مسخرة اسمها: الاتصال الخلوي!
عندما ترى شخصاً واقفاً على قدم واحدة ويناور برأسه ذات اليمين وذات الشمال في حي «المهاجرين» على سفح جبل قاسيون، اعلم أنه يجري اتصالاً اضطرارياً عبر هاتفه الخلوي!!
هذا ليس كلاماً غايته الإضحاك المجاني أو التهريج، وإن بدا كذلك.. هذا بكل أسف واقع معاش ما يزال يصم الاتصالات في بلدنا..
فمع دخول شركات الاتصالات الأخطبوطية في سورية عامها السابع، ما يزال سكان حي المهاجرين يعانون من ضعف تغطية الإرسال لحيهم ربما الأكبر في العاصمة، وعندما يرغب أحد المواطنين بإجراء اتصال عن طريق هاتفه الخلوي غالباً ما ينقطع اتصاله بسبب ضعف الشبكة، وغالباً ما يكون بحاجة لمعاودة الاتصال مرة أخرى، مما يعني أن معاودة دفع سعر الدقيقة مرة أخرى وربما مرات، قبل أن يحقق ما يرجو من هذا الاتصال.
وطبعاً، ومع امتناننا الكبير لشركاتنا (الوطنية) الفاعلة في هذا ، فهذا هو الحال في كثير من مناطق دمشق وضواحيها، والأمثلة كثيرة، مما يدفع الناس للسؤال: أينبغي على المرء الانتقال والعيش في «المالكي أو أبو رمانة» ليحظى بفرصة التوفير في الوقت والمال المهدورين؟؟
هذا عدا عن فرصة بقائهم على اطّلاع بآخر مستجدات عملهم وصلاتهم الاجتماعية التي أصبحت (والحمد لله) تعتمد بشكل أو بآخر على شبكة بلا أعمدة تربطهم والعالم!.
ويكبر السؤال؛ ما العائق أمام تحقيق تغطية أفضل؟ أهي مصاريف الشركة لتحسين نوع الخدمات؟ أم فقرها المدقع، وهي لا تبيع إلا الهواء!؟
ربما العائق الحقيقي أمام تطوير هذه الشركات للحد الذي تجعلنا نحسّ أنها أصبحت شركات تحترم نفسها فعلاً، هو الخوف من خسارة ليرات إضافية تسلب من جيوب المواطنين، الذين يُعاملون حتى هذه اللحظة كزبائن كرماء و(مغفلين) جلّ اهتمامهم معاودة الاتصال مرات ومرات....
فإلى متى يستمر هذا الاستخفاف؟؟ وإلى متى تستمر المسخرة؟ وإلى متى سيبقى اعتماد شركات الاتصالات المليارديرية في تقوية التغطية على الهوائيات الصغيرة المعلقة فوق أسطح المباني؟.
والجميع بات يعلم أن هذه الهوائيات تمثل ضرراً حقيقياً لساكني هذه المباني، من حيث تركز ذبذبات البث عالية الخطورة فوق رؤوسهم، وما لذلك من أثر كبير في زيادة صداعهم وقلقهم أثناء النوم، فضلاًَ عن أثر هذه الهوائيات على ما يملكون من أجهزة إلكترونية غالباً ما تكون باهظة الثمن.
وأخيراً، متى سيكف الناس عن إخراج رؤوسهم من النوافذ، أو الخروج إلى الشرفات، أو الصعود إلى سطوح المباني، لإجراء اتصال خليوي مع العالم الضيق الذي يحيط بهم، دون أن يحلموا للحظات قليلة بتوسيع هذا العالم ولو قليلاً، في وقت يدعي بعض المنظرين في الشرق والغرب أن العالم تحول إلى قرية صغيرة؟؟!!
■ وسيم الدهان