160 مديراً تحت تصرف الوزير افتحوا ملفات هؤلاء!!!
■ الفئات الطفيلية هي الخطر الاقتصادي والاجتماعي والسياسي
منذ سنوات عديدة وحديث الشارع وكافة الجهات الوصائية يدور حول تفاقم الفساد، وحول الإصلاح الإداري كمدخل للإصلاح الاقتصادي والسياسي، وتطلق تصريحات يومية حول محاربة الفساد والفاسدين، والواقع يقول إنه لم يتخذ أي إجراء حتى الآن، تقف الجهات الوصائية تتفرج على القطاع العام الصناعي والإنشائي والذي يتم نهبه بشكل مبرمج ومنظم من خلال بعض الإدارات التي انغمست في المناقصات وطلب العروض وتقاسم الحصص، حيث ينشط السماسرة على أبواب الشرفات بدءاً بمحاولة الحصول على دفتر الشروط وانتهاء بالدس على القرار وعشرات المديرين تركوا مواقعهم ويستخدمون خبرتهم الآن للحصول على امتياز السمسرة لصالح الشركات الأجنبية التي تعرفوا عليها خلال عملهم، وخطورة هذه الظاهرة ليست في هوامش الارباح والعمولات التي يتلقاها هؤلاء فحسب، وإنما في تخريب قطاع كبير في المجتمع من إدارات وقيادات وعمال، هناك مديرون تم إعفاؤهم من العمل خلال السنوات الماضية وعددهم في وزارة الصناعة وحدها أكثر من 160 مديراً وقرارات إعفائهم تقول: يعفى فلان ويوضع تحت تصرف السيد وزير الصناعة، 160 مديراً تحت تصرف وزير الصناعة، بعضهم فاسد ومدان من هيئات تفتيشية وبعضهم أعفي لأنه لم يكن فاسداً ورفض أن يكون فاسداً، ولم تتم محاسبة أي مدير، ولم تسأل جهة وصائية عن سبب إعفاء هذا المدير أو ذاك من موقعه ووضعه تحت تصرف السيد الوزير وهو في بيته أصلاً، والسؤال المطروح: لماذا لاتفتح ملفات هؤلاء لأن بعضهم ليس فاسداً ويملك الخبرات الهامة، وإنما أخرج بطريقة مزاجية وكيدية، والبعض ينغمس في الفساد حتى أخمص قدميه. والسؤال المطروح أيضاً: هل هذا هو الإصلاح الإداري؟
لقد تخلخلت ثقة المواطن في الإصلاح وفي محاربة الفساد، وعمت الشكوى جميع الجهات وعلى كافة المستويات من مسؤولين ومواطنين وإداريين، وأدى الترهل العام إلى تراكمات للمشكلات الإدارية نتيجة عدم التصدي لها وأصبحت هناك فجوة واضحة بين المعرفة التقنية والمعرفة الإدارية، ويتجلى ذلك في التخلف الإداري وفي تعدد الجهات الوصائية ويبرز الفساد أولاً ليس كأحد أهم العقبات التي تعيق كل المحاولات في الإصلاح الإداري والاقتصادي والسياسي، بل في إقامة تنمية اقتصادية حقيقية، وفي الوقت الذي لم يحاسب المديرون تتخذ قرارات في عملية هروب إلى الأمام لمكافحة الفساد منها: القوائم التي تنشر وتتضمن تسريح عشرات العاملين في مديريات المالية والمحاكم وغيرها لأسباب تمس النزاهة، وقد جاءت هذه الحملة «التطهيرية» بعد كتاب رئاسة مجلس الوزراء الذي يطالب بوضع الآلية المناسبة لاستئصال مظاهر الفساد في المفاصل الإدارية وأشكاله. ولكن، هل الفساد هو في صفوف العمال فقط؟
وهل محاربة الفساد تبدأ في محاربة صغار الفاسدين؟ وهل الجهات الوزارية والإدارية التي أوكلت لهم مهمة محاربة الفساد هم من خارج السرب؟
محاربة الفساد تبدأ أولاً في معالجة أسبابه
أسئلة عديدة تطرح نفسها.
ونقول بشكل واضح: إن محاربة الفساد تبدأ أولاً في معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي نشرت الفساد وعززت النهب قبل أن تبدأ في ملاحقة العمال. والجميع يعلم بأن عمليات النهب والفساد كانت مترافقة مع خطط التنمية الاقتصادية، وذلك من خلال دخول رأس المال الوطني إلى ميادين التجارة والخدمات والوساطة والسمسرة،ـ وقد فرض ذلك علاقات اجتماعية وإنتاجية متخلفة. لم يتم رسم حدود واضحة لنشاط هذا الرأسمال أو تحديد مجالات نشاطه بوضوح، لذلك لم تضبط نشاطاته وأقام حلفاً وشراكة مع جهات إدارية وحزبية ووصائية، وتمخض عن ذلك إفساد قطاع كبير من المجتمع، وإخراج هذا القطاع من دائرة العناصر الإنتاجية إلى ممارسة أعمال غير مشروعة، واستطاعت هذه الفئات أن توسع نشاطها، ضربت القطاع العام واستنزفته وتلاعبت بالنظام النقدي وبلبلت قواعد الأجور والأسعار وفرضت المفاهيم الخطيرة على المجتمع، وهي الآن تمثل خطراً اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً لأن مصالحها مرتبطة مباشرة بالرأسمالية الأجنبية، وتعمل بشكل أو بآخر لدفع مواقعها إلى الأمام على حساب الدولة والمواطن والمجتمع. هي التي أفرزت ظاهرة الفساد من خلال انتهاك القوانين ومن خلال تخريب الضمائر والذمم، وجرت موظفين ومديرين ومسؤولين إلى مزالق الرشوة والسمسرة والوساطة والتهريب. هذه الفئات هي التي تعيق الإصلاح الإداري وتقف ضد محاربة الفساد ومازالت تمارس دورها من خلال مواقعها القيادية دون عوائق.
عطلت أحكاماً قضائية بل وأخضعت القضاء لإرادتها. والآن وتحت يافطة اقتصاد السوق، تعمل على إصدار قرارات وقوانين ليس لدعم المستوردين في القطاعين العام والخاص وإنما لدعم المستوردين ووكلاء الشركات التجارية الطفيلية حديثة النعمة.