أحداث ووقائع وأرقام برسم وزارة التربية ومديرية تربية دمشق.. مدارس قيد السقوط.. و«التربية» لا تستطيع ترميمها
دون خطط ودون سابق إنذار يتم التغيير والتبديل، نرمي فلاناً ونضع فلاناً مكانه، أما لماذا رميناه؟ ما أوجه التقصير الذي مارسه؟ لا أحد يعرف.. ما هي خطة الشخص الجديد؟ ما هي مشاريعه لتطوير آليات العمل؟ لا أحد يعرف أيضاً.
الكفاءات ذاتها، طرق العمل وأساليبه ذاتها، الخدمات إن وجدت ذاتها أيضاً، إذاً لماذا التغيير؟ ما الجديد المطروح الذي يتطلب وجوهاً جديدة؟
بعض المدراء الواثقين من أنفسهم قالوا: هذه بداية لترقيتنا إلى منصب أعلى، والبعض قال غير ذلك ونحن مع هذا البعض.
أما المديريات التي طالها التغيير فهي:
مديرية الثانوي ـ مديرية الامتحانات ـ مديرية الإعداد والتدريس، يضاف إليهم تغيير ستة مدراء مساعدين لمدراء التربية في المحافظات التالية: الحسكة ـ السويداء ـ دمشق ـ اللاذقية ـ حماة، ويقال إن الدور قادم نحو الباقين.
لا شك أن وزارة التربية لديها أسبابها للقيام بهذه الخطوة، ولكن السؤال: لماذا لا تعلن عن هذه الأسباب؟ وما هي خطط المدراء الجدد؟ وما التغيير الذي سيحصل؟ فلننتظر... ما هو قادم؟!
المدرّسون ممنوعون من المرض!!
إذا كنت مدرساً فأنت لا تمرض أبداً.. ولماذا تمرض؟ ماذا ينقصك حتى تمرض؟ كل شيء متاح وفي متناول اليد، فعش دون مرض وبقرار رسمي.
إن التدريس بعكس ما يشاع هو ترياق ضد معظم الأمراض، لذلك وزارة التربية لا تعترف إلا بقائمة صغيرة من الأمراض وعلى جميع المدرسين أن يلتزموا بها، وأي مدرّس يمرض بمرض مختلف لا تعترف الوزارة به وعليه أن يبقى على رأس عمله.
هذه ليست نكتة وإن بدت كذلك.. إنها حقيقة.
أما الأمراض المعترف بها فهي: إصابات الحنجرة ـ استئصال أحد الأعضاء ـ الأمراض القلبية ـ الدسك.
فقط هذه الأمراض إذا أصيب بها أحد المدرسين يستطيع بعد أن يقدم الأدلة القاطعة ليتحول إلى عمل إداري ـ طبعاً إذا توفر الشاغر والشاغر غير الله لا يستطيع أن يوفره.
هناك أمراض كثيرة تحول بين المدرس وبين أداء عمله بشكل طبيعي فلماذا هذا التحديد؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى هل الأعمال الإدارية: مدير، موجه....الخ يقوم بها أناس (معطوبون)؟ أم أنها بحاجة إلى طاقات نشطة؟
المدارس المستأجرة... الخطر القادم
يبلغ عدد المدارس المستأجرة في محافظة دمشق حوالي 220 مدرسة، أخلي منها حوالي 40 مدرسة لأنها آيلة للسقوط وبحاجة إلى ترميم. بعضها أحيل إلى رئاسة مجلس الوزراء مثل ملحق القدم الأولى في القدم والبعض الآخر تقرر إحالته إلى الخدمات الفنية مثل مدرسة جميلة الأنصارية في باب توما وعمرة النجارية في باب الجابية.
وبعض تلك المدارس مغتصبة أو مشغولة من مالكيها أو هيئات أخرى مثل ملحق أبي زيد الأنصاري في الشاغور، وهي مشغولة من نادي الشبيبة، إضافة إلى أم هانئ القرشية في أبو جرش أكراد... وغيرهما مدرسة باحثة البادية في المزة مشغولة من الشؤون الاجتماعية والعمل، التطبيقات المؤنثة مشغولة من الأمن العسكري.
الثانية للبنات في قنوات جادة مشغولة من فرع ريف دمشق للشبيبة ونقابة المحامين ونقابة الفنون الجميلة.
مدرسة عدنان المدني في برزة مشغولة من الشبيبة والاتحاد النسائي. الميدان 3 للبنين مشغولة من المختار.
وهناك مدارس مشغولة من لجنة الدفاع عن العاصمة....الخ.
ونشير هنا أن اللجان الخاصة بوزارة التربية منعت من دخول هذه المدارس لقياس مساحتها والإطلاع على أوضاعها.
لاشك أن الشبيبة والأمن العسكري والاتحاد النسائي والمختار و.... هي جهات تربوية بامتياز! إلا أن هذا لا يبرر لها استيلاءها على مباني وزارة التربية.
إن معظم هذه الجهات لها ميزانياتها ومرافقها الخاصة فما الذي يبرر لها استيلاءها على تلك المدارس؟ هل تم هذا الاستيلاء بموافقة وزارة التربية والتنسيق معها؟ لا أظن ذلك لأن جداول مديرية التخطيط والإحصاء في وزارة التربية تقول إنهم لم يستطيعوا دخول هذه المدارس وقياس مساحتها، وبالتالي هي تابعة اسمياً لها، ولا ندري إذا كانت وزارة التربية مازالت تدفع إيجارها أم توقفت، لكن ما نعرفه أن بعض تلك المدارس شطبت من قوائم وزارة التربية وألغيت، فهل هذا تنازل ورضوخ للأمر الواقع؟
هل هناك دعاوى قضائية ضد تلك الهيئات التي شغلت واغتصبت تلك المدارس؟ هل هناك سعي لاستعادتها؟
في المعلومات التي بين أيدينا أحصينا ثلاث مدارس فقط فيها دعاوى قضائية على المالكين، والغريب أن القانون لا يتحرك إلا ضد المالكين الأساسيين.
هذه المدارس هي
دمر الأولى للبنات في دمر الشرقية، ملحق ذات النطاقين ، وموسى بن نصير في مساكن برزة..
لماذا لا توجد دعاوى قضائية ضد الهيئات الرسمية التي استولت على مدارس وزارة التربية؟
هل لدى الوزارة فائض من المدارس توزعه على النقابات والهيئات الرسمية؟ وإذا كان لديها ذلك لماذا تستأجر مدارس؟
الغريب في جداول وزارة التربية أن المدرسة المستولى عليها من مالكها الأصلي تكتب في بند المساحة (مغتصبة من المالك)، أما إذا كانت المدرسة مغتصبة من هيئة أخرى يكتب (مشغولة من الشبيبة أو الأمن أو....الخ). فلماذا الكيل بمكيالين يا من تعلمون الناس أصول اللغة؟
هل المالك الذي يتقاضى ألفي ليرة أجرة مبنى مدرسة، إذا استعادها يصبح مغتصباً والشبيبة أو غيرها من المؤسسات الرسمية إذا استولت على مدرسة دون وجه حق تصبح قد (شغلتها)؟ إننا نستطيع أن نتفهم ظروف مالك إحدى المدارس استعادها قسراً، لكن لا نستطيع أن نتفهم أبداً وضع مؤسسة رسمية تستولي على مدرسة مستأجرة.
مدارس بلا باحات
قد تكون المدارس المستأجرة في معظمها متآكلة وبحالة مزرية لكن أن تكون دون باحات أو بمساحات (ميكروسكوبية) فهذا شيء لا نستطيع فهمه. ففي مرسوم التعليم الخاص (رقم 55) لا يرخص لأي مدرسة إلا إذا حققت الشروط المعمارية الصحيحة، ومنها وجود الباحات بمساحات محددة في رياض الأطفال يخصص ثلاثة أمتار فسحة سماوية لكل طفل تستوعبه المدرسة، وفي المدارس الابتدائية متران، وفي الإعدادي والثانوي متر ونصف لكل طالب.
لماذا نطالب القطاع الخاص بما لا نستطيع تحقيقه في مدارسنا؟ لماذا نسن القوانين ونخرقها في الوقت نفسه؟
أمثلة حية..
مدرسة عز الدين القسام في منطقة قدم عسالي مساحتها لا تتعدى 140م2 ولا يوجد بها أي باحة.
مدرسة ضرار بن الأزور في الشاغور ـ دويلعة مساحتها 192م2 والباحة بمساحة 30م2 ويفترض حسب القانون أن يكون في هذه المدرسة 15طالباً فقط!
مدرسة عبد الملك بن مروان مساحتها 125م2 والباحة 32م2 وتقع في منطقة القدم ـ عسالي.
هذه عينة من المدارس التي لا تحقق لطلبتها الحد الأدنى من المعمار المدرسي المتعارف عليه أو المنصوص عنه في المراسيم.
تباين في نفقات الماء والكهرباء
هناك مدارس بدوام واحد ومدارس بدوامين.. فهل يعقل أن يكون إنفاق المدرسة ذات الدوام الواحد من الماء والكهرباء أكثر بأضعاف من إنفاق المدرسة ذات الدوامين؟
هناك مدارس متقاربة ولها عدد الطلاب نفسه وعدد الغرف نفسها، فلماذا يكون الفارق في استهلاكها كبيراًجداً.
ألا يدعو هذا إلى التساؤل عن أسباب التباين في نفقات الماء والكهرباء في المدارس.
هل هناك تلاميذ يستهلكون الماء والكهرباء أكثر من غيرهم؟ هل هناك مسبح في مدارسكم؟ لنلق نظرة على نفقات بعض المدارس:
مدرسة رشيد رضا ـ في الميدان ـ عدد صفوفها 6 ودوامها كامل، إنفاقها من الماء والكهرباء 51327 ل.س.
مدرسة تاج النساء ـ في الميدان ـ عدد صفوفها 11 دوامها كامل، إنفاقها 56916 ل.س
مدرسة هواري بومدين ـ في المزة ـ عدد صفوفها 9 دوامها كامل إنفاقها 57312 ل.س
مدرسة عماد الدين الزنكي في الميدان إنفاقها 51752 ل.س
مدرسة أم عاصم ـ في شويكة قنوات ـ عدد صفوفها 12، دوامها كامل، إنفاقها 57000 ل.س
مدرسة عائشة الصديقة ـ في الميدان ـ عدد صفوفها 8 دوامها كامل، إنفاقها 4184 ل.س
مدرسة جميلة القيسية ـ في المهاجرين ـ عدد صفوفها 9 دوامها كامل إنفاقها 4328 ل.س
إننا لا نشير إلى أي شيء عبر عرضنا لهذا التباين في الإنفاق.. وإنما نلفت نظر من يجب أن يكون لديهم كل النظر، وندعوهم إلى ترشيد استخدام الطاقة كما يدعون هم أبناؤنا في المدارس.
أخيراً نشير أن هناك مدارس مخلاة لا طلاب فيها، والغريب أن إنفاقها من الماء والكهرباء يوازي المدارس المكتظة وكمثال على ذلك:
مدرسة الفضيلة والعلم في الشاغور الذي بلغ إنفاقها 12090
مدرسة القادسية في ركن الدين وكان إنفاقها 40994
عثمان ذي النورين في الأكراد وإنفاقها 19797
ملحق جوبر في جوبر وإنفاقها 15120
ابن الجوزي في الشاغور وإنفاقها 10300
والقادسية في الميدان والمدرسة التطبيقية للمناشط الطلائعية في المهاجرين
ومركز التدريب المستمر في القنوات، ومدرسة الشفاء العدوية في برزة وأحمد الغزاوي في الروضة ـ شركسية....الخ.
قيد السقوط!!!!
عدد كبير من المدارس المستأجرة مهدد بالسقوط، أخلي منها نحو 40 مدرسة، بعضها تهدم، وبعضها الآخر بحاجة إلى ترميم كبير.
وهناك مدارس يرتادها عشرات الطلاب ووضعها الفني خطر وبحاجة إلى ترميم سريع، فماذا أنتم فاعلون؟
ـ ترممون؟.. قوانين الاستئجار لا تتيح لكم ذلك، فأنتم لا تستطيعون ترميمها بما يعادل قيمة الإيجار، لأن إيجارها زهيد، والمالك لا يرممها على نفقته.
ـ إذاً الحل الوحيد أن تدعموا الجدران والسقوف ببعض (السقالات)، كما فعلتم بمدرسة (قاسيون) في ركن الدين، ولكن هذا ليس حلاً.. نحن بحاجة لحل جذري لهذه المشكلة.. وهناك مدارس بحاجة إلى تدخل سريع لإصلاح وضعها مثل مدرسة طه حسين في القابون، ومدرسة الملكة بلقيس في البرامكة، ومدرسة صلاح الدين الأيوبي في القنوات، ومدرسة عباس بن فرناس في ركن الدين أكراد.
إن هذه المدارس قيد السقوط (حسب بيانات وزارة التربية) ماذا ننتظر؟ سقوطها أم قرارات الترميم؟
هل الوقت في صالحكم؟
أظن أن هذا الموضوع يجب أن يتخذ فيه قرارات سريعة وحاسمة لأن سقوط مدرسة لن يرضي أحداً، ولن يعبر بسلام... فحاذروا!
■ سامر عادلة