الحكومة الإلكترونية بين فساد الإدارة... وسلطة المال
يوجد في سورية من يحاول مشاركة الدولة في استثمار المواطن، فإذا كان للدولة الحق أن تقتطع بدلاً استثمارياً لما تقدمه من خدمات للناس، فهناك من يحاول تحت غطاء أنه جهة أهلية، ويرتدي قبعة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، أن يتطفل على أموال الناس وعلى القطاع العام وهو يظهر بمظهره، ويسير في ركابه، لكي يستفيد قدر استطاعته من المرسوم الجمهوري الذي يخول جهات القطاع العام بالتعاون مع الجهات العاملة الأهلية، وذلك دون منغصات مالية أو إدارية تذكر.
ومع أن إحدى هذه الجهات المتطفلة تترتب عليها ديون توازي مجمل استثماراتها في سورية، بعد أن هربت كل أموالها إلى خارج سورية، ولا تملك حالياً ما يستحق الذكر في المصارف السورية، إلا ما هو ضمناً ملك لغيرها، هذه الجهة تستثمر، وتنافس، وتحصل على الامتيازات، نحن الآن لا نعني الشركات التي تقوم أحياناً بتزويد الخدمات وإقامة الدورات، وإنما نتحدث عن الذين يلبسون قبعة الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، الذين يستثمرون مزود الخدمة لديها، هؤلاء تترتب عليهم ديون لمجلس إدارة الجمعية ما يقارب من /300/ مليون ليرة سورية، وإذا أحصينا بالأرقام وبقائمة طويلة كل رساميل من يعمل، بما فيها رساميل هذه الجهة، لن تغطي هذا المبلغ، حتى مع حساب ممتلكاتهم العينية.
لماذا يحصل كل هذا؟ أين ما حصدتموه من عشرات الملايين خلال السنوات الماضية؟ يبقى السؤال بلا جواب.
والغريب أن الدراسات التي تعد على مستوى صغار الموظفين والتي من الممكن مرورها على كبار الموظفين أو أصحاب القرار، وضعت فيها الكثير من الشروط، ولا تتناسب إلا مع هذه الجهة، وبالتالي لا تستطيع تحقيقها إلا هذه الجهة أيضاً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن يكون لمزود الخدمة إذا أراد الاستثمار في هذا المجال ثلاثة مراكز للخدمة مرخصة في سورية، مع العلم أن أكثر من شركة لمزودات الخدمة للانترنت، منعت من فتح مراكز خدمة مباشرة، لأن أحد الشروط الاستثمارية أن تكون لمزود الخدمة خبرة أكثر من ثلاث سنوات.
والسؤال هل كبار الموظفين وأصحاب القرار وأصحاب التوجهات النظيفة اطلعوا على هذه الشروط؟
على ما يبدو أن هناك أيدي خفية، وأنامل سحرية وناعمة، وضعت هذه الشروط، لأن الجهات الوصائية، معروف عنها أنها تريد «الزبدة» ولا تناقش في التفاصيل، وللأسف على مبدأ جمع الأوراق، وحسب التوجهات، تم تمرير أكثر من مشروع على هذا النحو، وفجّرت في وجه من يريد الإصلاح.
إلى متى ستبقى الخدمة محتكرة من قبل شركات معينة؟ هل يعقل مثلاً أن تعطى لإحدى الجهات /4 ميغا/ من الانترنت، بثلاثين مليون ليرة سورية سنوياً؟ في الوقت الذي يمكن فيه تأمين الاتصال نفسه، بكلفة لا تتجاوز المليون ليرة؟
وبحجة أن الجهة شبه حكومية، يتم استغلال جهل الآخر. أين هي البدائل في إيجاد بنية موثوقة، وتوسيع شريحة المستفيدين؟ في الموقع الرسمي لمحافظة دمشق، نُشر إعلان يقول: إن البوابة الالكترونية ستفتح خلال ثلاثة أشهر، ولم يبق لهذا الإعلان سوى ذكرى، نتيجة وضع العصي بالعجلات، من محتكري الخدمة، الذين لم يفهموا أن الحل ليس وحيداً، وأن هناك حلولاً أخرى للحكومة الالكترونية، وهذا ما خلق ضجيجاً كبيراً، وبلبلة ضخمة، قبل انعقاد المؤتمر الأول للحكومة الالكترونية.
لدينا قناعة كاملة، بأننا نمارس الروتين غير الطبيعي. علماً أننا لن نستطيع اكتساب تلك الثروات التكنولوجية الهائلة، إلا بالتخلي عن العقول المتحجرة عند بعض المسؤولين، التي تدير القرارات وتشرعها، متمسكة بالماضي البعيد، وكلنا أمل أن نخطو، ولو بخطوات بطيئة، نحو ما يحقق الحكومة الالكترونية.
فالحكومة الالكترونية، هي بكل بساطة، الانتقال من تقديم الخدمات العامة، والمعاملات الورقية في جميع الدوائر، من شكلها الروتيني القاتل، إلى الشكل الالكتروني، المتناول عبر الانترنيت. ذلك الروتين الذي يزيد من مشاكل البيروقراطية،والفساد في الإدارة، والصعوبات التي ترافقنا عند التوجه لحل أية مشكلة عالقة، أو معاملة ليست مستحيلة الحل. فالحكومة الالكترونية هي العامل الأهم بالنسبة للمواطن، في توفير وقته وماله معاً.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.