على طريق «وحدة الشيوعيين السوريين» خطوة إلى الأمام

 ما كتبه الرفيق العزيز حنين نمر الأمين الأول للحزب الشيوعي السوري (فصيل النور) تحت عنوان (على طريق وحدة الشيوعيين السوريين) لاقى ارتياحاً واسعاً في صدور جميع الشيوعيين السوريين، وكل من تعز عليهم كرامة الوطن والمواطن. فقد مثلت هذه المادة بحد ذاتها خطوة على الطريق، إذ أنه ولأول مرة، تُوضع مقترحات ملموسة للسير في طريق الوحدة، بعدما كان الحديث عن الوحدة يجري دائماً، بطريقة، أقرب ما تكون للاستهلاك المحلي، وتبرئة الذات عبر قرارات عامة تتخذها المؤتمرات... فتمضي السنوات... وتصبح هذه القرارات في أدراج النسيان... ويأتي المؤتمر الجديد ولا أحد يحاسب اللجنة المركزية عما فعلت في تنفيذ هذا القرار !!.

هذه المادة تختلف....

ففيها اقتراحات ملموسة من الأمين العام، الأمر الذي يشكل بحد ذاته خطوة جدية للأمام نحو توحيد الشيوعيين السوريين.
نتفق رأياً والرفيق حنين، بأن الرأسمالية قد استنفذت نفسها كنظام، ولم تجلب للبشرية خلال أكثر من خمسة عشر عاماً إلا الخراب والدمار ونهب الشعوب وذبحهم، وأن مثل هذا النظام العولمي المتوحش، ليس له من فائدة تُذكر، سوى أنه يقدم الظروف المثلى لنهوض المشروع النقيض والبديل له، ألا وهو المشروع الاشتراكي. كما أننا نتفق رأياً والرفيق حنين، في تثبيت صحة المنهج الماركسي اللينيني، وأن وحدة الشيوعيين السوريين ستدعم دورهم في الانخراط أكثر فأكثر في رفض مشروع الهيمنة الامبريالية على شعوب العالم والقضاء على حركات التحرر ومنها حركة التحرر العربية، إلا إننا إذا طورنا الفكرة أكثر نجد، أن وحدتهم وكما جاء في مبادرة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين قد أصبحت مهمة ضرورية ومستعجلة، وأمراً ملحاً لا يقبل التأجيل، وهي عامل أساسي ومكون للوحدة الوطنية في مواجهة مخططات الامبريالية الأمريكية، كما أن التباطؤ في العمل من أجلها، يضعف اتجاه تعزيز الوحدة الوطنية، فلا يعد ممكناً لعاقل أن يصدق الحديث عن الوحدة الوطنية بينما الشيوعيون متفرقون في فصائل تجافي بعضها بعضاً!!!.
الحديث في مبادرة اللجنة الوطنية عن التباطؤ، يُحيلنا مباشرةً إلى تخوف تَسَرَبَ إلينا من خلال حديث الرفيق حنين عن إعادة توحيد صفوف الشيوعيين «بالطرق المبدئية والواقعية معاً»!!.
هذا التخوف لا يلبث أن يزداد، عندما يتحدث الرفيق حنين عن عدم «القفز فوق الخلافات الموجودة بين الشيوعيين وتجاهلها لدوافع عاطفية» وعن «عدم افتعال خطوات قد لا يكون أوانها قد حل بعد، فلكل مرحلة متطلبات، ولها قدرات وإمكانات». حتى لكأن القارئ يظن، أن هنالك تناقضاً بات يظهر مع مقدمة المقال، والتي أكدت وبشكل قاطع أن مرحلة الهزائم للفكر الاشتراكي قد انتهت، وأن الحركة الشيوعية واليسارية «والفكر الاشتراكي يستعيد جاذبيته لدى جماهير الكادحين في العالم وأعادت معظم الأحزاب الشيوعية والعمالية والاشتراكية تنظيم صفوفها».

ولنا هنا أن نسأل:

ما هي متطلبات المرحلة وإمكاناتها التي تفترض أن تقتصر الخطوات في عملية الوحدة الحالية على نقطتين تتجليان في الحوار والتنسيق في الأعمال المشتركة فقط؟؟!!..
الرفيق حنين يقدم مقاله بالتأكيد على تغير الظروف الموضوعية، والتشديد على أن الظروف الموضوعية الجديدة التي اجتاحت وتجتاح العالم، تختلف بشكل جذري عن الظروف الموضوعية السابقة، ولكنه للأسف، وعلى هذه الأرضية بالذات يحصر متطلبات المرحلة بالحوار والتنسيق في الأعمال المشتركة. وكلنا يذكر النداء الشهير للرفيق خالد بكداش من أجل وحدة الشيوعيين السوريين عام 1987، ففي ذلك الوقت ورغم الاختلاف الشديد بين الظروف الموضوعية التي نعيشها من جهة والظروف الموضوعية التي كان يعيشها الحزب آنذاك، طالب الرفيق خالد بكداش بالحوار والتنسيق في الأعمال المشتركة. فهل مطالبة الرفيق خالد بكداش متقدمة عن زمنها اثنان وعشرون عاماً؟ أم أنه خلال هذه السنوات لم يحدث أي تطورات موضوعية كبرى في العالم ومنطقتنا ووطننا، وأن الزمن في ركود، لكي نعالج موضوعة الوحدة بالأدوات ذاتها؟؟...
مما لا شك فيه أن الشيوعيين السوريين، يجمعون على عدم جدوى وحدة دمج وإلصاق، لا يكتب لها الحياة. وهذا ما أكدته مبادرة اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين، عندما تحدثت عن «ضرورة السعي الحثيث لإيجاد أشكال جديدة مناسبة وفعالة تقرّب الشيوعيين بعضهم من بعض دون إبطاء، ودون تهور...». كما أكدته التجارب الوحدوية التي قام بها فصيل النور مع منظمات القاعدة، واتحاد الشيوعيين، وغيرهم من الرفاق، والتي أثبتت أن وحدة الدمج والإلصاق، لا يمكن أن تؤدي إلى وحدة حقيقية ينتج عنها حزب شيوعي موحد الإرادة والعمل، بل أقصى ما يمكن أن تؤديه مثل هذه الوحدة، إنتاج حزب منابر وتيارات متباينة، بل وأحياناً متناقضة، فتكون المحصلة من حيث الأداء السياسي لهذه المنابر السياسية المتباينة في الحزب الواحد، معادلةً للصفر، لنخرج من هذا التجميع بحزب مشلول الإرادة والعمل، لينعكس ذلك على دوره الوظيفي وأدائه السياسي والتنظيمي والجماهيري، بل والإعلامي أيضاً.
وإذا اتفقنا جدلاً على ضرورة الحوار والعمل المشترك كخطوة أولى، ألا ينبغي علينا أن نسأل عن المضمار الذي ستجري فيه هذه العملية؟؟.
 أكاد أظن أن الفارق الجدي بين قرارات المؤتمرات العامة بالعمل على وحدة الشيوعيين، وبين العمل الملموس والحثيث عليها، يتجلى في وجود أو عدم وجود هيئات أو لجان أو أطر أو ما شئت من تسميات.. يُناط بها تحقيق الخطوات الملموسة في هذا المجال، بل ووضع برامج للحوار والتنسيق. فإن لم نفعل، فستبقى جميع الدعوات الطيبة والنبيلة في هذا المجال حبراً على ورق، وكلاماً في الهواء، أقصى ما يمكن أن ينجزه هو أن يبرئ ذمتنا أمام الآخرين، فنظن أنفسنا أننا نعمل من أجل الوحدة.
من هنا نسأل: ما الذي يمنع وجود مركز تشاوري يضع برنامجاً له بالتوافق ويعمل على تحقيقه، سواء في مجال الحوار أم في مجال تنسيق الأعمال المشتركة؟؟. ولا بأس أن يكون هذا المركز التشاوري بالتوافق، طالما سنأخذ بعين الاعتبار أن «لكل مرحلة متطلبات، ولها قدرات وإمكانات». رغم اعتقادنا أن «قدرات وإمكانات» المرحلة الحالية تسمح بأكثر من ذلك بكثير...
ثم ما الذي يمنع أن يساهم كل الشيوعيين السوريين - بغض النظر عن مواقع مسؤولياتهم - في عملية الحوار وتنسيق الأعمال المشتركة؟؟.. أليس المطلوب إطلاق طاقات جميع الشيوعيين في هذه العملية الوطنية بإمتياز؟؟ أليس من الأفضل أن نُسقط جميعاً ودون استثناء ادعائنا بأن المراكز القيادية هي المفكِرة والفقيهة والملهَمة التي لا يُشق لها غبار، والتي لا يأتيها الباطل من خلفها ولا من بين يديها، وما على الكوادر والقواعد سوى الانصياع لفقهنا وإلهامنا؟؟ ألا يؤدي هذا إلى وحدة حقيقية من تحت لفوق، وحدة بين شيوعيين نحترم طاقاتهم ورؤاهم، لا وحدة بين قيادات تدمج من يتبعها مع بعضهم البعض؟؟ ألا يصب ذلك في عملية وحدة حقيقية صوانية لا عملية إلصاق اندماجي؟؟؟ فتتحقق وحدة الإرادة والعمل لدى جمهور الشيوعيين، وتكتب هذه المأثرة باسمهم جميعاً.. يصنعونها بأنفسهم بدل أن تُملى عليهم من فوق؟؟..
وختاماً أظن أن علينا أن نعترف جميعاً – قواعد وقيادات – لا بالضرورة الوطنية والطبقية والسياسية للوحدة فحسب، بل بأن الواقع الموضوعي وخطورة الوضع السياسي السوري و«متطلبات المرحلة وإمكاناتها» بات يدفع الشيوعيين دفعاً، وخاصة في القواعد الحزبية، نحو الوحدة. ولولا خشية الجور في الحكم لقلتُ أن أكثر من يتحسس ضرورة الوحدة هم القواعد والكوادر الحزبية الوسيطة.. فهل سيسبقنا الواقع الموضوعي ويوحد الكوادر والقواعد الحزبية من تحت متجاوزاً انتظار القرارات الحزبية العليا؟؟؟.
يبدو للمهتم أن المعطيات الحالية تظهر مؤشراتها بهذا الاتجاه .....

حلب في 8/8/2007


ماهر حجار
عضو مجلس اللجنة الوطنية
لوحدة الشيوعيين السوريين