شركات النفط الأجنبية.. وحسابات الحكومة الخاطئة
إن ما أثير في العدد السابق، حول كميات المازوت (المدعوم)، التي تستجرها شركة دبلن للنفط، هي غيض من فيض، والحقيقة أن الشركة حصلت، وتسعى للحصول على كميات أكبر من هذه المادة في المدى المنظور، وهذه الكميات ستكون أضعافاً مضاعفةً لما يتم استجراره حالياً، وهنا نتحدث عن (ملايين اللترات شهرياً) المدعومة من المازوت.
والملفت، أن الحكومة التي تلهث لرفع الدعم عن المازوت الذي يحصل عليه المواطنون السوريون، والمتألمة كونه يقدم لهم بسعر بخس، معتبرة أن ذلك يرهق الخزينة ويدفعها نحو الإفلاس، لم تحرك ساكناً باتجاه تصويب طريقة إمداد هذه الشركات بالمازوت المدعوم، وحين أثارت صحيفة «قاسيون» في عددها الماضي هذه القضية، جاء الرد الشفهي (غير الرسمي) على المقال المذكور معتمداً التبريرات القديمة السابقة نفسها، التي ما انفك يقدمها من كبار المسؤولين في قطاع النفط، والتي تقول: (إن هذه الشركة نفقاتها مُسترَدة، وبالتالي فإن جميع فواتيرها، سوف تعاود الحكومة أو الشركة السورية للنفط دفعها للشركة، وسواء دفعت الشركة قيمة المازوت مدعوماً (أي بـ 7ليرات) أو بالسعر العالمي الذي يفوق اليوم الـ 35 ليرة سورية، فإن الشركة السورية للنفط أو الحكومة في الحالتين سوف تعيد قيمة هذه المادة كما دفعتها، لذلك لا يوجد مبرر لرفع قيمتها.
إذا كانت أمور هذا القطاع تحسب على هذا المبدأ (فالعوض بسلامتك)!! وإذا مشينا وراء نظريتهم المهولة، كي نرى ما مدى دقتها سنكتشف:
- أولاً: إن أي فاتورة، سوف تسترد من النفط الإضافي المنتج فوق الكمية المنتجة أصلاً بهذه الحقول.
- ثانياً: يجب أن نسأل: هل يوجد نفط إضافي حقيقي حققته الشركة، وبشكل خاص في حقول (تشرين، الشيخ منصور، الشيخ سليمان)؟. معلوماتنا تقول إن كميات النفط المنتجة، هي أقل من نفط الأساس.
- ثالثاً: هل الكميات المستجرة من المازوت (المدعوم)، معوض عنها من النفط الإضافي الذي تحققه تلك المولدات؟ هذا إذا أضفنا قيمة المولدات، وهي بملايين الدولارات (وهي مستردة القيمة) وأجور الخبراء الذين يعملون على هذه المولدات، إضافة إلى الفنيين والعاملين المحليين، (وبالمناسبة، يمكن إخراج هؤلاء المحليين خارج الحسبة، لأن مجموع العاملين، مهما بلغوا، لا يكلفون ما يكلفه خبير واحد). فإذا أجرينا هذه الحسبة ستكون النتيجة مرعبة.
- رابعاً: المهم جداً، إن شركة دبلن قد استلمت أحد الحقول، (حقل تشرين)، وهو ينتج 100000 متر مكعب من الغاز يومياً، وهذه الكمية من الغاز، هي ملك الحكومة، والشركة السورية للنفط، فلماذا لا يتم استخدامها بدل المازوت المدعوم؟ إن كمية الغاز المنتجة من هذا الحقل، والتي قد زادت الآن عن الرقم السابق استناداً إلى معلومات عن آبار جديدة تم حفرها، إن هذه الكمية تضيع كاملة في الهواء، منذ أن تسلمت شركة دبلن الحقل منذ نحو ثلاث سنوات، وبذلك لا يتم الاستفادة منها أبداً.
ويبقى أن نتساءل: إذا أعطيت هذه الشركة الأجنبية المازوت بالسعر العالمي، هل سترتفع كلفة استخراج برميل النفط، مما قد ينعكس ذلك سلباً على سعر السهم بشركة دبلن؟
وإذا رفع الدعم عن ملايين اللترات من مادة المازوت، والمسترد لصالح الشركة لاحقاً، هل سيتضرر الاقتصاد الوطني؟
إذا كان يتملكنا الخوف على شركة دبلن، من أن تتأثر مالياً، فأود أن أفيدكم بأن شركة دبلن بحالة بيع لامتيازها، مع حفاظها على الأصول، وهي أكدت بأنها لن تبيع الأصول كما ورد.