شؤون بيئية الزيتون بين الفوائد الاقتصادية والاستخدام الملوث للموارد المائية والحيوية

■ تسبب المياه الناتجة عن عصر الزيتون تلوين المياه الطبيعية وتفكك المركبات الكربونية.. كما تهدد الحياة المائية مما يؤدي إلى خلل في توازن  النظام الحيوي الكلي..

■ إن التوازن بين الإنتاج  المتزايد والتخطيط السليم لاستثمار الموارد المائية المستديم دون تلويثها هو مفتاح استمرارية  تنمية تحافظ على البيئة والصحة والاقتصاد في آن واحد..

تتبوأ سورية المركز الرابع عالمياً بإنتاج الزيتون حيث يوجد فيها حالياً أكثر من 70 مليون شجرة زيتون تنتج أكثر من 160 ألف طن من الزيت سنوياً يتم استهلاك 80 ألف طن محلياً فقط ويبقى الباقي للتصدير.

يتم الاستفادة منها كثمار للمائدة، كما تعصر كميات كبيرة منها لتحويلها إلى زيت، ولذلك تنتشر معاصر الزيتون في مناطق زراعة اشجاره في سورية وخاصة المنطقة الساحلية والداخلية? ولكن انتشار هذه المعاصر أدى إلى إحداث مشكلة بيئية من خلال تأثير المخلفات الناتجة عن عصر الزيتون على المياه الجوفية في المناطق القريبة منها، حيث يتم تصريفها قبل معالجتها، مما حدا بوزارة الاسكان السورية الطلب من وزارة الصناعة إلزام معاصر الزيتون بتنفيذ وحدات معالجة مخلفاتها السائلة وطلب إلغاء تراخيص المعاصر القريبة من مصادر مياه الشرب وإغلاقها وعدم منحها التراخيص ما لم تقم بتنفيذ وحدات معالجة لمخلفاتها وعدم منح تراخيص جديدة لمعاصر الزيتون قريبة من مصادر المياه?

تنتج عن معاصر الزيتون مياه تحتوي على ملونات عضوية مختلفة الأنواع تصبغ المياه باللون الداكن من الفينولات المعقدة ومتعددات السكاكر وغيرها.

وتعتبر هذه المواد العضوية ضارة وخطيرة جداً للتربة وللمياه السطحية والجوفية فهي لا تتفكك في البيئة وتؤدي إلى تسممات خطيرة بالنسبة للإنسان والحيوان الذي يتناولها مع المياه.

تنتقل هذه المواد مع نواتج العصر وتتوزع في التربة والمياه السطحية مؤدية إلى تلوث زراعي ومصادر المياه مما يؤدي إلى منع استعمال هذه المياه للري والشرب. والمعاصر على أنواع فمنها المعاصر المنزلية التي لاتتجاوز طاقتها الانتاجية 5 أطنان يومياً خلال فترة انتاج 100 يوم / السنة وعدد العمال من ( 2-5 ) عمال .

وتقدر الطاقة الإنتاجية للمعاصر نصف الصناعية بعشرات الأطنان /يوم وتتميز بزيادة القوة العاملة بالإضافة إلى تطوير طريقة معالجة الجزء الصلب .

تعتمد المعاصر الصناعية على الطرد المركزي لفصل الجزء السائل ويكون الناتج ذا تجانس كبير و تقدر كمية مياه الجفت بـ 600 ل / طن وسطياً

ما خصائص الملوثات الصادرة عن معاصر الزيتون ؟

يكون عادة تركيز الملوثات في المعاصر الصناعية أقل من المعاصر الأخرى لاستخدام التمديد بالمياه في عملية الطرد المركزي ولكن حمل التلوث الكلي يبقى واحداً في الأنواع المختلفة للمعاصر مع تفاوت في المواصفات و يعود ذلك لعملية الإنتاج ونوع الزيتون و الأراضي (مروية - بعلية ) واستعمال المبيدات والأسمدة والظروف المناخية  ووقت القطاف - درجة النضوج ومدة التخزبن ( الزيتون - مياه الجفت) بالإضافة إلى طريقة الغسيل  وكمية التمديد.

إن كل 1م 3 من الماء الجفتي  يعادل في نوعيته 500 م3 من ماء الصرف الصحي.

وتسبب المياه الناتجة عن عصر الزيتون تلوين المياه الطبيعية وتفكك المركبات الكربونية.

كما تهدد الحياة المائية مما يؤدي إلى خلل في توازن  النظام الحيوي الكلي  .

إن وجود هذه الكميات الكبيرة من المغذيات في المياه المصروفة تشكل وسطاً مثالياً للكائنات الممرضة وتساعد على مضاعفة أعدادها وتلوث المياه وينتج عن ذلك آثار سلبية كبيرة على البيئة المائية المحلية وعلى الإنسان الذي يكون على تماس مع هذه المياه .

وتتشكل طبقة غير نفوذة تمنع وصول أشعة الشمس والأكسجين للكائنات الحيوية الدقيقة في المياه وتؤدي إلى انخفاض نمو النباتات في التربة (الأراضي المحيطة وضفاف الأنهار) وبالتالي تؤدي إلى التعرية وانخفاض تهوية التربة وتوازن الهواء المنحل وبالتالي انخفاض خصوبتها بالإضافة إلى الروائح الناتجة عن عملية التخمر اللاهوائي في المياه المصروفة ، ينطلق غاز الميثان وغازات أخرى (الهيدروجين والكبريت) مؤدية إلى تلوث كبير بالرائحة  وعلى مسافات كبيرة.

ماذا عن معالجة نفايات المعاصر ؟

نظراً لوجود عدد كبير من المركبات في النفايات السائلة والصلبة فإن ذلك يتطلب استخدام تقنيات مختلفة للحد من آثارها السلبية على البيئة. ولقد صممت هذه التقنيات لإزالة النفايات العضوية وتخفيف الكمية. وفي بعض الحالات يتم أيضاً التخلص جزئياً من بعض المركبات الأخرى .ومنها استخدام الكلس  الذي يساعد على تفتيت المواد العضوية ومن ثم تفصل المواد العالقة والتبخير حيث تفصل المواد العضوية بالتبخير  فيتبخر قسم من ماء الجفت ويستفاد من حرارة التبخير في تسخين طبقة أخرى  والحقن بالأوكسجين إذ تنشط البكتيريا من أجل استهلاك المواد الصلبة وتفتيتها.

وهناك العديد من الدراسات حول معالجة مياه الجفت إذ يمكن استعماله كسماد  نظراً لكونه غنياً بالآزوت والفوسفور والبوتاسيوم والمغنيزيوم ولكن يجب أن تتم عملية الري بشروط محدودة لوجود الملوحة والحموضة بحيث لا يزيد 3-5 م3 / هكتار .أو للحصول على الوقود باستخدام المعالجة البكتيرية اللاهوائية يتم الحصول على غاز الميثان ذي الاستعمالات الصناعية المتعددة.وكذلك يمكن استعماله كغذاء: يجب ان يتم ذلك بشكل دقيق ومدروس مع الخلطات الغذائية للحيوانات أو المياه. أو للحصول على بروتين وحيد السلسلة: باستخدام خميرة  توردلوزيس التي تتغذى على المواد العضوية محولة إياها إلى بروتين وحيد السلسلة وفيتامين.

ويمكن معالجة المياه الملوثة الناتجة عن المعاصر بواسطة التجميع بهدف تخفيض حجوم المياه الناتجة عنها أولاً. إنشاء حفر تجميع للمياه الملوثة على مستوى المعاصر بحيث تجمع المياه قبل نقلها إلى مركز المعالجة الرئيسي كذلك إنشاء حفرة أو حفر تجميع رئيسية للمياه قبل معالجتها. ثم إنشاء محطات معالجة بالقرب من حفر التجميع الرئيسية لمعالجة المياه المجمّعة في مركز التجميع الرئيسي بحيث تتم المعالجة على مدار السنة بعد تجميعها. ويؤخذ بعين الاعتبار إنشاء تحويلات لمياه الأمطار. حيث تنقل المياه الملوثة من معاصر الزيتون بواسطة الصهاريج وتقذف في الحفرة وتترك حتى حلول موسم العصر القادم حيث يتم تنظيفها وتحضيرها. نظراً لخصوصية الوضع الجغرافي لمحافظتي طرطوس واللاذقية فإنه يطلب إنشاء عدة أحواض موزعة في أرجاء المحافظة تبعاً لتوزع المعاصر. على أن تؤخذ الاعتبار الاعتبارات الفنية التي وردت سابقاً في عملية إنشاء الأحواض بعين الاعتبار وتراعى في هذه الحالة اتخاذ الإجراءات لمنع مياه الأمطار من الدخول إلى الأحواض منعاً باتاً.

إن التوازن بين الإنتاج  المتزايد والتخطيط السليم لاستثمار الموارد المائية المستديم دون تلويثها هو مفتاح استمرارية  تنمية تحافظ على البيئة والصحة والاقتصاد.

■ عروب المصري

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.