عدداً لابأس به من المرشحين، هم من المقاولين العقاريين، الذين سيستفيدون من موقعهم في المجالس الإدارية في حال نجحوا عبر التصويت.
وهذا ـ وحسب رأي احمد ـ مالم يشجع الناخبين على المجيئ إلى مراكز الاقتراع.
■ ويضيف المهندس (وهبة. س) أن الناس مصابة بوهم قديم يثبط من إقدامهم على المشاركة بالاقتراع، أو بالترشيح، والوهم يقول: أن مرشحي الجبهة والمتنفذين فقط، هم من سيفوز بالمقاعد المتنافس عليها، في حين يرى أن الناس فيما لو أرادت أن تتفق على مرشح (نظيف) لاستطاعت أن توصله إلى عضوية أحد هذه المجالس، بإرادتها وبأصواتها، وهذا ما أثبتته التجربة في بعض البلدات والمدن والقرى.
■ المهندس المدني (عبد الله. س) عضو مجلس بلدية سابق، يروي لنا ما جرى معه في الفترة التي مثل فيها ناخبيه في مجلس بلدته فيقول:
كنت أرى المخالفات تمر أمام عيني، وكان رئيس البلدية وبعض المهندسين والموظفين، يوقعون على المشاريع ويقترحون أخرى، ويقتسمون عائدات النهب فيما بينهم، بالتعاون مع جهات داخل البلدية وخارجها، منذ فترة تقرر في بلديتنا مثلاً، مشروع تعبيد ثلاثة شوارع رئيسية، بسماكة قدرها (9سم) من مادة الإسفلت، وقد قدرت تكلفة المشروع بحوالي ثلاثة ملايين ليرة سورية، وماجرى على أرض الواقع، هو تنفيذ المشروع بالفترة الزمنية المحددة، لكن سماكة الإسفلت كانت 6سم فقط، وبالتالي سرقت ثلث الميزانية المرصودة للمشروع واقتسمت فيما بين السارقين.
وحين سألناه عن صلاحياته كعضو مجلس بلدية آنذاك، في المراقبة والتدقيق والمطابقة، والاعتراض على المخالفات، فقال:
رفعت أكثر من كتاب إلى المحافظ، وإلى أمين الفرع، وإلى رئيس البلدية نفسه، وجميعها كانت توضع على الرف، وفي إحدى المرات، رفعت كتاباً إلى المحافظ، حول الأسطح الزراعية التي تبنى مخالفة لشروط البناء، وللقوانين الناظمة، أو التي تبنى في أراض تابعة لأملاك الدولة، أو أراض غير منظمة، وفي بلديتي الكثير من هذه الأبنية، حيث تقبض البلدية (رشوة) على كل سطح مخالف ، قرابة الخمسين ألف ليرة سورية. فماكان من إحدى الجهات إلا أن استدعتني، حيث طلبت مني عدم الحضور إلى البلدية، أو المشاركة في الاجتماعات، وقالوا لي (راتبك بيصلك لعندك).. واليوم في بلديتي يعمر وسطياً من خمس إلى ست سطوح مخالفة يومياً.
■ البرامج التي جاء بها بعض المرشحين كانت جديرة بالاهتمام، إذ تناولت مشاكل معاشة، وقوانين بحاجة لتعديل، وخصت المتطلبات المعيشية، والتعليم والطبابة و ا لمواصلات والاتصالات والواقع الزراعي، بجزء كبير من اهتمامها وبرامج أخرى قرأناها، كان بعضها مجرد إعلان عن اسم المرشح مرفقاً بصورته، فيما غلب على بعضها الآخر، ضروب من المبالغة في الطرح، أخرجتها عن واقعيتها، باعتبارها برامج مجالس محلية. حتى كدنا نحلق مع بعض البرامج إلى حدود أفغانستان، أو إلى مضارب إيران، أو إلى شعاب واشنطن التي، وكما توحي تلك البرامج، ترقبت باهتمام كبير ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات في «حران العواميد»، أو في «دوما» أو حتى في «النشابية» و«عين ترما»..
■ مقاعد المجالس المحلية، خصص منها /1224/ مقعداً لمجالس المحافظات، و /2324/ مقعداً لمجالس المدن، و/2942/ مقعداً لمجالس البلدات، و /2070/ مقعداً لمجالس القرى، ومن المأمول أن نرى أربع سنوات حافلة على حد وعود المرشحين، الذين لم ينس بعضهم المطالبة بالتوسع في اللامركزية وانتخاب محافظ ورئيس مجلس المدينة والبلدية انتخاباً، بحيث لاتخضع هذه المناصب لاعتبارات وزير الإدارة المحلية، والأقطاب الأخرى، التي تسهم في التعيين، إضافة إلى المطالبة ـ شفوياً ـ بفصل المرجعيات الحزبية عن المرجعيات الإدارية... وكذلك جاء القانون الخاص بتطبيق التعليمات التنفيذية للقانون رقم (1)، والمتعلق بمخالفات الأبنية وتسويتها، وأحكام الترخيص للأراضي الزراعية وأراضي الدولة، مزامناً للانتخابات، مما يحمل أعضاء المجالس مسؤولية تطبيق هذا القانون، والمشاركة في اقتراح تعديلات له في حال ظهرت نواقصه، وليضيف إلى مسؤولياتهم المعطلة نسبياً في تقرير مشاريع البنى التحتية وتأمين السكن للمواطنين، وغيرها من القضايا المطلبية المطروحة، مسؤوليات جديدة..
■ لعل أربع سنوات جديدة، ليست بالزمن القصير، مما يتيح للناخبين المتابعة بتأنٍ، إلا أن الُملِح الآن، والذي لم يطرح كمطلب ولا كوعد ولا كمسؤولية في أي برنامج انتخابي هو ماعانت منه دمشق بعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب:
من سينزع الملصقات الإعلانية عن جدران مدينتنا، من سيقتلع البرامج الانتخابية عن أسوارها؟! بالتأكيد، هذه ليست مهمة جمعية أصدقاء دمشق؟!!...
■ المحرر