فساد.. فتقرير مدين.. ثم تملّص من المحاسبة في طرطوس!
نشرت جريدة «قاسيون» قبل عام ونيف مادة تتعلق بملف فساد كبير في بلدية الروضة (محافظة طرطوس)، وتطال شبكة فساد معقدة تمتد من رئيس مجلس بلدة الروضة (رئيس البلدية)، وكذلك دائرة السجلات العقارية في بانياس، إضافة إلى رئيس مجلس إدارة جمعية عروس البحر للسكن والاصطياف، وجهات أخرى...
وجاء النشر في حينه بناء على شكوى واحتجاج رفعه أهالي بلدة الروضة ضد ممارسات رئيس البلدية الظالمة بحق الكثير من المواطنين، ومنها اعتماده سياسة الخيار والفقوس والكيل بعدة مكاييل، ومخالفته القانون في كثير من القضايا عندما يتعلق الأمر بمواطنين موالين له أو بمتنفذين فاسدين... والحقيقة أن هذه التجاوزات كانت محط معاناة طويلة ومؤلمة للأهالي، لأن شكاواهم واحتجاجهم المستمر على مدى سنوات، ولجوءهم إلى الجهات المسؤولة والصحافة وغير ذلك.. لم يجد نفعاً حتى اللحظة، لا من جهة محاسبة رئيس البلدية على تجاوزاته ومخالفته القانون، ولا من جهة رفع الظلم عن الأهالي.. بل على العكس فقد تعرض المواطنون المتابعون لهذا الملف إلى حملة من الترغيب والترهيب، ومورست عليهم ضغوطات مختلفة، سواء من «البلطجية» الذين يدورون في فلك فريق رئيس البلدية، أو من جهات مسؤولة في المحافظة، وكلها جهود بذلت بغية ثني المواطنين عن الاحتجاج والمطالبة بحقوقهم، وأيضا بغية تأمين التغطية السياسية لرئيس البلدية وفريقه وشبكة الفساد الكبير التي يرتبطون بها، وهو الأمر اللذي ولّد في مناسبات مختلفة احتقانات واشكالات اجتماعية كبيرة..
إن استمرار هذه الفشكة في فسادها دون محاسبة ناجعة، دفع المواطنين الى متابعة تظلمهم خارج المحافظة بأن أوصلوا الملف المتعلق بفساد رئيس البلدية الى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، وهي قضية التزوير الشهيرة لمشروحات البلدية ومخالفة القانون في بيع أرض سياحية بمئات الملايين الى جمعية عروس البحر.
ويبدو أن إصرار المواطنين ومتابعتهم قد أثمرا أخيراً بأن أصدرت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بتاريخ 26/5/2011 تقريرها عن القضية المذكورة بعد تحقيقات مطولة وتجاذبات معقدة، وتضمن التقرير إدانة واضحة لرئيس البلدية، وجاء في مقترحات التقرير الطلب بإحالته إلى القضاء المختص ووضع صلاحياته بتصرف محافظ طرطوس لإعفائه من عمله كرئيس مجلس بلدة. كما أدان التقرير بالاسم مجموعة من العاملين لدى مديرية المصالح العقارية في مدينة طرطوس، وطلب إعفاءهم، وكذلك طلب التقرير وضع صلاحيات رئيس مجلس إدارة جمعية عروس البحر بتصرف وزير الاسكان والتعمير لاتخاذ الإجرائات اللازمة بحقه لجهة حجب الثقة عنه وحرمانه من الترشح مستقبلاً لرئاسة مجلس الإدارة، وكذلك دعا التقرير محافظة طرطوس لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع إشارة قصر تصرف على العقار رقم 2 منطقة ضهر صفرا صاحب العلاقة بالقضية وتضمن التقرير أيضاً تفاصيل أخرى.
ولكن الغريب في الأمر هو محاولة إخفاء الأمر والتستر على التقرير ونتائجه في دوائر محافظة طرطوس، حيث لم يستطع المواطنون المتابعون معرفة أين أصبح هذا التقرير ومقترحاته، فلمصلحة مَن ذلك يا محافظة طرطوس..؟
ويقول بعض الظرفاء بأن التقرير ربما ابتلع او أخفي في دهاليز مظلمة لأن شبكة الفساد الكبير الاقتصادي والسياسي وحماتها أكبر بكثير مما يتخيلونه، والناس يتساءلون اليوم: هل من المعقول أن يستمر هكذا واقع في هذه الظروف التي يمر بها وطننا؟ وأين أصبحت شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد في دوائر محافظة طرطوس؟!.
إننا في «قاسيون» نضم صوتنا الى صوت الناس ونطالب محافظ طرطوس والجهات الأخرى المعنية بالعمل فوراً بمقترحات ونتائج التقرير، ووفق ما يقتضيه القانون، وبما يؤدي الى محاسبة الفاسدين ومن يحميهم ويعيد الحقوق إلى الدولة وإلى اصحابها من المواطنين.. فوراً ودون أدنى إبطاء