تعا... نحسبها...

كل طالب جامعي لا يستطيع اجتياز المرحلة الجامعية، يعني خسارة كلفة إعداده خلال 22- 25 سنة، وبالتالي خسارة جزء من استثماراتنا الموظفة في التنمية البشرية للنهوض بالتنمية الاقتصادية، وبتفاصيل أدق حسابياً، فإن كلفة إعداد الطالب الجامعي للاختصاصات النظرية؛ (آداب، لغة انكليزية, حقوق, علوم إنسانية، الخ..) في الجمهورية العربية السورية هي 61739 دولار أمريكي، ما يعادل 3.15 مليون ليرة سورية، موزعة على محاور أربعة هي:

- كلفة تنشئته على عاتق الأهل، منذ ولادته وصولاً إلى العمر الإنتاجي الذي ينهي الطالب عنده دراسته الجامعية وينتقل إلى الحياة العملية الإنتاجية.

- كلفة التعليم السنوية، اعتباراً من لحظة دخوله إلى المدرسة وحتى تخرجه، وتقع هذه الكلفة في سورية على عاتق الدولة في معظمها، وتزداد تصاعدياً في كل مرحلة تعليمية (ابتدائية, إعدادية, ثانوية, جامعية).

- كلفة الرسوب في المراحل التعليمية المختلفة على الأهل والدولة.

- كلفة الفرصة البديلة.

وأسباب عدم اجتياز المرحلة النهائية متعددة، فمنها صعوبة التواصل بين طرفي العلاقة طالب أستاذ، بسبب الكثافة الطلابية في المحاضرة (قسم اللغة الانكليزية، وكلية الحقوق- جامعة دمشق).  وتقصير الطالب, ومنها غياب الأسس الواضحة للنجاح والرسوب، والتي تأخذ سمة المزاجية في كثير من الحالات، فضلاً عن عدم توافر الظروف المكانية والزمانية ليعيش الطالب طقوسه الطلابية حقاً وواجباًً. وانعكاس ذلك كلّه على ضعف تفاعله مع المؤسسة الجامعية، لتحصيل أكبر قدر من المعارف والعلوم، والتواصل الجامعي مع زملائه وأساتذته، على الصعيد الفكري والإنساني والإبداعي، ضمن المنظومة الجامعية، وعلى تحقيق الحد المفترض من الأهداف.

يمكن تقليص كل هذه الأسباب وحصرها وتجاوزها، إذا ما قارنا الخسارة الإجمالية الناتجة عن هذا الارتباك الجامعي بمكوناته وعناصره، عبر معالجة الأساس، من خلال مقارنات يمكن الاستدلال عليها كمياً بخيارات ممكنة كالكلفة، التي يمكن ملامستها انطلاقاً من عدد الطلاب غير المتخرجين، الذين يعدون بالمئات خلال الخمس عشرة سنة الماضية، على مستوى القطر، في بعض الأقسام والاختصاصات النظرية، وكلفتهم الإجمالية، بفرض عددهم هو 300 طالب (لم يستطيعوا أو تأخروا في اجتياز المرحلة الجامعية)..

300 طالب ×3.15 مليون ل .س = 945 مليون ل.س

هذه المئات من الملايين يمكن توظيفها في توسيع الجامعات أفقياً وعمودياً، عبر زيادة مساحات الأبنية وعدد المدرسين والأساتذة ورفع كفاءتهم وتدريبهم، إلى جانب العمل على تأهيل نوعي للمدرسين، وفق رؤية تضعها الجامعة ويلتزم بها المدرس، تدفع باتجاه تخريج هؤلاء الطلبة المتعثرين، لأسباب هم مسؤولون عن بعضها وغير مسؤولين عن بعضها الآخر، وتتقلص بذلك الخسارة خلال زيادة فرص الاجتياز الجامعية، وصولاً إلى الحياة الإنتاجية ودافعاً باتجاه منافسة  الجامعات الخاصة، التي بدأت تستقطب جزءاً ليس بقليل أمام خياري الزمن والكلفة المادية، التي تعيشها فئة ليست بقليلة من الطلبة في الجامعة، فتختار الزمن وتفضل الجامعات الخاصة في حالات كثيرة.

فالتعامل مع التعليم كحرفة نوعية تنافسية، يتطلب إتقانها كحرفة أولاً، ثم لرفع إنتاجيتها ثانياً، وذلك على يد الأكفاء من المدرسين وبتأمين عناصرها الأخرى، كالنوعية الجيدة من الطلاب، والتمويل المادي المدفوع سلفاً عبر ردم هذه الهوة المادية غير المنظورة.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 22:27