وعادت اللشمانيا مجدداًَ

 يشكل مرض «اللشمانيا» أو كما يعرف محلياً بـ «حبة حلب» مشكلة صحية وبيئية في سورية، خاصة بعد انتشاره بشكل كبير في السنوات الأخيرة في أكثر من محافظة، هذا المرض المزمن الذي يتسبب بأذية للجلد في معظم الأحيان، ونادراً ما يصيب الأعضاء الداخلية، يسببه طفيلي وحيد الخلية يعيش داخل حشرة ناقلة تسمى «ذبابة الرمل»، وهي حشرة صغيرة صفراء اللون تنتقل عادة بواسطة القفز.

ينتقل هذا الطفيلي إلى الإنسان أو الحيوان عن طريق هذه الذبابة التي تتواجد بكثرة في حظائر الحيوانات والأماكن المظلمة والمهجورة والرطبة، وبين شقوق الجدران والكهوف والقمامة. وتطير ذبابة الرمل على ارتفاع منخفض من الأرض (حوالي متر أو أقل)، ويكون أقصى نشاطها في آخر النهار، حيث تنقل الطفيلي الذي تحمله من خلال تنقلها بين أماكن تواجدها (القذرة) والمناطق السكنية الفقيرة التي تتاخم في الغالب مقالب القمامة والمستنقعات حيث تكثر الإصابات.

تزداد نسبة الإصابة بهذا المرض مع ازدياد التلوث البيئي، ويرتفع عدد المصابين كلما اقترب السكن من مصبات الصرف الصحي المكشوفة كما هو الحال في حلب أو القامشلي خاصة، وفي باقي المحافظات السورية بما في ذلك العاصمة، بشكل عام. كما يكثر انتقال العدوى مع ازدياد تموضع القمامة في المناطق المسكونة خاصة تلك التي تبقى لأيام دون ترحيل، وتعد الحيوانات الخازنة للمرض أهم مصادره كالكلاب والقطط والجرذان والإنسان المصاب به، ويترك هذا المرض آثاره كندبات دائمة في أماكن الإصابة خاصة على الوجه، وذلك على شكل حبة حمراء ذات فتحات صغيرة، ويزداد حجم هذه الحبة ويصل حتى (1-2 سم). وتصيب العدوى كل الأعمار دون استثناء، عكس ما يشاع خطأً أنه يصيب الأطفال فقط.

وكانت وزارة الصحة قد بينت في إحصاءاتها لعام 2003 بأن عدد المصابين باللشمانيا في سورية قد بلغ حوالي 29 ألف إصابة، وسبب تسميتها بـ/حبة حلب/ نابع من كون محافظة حلب تحتل المرتبة الأولى بعدد المصابين الذين يزدادون كل عام على الرغم من إجراءات الوقاية والمعالجة.

ففي الآونة الأخيرة بدأت بالظهور حالات كثيرة من الليشمانيا في دمشق، وخاصة في منطقة مزة جبل 86 (مخالفات)، بسبب القمامة الموجودة بكثرة في هذا الحي، وعدم نقلها إلى المقالب والمكبات إلا بفترات متباعدة، وهناك أيضاً منطقة جديدة عرطوز التي ظهرت فيها حالات عديدة مشابهة. وكان الأهالي في منطقة جديدة قد أبلغوا المراكز الصحية في محافظة الريف لمعالجة المرض بالسرعة القصوى، وقد جرى تخصيص ممرضات وأطباء من مستوصف الجديدة لهذه الغاية، كي تتم محاصرة المرض وعدم تفشيه وانتقال العدوى للأطفال خاصة، ونرجو أن تسير الأمور بالشكل المرتجى...

أن يبدأ فصل الصيف بهذا الشكل، فهذا إنذار مبكر لجميع المعنيين في الأمر، بدءاً من وزارة الصحة التي يناط بها التحرك السريع والإيعاز للمراكز الصحية التابعة لها لتشكيل دوريات دائمة في تلك المناطق حفاظاً على صحة المواطن من هذا المرض الخطير والمزمن، مروراً بالجهات البلدية والبيئية التي يجب أن تحسن من أدائها في مجال الخدمات وسلامة البيئة، وانتهاء بمسؤولي التخطيط، فعلى هؤلاء جميعاً العمل على حماية أرواح الناس، وإزالة كل الأسباب التي من شأنها الإضرار بهم وبأطفالهم وأمنهم الاجتماعي.

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 17:33