أحلام مواطن سوري «منتوف»
عندما عاد إلى بيته، أو ما يسمى بيتاً في عاصمة لم يعد للبشر فيها مكان، كعادته لم يجد شيئاً ليأكله، فقرر الذهاب إلى النوم مع أحلامه الجميلة ولم تمض نصف ساعة حتى بدأت الأحلام تراوده ليجد نفسه على أبواب مدينة تشبه الجنة بمناظرها الأخاذة،
حيث تحيط بمدخلها لافتة مضاءة كتب عليها بألوان الطيف «مدينة القامشلي ترحب بكم»، ليدخلها فيجد أبنية معمرة بشكل هندسي منظم وحدائق لا حصر لها في كل اتجاه، وأرصفة معبدة على الطريقة الأوربية، وشوارع نظيفة، ووجد فيها حاويات قمامة أكثر من عدد السائرين على الطرقات فيها، والأمر الذي بدا غريباً له كان عدم وجود أي رجل أمن في طرقاتها أو أزقتها.
وبينما كان يحدث نفسه مشدوهاً، وصل إلى مبنى البلدية، فقرر الدخول والسؤال عما يحدث في هذه المدينة الغريبة، ليجد أمامه شخصاً متواضعاً يجلس خلف طاولة جديدة يقول له: إن الحكومة الموقرة أصدرت الأوامر ونفذت قراراتها بشأن المدينة بهدف جعلها تدخل موسوعة غينيس من حيث الجمال، ووهبت لكل فلاح منكوب جراء سنوات القحط والجفاف سلة غذائية وتموينية تكفيه هو وعائلته لمدة لا تقل عن العام، وأمنت فرص العمل لشبابها كي يكفُّوا عن الهجرة إلى المدن الكبرى، أو الترحال والهجرة خارج البلاد، وأنها أعادت الجنسية السورية للمجردين منها من أجانب الحسكة والمكتومين أيضاً (؟!!)، وكذلك وزعت الأراضي على الأسر المحرومة من ملكية الأرض، وثبتت حق الفلاح الذي لم يثبت بأرضه «انتفاع استئجار»..
فارتسمت ابتسامة كبيرة على وجه صاحبنا قبل أن يأتيه صوت خشن وأجش ليوقظه، فيجد زوجته التي أكل الدهر عليها وشرب «أيضاً» تقف فوق رأسه تنهره لأنه تأخر عن العمل، فيستيقظ ويجد نفسه في بيته المبني من صفيح على أطراف أقدم العواصم في العالم، ليبدأ رحلته في يومه الجديد للبحث عن لقمة عيشه وعيش أطفاله في قطار العاطلين عن العمل، حاملاً في جيب بنطاله الرث همومه وأحلامه المسروقة بين روتين الفساد وبيروقراطية المكاتب والموظفين، طوال العقود الماضية وخاصة في عهد النائب الاقتصادي غير المأسوف عليه «الدردري» الذي جعل المواطن السوري يترحم على أيام «السفر برلك».