«بمناسبة الدور التشريعي الجديد» ليكن الوطن.... وطناً للجميع!

الوطن أولاً: أرضٌ تمتد ضمن حدود متعارف عليها، وسماءٌ تغطي هذه الأرض برياحها ومياهها وأمطارها وشمسها وقمرها وكواكبها.

والوطن ثانياً: تاريخ وروح وحضارة: أقاليم ثلاثة تشكل شخصيته المتحركة في خطّ صاعد، ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وإنسانياً، نحو الأعلى والأسمى.

والوطن ثالثاً: آمالٌ أحلامٌ وطموحٌ ومنعة وقوة ووجود واستمرار.

والوطن رابعاً: حضور على مستوى العالم، صناعة وزراعة ومؤسسات متنوعة شاملة في ميادين العمل والإنتاج والمعرفة والقوة الروحية، إن لم تكن العسكرية.

والوطن خامساً: المنزل الذي يسكنه الشعب. فبقدر ما يكون هذا المنزل أنيقاً بهيجاً محاطاً بعناصر الجمال، مرتوياً بالماء، والخضرة، حاضناً للشمس، مشبعاً بأشعة الكواكب، متعدد النوافذ، بعيداً عن الأوبئة، يكون سكانه بحالة صحية جيدة.

هكذا يجب أن يكون وطننا إذا أردنا صناعة وطن، لا أن يكون ملكية يتصارع عليها أبناؤه، يتناهبونها ويتقاسمونها كأنها ثروات شخصية توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وكلُّ من المتصارعين يدعيها، ولا أن يحتلّ الأقوياء الطوابق العليا والشرفات والصالات والحدائق المحيطة من منزل الوطن، ويطرح الباقون مع المهملات بعيداً.

جماهير وطننا العربي من أقصاه إلى أدناه، تعيش ليلاً أسودَ، إنها تنتظر صباحاًَ تتمتع بضيائه، فقد طال أمدها وهي في حمأة الظلام والاختناق.

لقد برمت من عيشها النكد، وليلها الحالك، وغيظها المكظوم، وفقرها الدائم، وقهرها الملازم.

لقد مرّ عليها زمان وهي تنظر إلى وطنها المستباح في داخله وخارجه، فأفقدتها هذه الاستباحة عزتها وكرامتها.... كل شيء للأقوياء، ولا شيء للضعفاء إلا ضعفهم.

ثغورٌ مكشوفة، وأراض محتلة، وسماءٌ مخترقة، ومدنٌ فقيرة، وثروات مسلوبة، الأمر الذي ساهم في إذلالها، ومن كان ذليلاً في مسقط رأسه فهو ذليلٌ في موطئ قدمه على أيّة أرض كان في هذا العالم. وفي بيئة الذّلّ تنشأ عقول يجمّدها التخلّف، ونفوسٌ يشوهها التزلّف، وتذهب الحقوق فيها بالتحيّف، ويصبح الناس فيها كأنهم جثث متعفّنة لو نطقت الأرض لقالت: «تنحّوا عني» ولو خاطبتهم السماء لقالت: «اخرجوا من ظلّي».

إنه مظهر غير لائق لأمة قيل فيها: «كنتم خيرَ أمة أخرجت للناس...» فإذا بها تكاد تخرج من الناس.

«رسالتنا خالدة» والفساد يعشش ويبيض ويفرّخ فينا. أمتنا أول أمة تدّعي بأنها حكمت بقوانين السماء، وقوانين الغرائز تتحكم فينا.

شرائح تعيش الترف المطلق، وشرائح تعيش على الفتات.

فكيف يكون الوطن قوياً وإحدى يديه مشلولة؟

العدالة والحرية أولاً...: وكل خلل أو عيب أو نقص أو جهل أو تخلف أو ضعف سيزول وبأقصى سرعة... لا محالة.

■  محمد سعيد اسبر

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 12:37