درس في اللغة العربية!

«الإعلام» في اللغة العربية من الجذر عَلِمَ وهو بمعنى عَرِفَ وبذلك يكون الإعلام هو التعريف بشيء معين وإلقاء الضوء عليه لدى الشخص الآخر.

وهكذا فإن الوجود الصحي لإعلام ما، يتطلب وجود ثنائية الشق الأول فيها هو الفاعل أو الإعلامي وهو الذي يلقي الضوء على الظواهر من خلال التوصيف والتحليل.
أما الشق الآخر منها فهو المتلقي لهذا الإعلام والذي يجب أن يترجم تلقيه هذا بفعل على الواقع (لن نختلف حول قوته).
وبما أنا الإعلام الاقتصادي فرع من فروع الإعلام فلابد أن ينطبق عليه هذا التحليل... لكن الواقع مختلف فنحن نفتقد لوجود إعلام اقتصادي سواء في المرحلة الماضية التي لم تظهر فيها البصمة الاقتصادية على وسائل إعلامنا إلا من خلال بعض الإعلانات التجارية، وبالتالي فإن ما كان موجوداً يمكن تسميته إعلان اقتصادي وليس إعلاماً. وفي الآونة الأخيرة بدأت تظهر ملامح إعلام اقتصادي لكنه توقف عن التبلور وربما سر ذلك يكمن في ثنائية الإعلامي ـ المتلقي التي يتجلى وضعها على الشكل التالي:
ـ الإعلامي الاقتصادي غالباً ما ينقل ما يتناهى إلى سمعه من أخبار تدور في المحيط الاقتصادي إلى الورق نقلاً خالياً من أي تحليل، ربما لعدم فهمه الآلية الغريبة غير العلمية التي تسيّر أسواقنا أو ربما لعدم فهمه أساساً في الأمور الاقتصادية، أو ربما لتجنب ما يمكن أن تصيبه به يد الرقابة القوية الضربات أحياناً.
ـ المتلقي.. هو الممثل للجانب الآخر فهو غير موجود أصلاً ، فالثقافة الاقتصادية لدينا عموماً هي ثقافة ضحلة... فبالنسبة للجيل الصاعد فقد تعود ألا يبدي رأيه لدرجة أنه أصبح بلا رأي! وبلا اهتمامات بالأمور التي تمثل عصب الدولة ومنها الاقتصاد.
أما الجيل المتوقف عن الصعود فقد مل هذه الكلمات التي ما فتئ يسمعها منذ سنوات وبالتالي فهو لا يهتم...
أما مدراء الشركات وبعض أصحاب القرار منهم ما يلبثون أن تصل إلى يدهم دراسات اقتصادية هامة حتى يضعونها في أدراج مكاتبهم لأن رحلة إلى الغرب تباغتهم لهدف لابد أن يوصل في النهاية إلى تمضية بضعة أيام صيفية أو ربيعية أو خريفية أو حتى شتوية هناك مع بعض الأصدقاء والصديقات.
وبذلك يبقى بعض متعقبي القوانين الذين يسمون أنفسهم تجار أو صناعيين يتلقفون القوانين والقرارات الجديدة بهمة كبيرة ليقرؤوها بتمعن و «يفصفصونها» لمعرفة ثغراتها واستغلالها بما يناسب مصالحهم.
ولذلك فنحن نعاني من ضعف أو حتى غياب هذه الثنائية الأمر الذي يتطلب جهوداً خاصة لإحيائها تبدأ بالجهد الشخصي للقيام بحوار علمي مفتوح وتنتهي بالحرية الصحفية والقدرة على التعبير والاستماع.