حدائق جديدة عرطوز في خطر
جديدة عرطوز.. هذه المدينة الغنية بحدائقها المشتهرة بخضرتها الدائمة والأشجار الكبيرة والمعمرة، تحولت بفعل الحركة العمرانية الجائرة في السنوات الأخيرة إلى حدائق جرداء. فما إن وصلت إليها أيدي بعض الفاسدين الكبار في جهاز الدولة، ومنهم محافظ سابق وبعض المتعهدين الكبار، ثم تحولت منطقة الجديدة إلى كتلة أسمنتية كبيرة، اختفت بين جدرانها الحدائق التي كانت متنفساً للكبار والصغار، ووصلت التعديات إلى المخطط التنظيمي للمدينة بالتعاون مع عدد من رؤساء البلديات، الذين لم يعملوا لصالح المدينة، بل كان همهم إرضاء المتعهدين الكبار، مما أدى إلى ارتفاعات جنونية في أسعار البناء، فوصل سعر منزل مساحته 100م2 إلى أكثر من 3 مليون ل.س.
رغم كل هذه التعديات ظلت البقع الخضراء موجودة، ولكن هذه الاعتداءات السافرة طالت إحدى الحدائق في منطقة السكن الأول، عند مدخل الجديدة الرئيسي، فحولتها إلى ساحة جرداء قاحلة، رغم مطالبة الأهالي بوضعها في الخدمة، وجعلها حديقة ترتادها العائلات وكبار السن، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
هذه الحديقة تعرضت لعدة حرائق متعمدة، آخرها قضى على أشجار عمرها عقود طويلة من الزمن. وتقول إحدى السيدات، تقطن بجوار الحديقة: «كان مشهد حرق الأشجار تلك يعصر قلبي ألماً، وجرت محاولات كبيرة من الأهالي للسيطرة على الحريق وإطفائه، إلا أنها لم تنجح».
ميشيغان في الجديدة
أما الحديث عن مطعم ميشيغان، سلسلة المطاعم الأمريكية المعروفة، فيطول كثيراً، لأنها كانت التعديات الأخطر في جديدة عرطوز، وعلى عينك يا تاجر، وأمام عيون رئيس البلدية والمجلس البلدي، ولم تفلح السيدة التي تسكن بجوار المطعم في اعتراضها على هذا المشروع، وذهب نداؤها أدراج الرياح، وكان رد صاحب ترخيص المطعم دائماً: «إذا مو عاجبك هذه البلدية أمامك، وإيدك وماتعطيك». ولتبرئة الذمة قام رئيس البلدية بالمرور من أمام المطعم والمباركة، وإرسال عدد من أعضاء مجلسه الكريم للتعبير عن رأي الأهالي بالموافقة.
هنا نسأل رئيس بلدية جديدة عرطوز: «إذا كنت عاجزا عن قمع مخالفة صريحة تستهدف المال العام، فما هي وظيفتك الحقيقية؟! ومازالت مملكة هذا المستثمر تكبر وتتسع رويداً رويداً، وقد تصل إلى قضم عدد من البيوت المجاورة.
حدائق عامة ضحية الاستثمارات
أما حديقة الباسل في السكن الأول، فقد تم إغلاقها نهائيا وتركها مدة طويلة دون عناية تذكر، من تقليم للأشجار وسقاية وتنظيفات، فهي أيضا غريبة، ورئيس البلدية يدعي أنه أغلقها بطلب من الأهالي، وللتوضيح، فإن طلب الأهالي كان لإلغاء الألعاب والاستثمارات داخل الحديقة، وإبقائها حديقة عامة للاستراحة.
وكذلك حديقة الطلائع فهي مازالت رهينة بيد أحد المستثمرين، وتوسعت فيها أماكن الجلوس، من الطاولات والكراسي على حساب الأشجار وألعاب الأطفال، فقد بدأت باستثمار عشر طاولات، وانتهت اليوم بأكثر من مئة طاولة. ومثلها حديقة الرازي، التي سميت ملتقى العشاق، حيث على الزائر التأكد من جيبه، لأن الدخول الى هذه الحديقة، يشبه ريادة المطاعم ذات النجوم الخمس.
هذا غيض من فيض عن حدائق جديدة عرطوز التي سال من أجلها لعاب بعض المستثمرين، بعضهم أفلح وبعضهم ينتظر دوره على قائمة الفوز بفرصة، بعد الحصول على رضى أهل الحل والربط، واللعبة مستمرة.