المتضررون من قروض هيئة مكافحة البطالة يصرخون: تحولنا من عاطلين عن العمل.. إلى مسحوقين ومشبوهين!
حضرت «قاسيون» ندوة مستديرة، دعا إليها بعض «المتضررين» من قروض مكافحة البطالة، الذين شكلوا لجنة للدفاع عن حقوقهم التي تبخرت مثلها مثل أحلامهم، نتيجة العقبات التي رافقت إجراءات حصولهم على قرض من الهيئة العامة لمكافحة البطالة (المنحلّة)، وما تلا ذلك من تبعات أدت إلى إفلاس معظمهم وجعلتهم عرضة للملاحقة القانونية..
أين الـ 50 مليار ل.س؟
حسان أمين، السلمية، «مستفيد» من قرض هيئة مكافحة البطالة، قال:
قدمت دراسة جدوى لإنشاء منشأة صناعية، وكانت الدراسة بتكلفة 1.5 مليون ل.س وهو الحد الأدنى لإقامة المنشأة، فلم توافق الهيئة على الدراسة، واقترحت مبلغاً أقل من ذلك بكثير، ولحاجتي الماسة للقرض وافقت على الدراسة، وتقدمت بالأوراق للحصول على القرض. اشتريت الآلات، لكنني لم أستطع البدء بالعمل بسبب عدم كفاية رأس المال، وقبل الحصول على أية دفعة من المصرف صدرت 200 ألف ل.س رسوم وتراخيص، أضف إلى ذلك المصاريف التي ذهبت هنا وهناك أثناء ملاحقة المعاملة.
قمنا بتشكيل لجنة متابعة تساعد الهيئة والمستفيدين على حل مشاكلهم، وكان هناك عدة لقاءات تحت إشراف الهيئة. وذلك في المركز الثقافي بحماة. وبلغ عدد المستفيدين 8302، بينهم نسبة كبيرة من الصناعيين، منهم من باع أرضه أو رهن بيته، ونحن بحالة رعب حقيقي من الملاحقات القانونية. حينها سندافع عن أموالنا، وقد نتحول إلى مجرمين حقيقيين.
إن الـ50مليار ل.س المنذورة لمشاريع مكافحة البطالة جاءتنا منحة من ألمانيا ودول أخرى، وهي معفية من الضرائب، فلماذا يلاحقوننا بالضرائب المرهقة؟ هذه ليست هيئة لمكافحة البطالة بل هي مدرسة لتخريج المجرمين!
هناك 16 ملياراً أنفقت كقروض، ومثلها على الملذات والموائد، فأين الباقي؟ جاءنا الرد أننا قمنا بمشروع الصرف الصحي في السلمية بقيمة 40 مليون ل.س، ومجرور الكريم بـ20 مليون. لدى مراجعتنا رؤساء البلديات في هذه الأماكن قالوا لم يصلنا شيء.
أخيراً فوجئنا بأن أحد المتنفذين الكبار، قد اقترض 200 مليون ل.س، فعندما يدفع هذا المتنفذ ما عليه ندفع نحن.
قروض مجتزأة ومعوقات إدارية
بهجت ضحّيك من كفر بهم: بعد تقديم دراسة الجدوى للهيئة ترفضها، وتفرض عليك دراستها الخاصة التي تقرض في أحسن الأحوال نصف القيمة المطلوبة لإقامة المشروع. وبعدها تُفاجأ بطلبات المصرف التي لا تنتهي. وفي الترخيص الإداري، بدل أن تكون المساحة 200 متر مربع يفرضون 4 دونمات، وأحياناً يصل ثمن الدونم الواحد إلى أكثر من قيمة القرض. ولو كنا نملك ثمن أربعة دونمات لما كنا من العاطلين عن العمل. وتجزئة القرض على ثلاث دفعات شيء آخر. علماً أن القرض هو على دفعة واحدة. نهدر حوالي ثلث القرض تسجيل إداري من حماة إلى دمشق ومنها إلى حماة.
أحد العاملين بالهيئة قال لي: كتبت أن مشروعك منفذ بنسبة 95 % وعند مراجعتي للهيئة وجدت أنهم سجلوها 5 %، فأين طارت التسعين؟ فتشنا عن التقرير المذكور فلم نجد له أثراً!
منشرة الحجر التي أردت إنشاءها، حسب ما يقول مدير شؤون البيئة، ملوثة للبيئة، أما معمل الإسمنت المسبب للسرطان لمئات الأشخاص في «كفر بهم» فهو لا يلوث!!.
والكشوف التي يقوم بها البنك تدفعها مضاعفة، مرة بشكل رسمي ومرة كأجور سيارات بعد الدوام.
من الحلم إلى المأزق
محمد شيخ ياسين من سلمية: تقدمت بطلب قرض لإقامة معمل شبك حديد نقطي (برنت)، لنعمل به أنا وأولاد أعمامي السبعة عشر شاباً. قيل لي إن المطلوب أولاً مكان المعمل مسقوفاً ومسوراً بمساحة 500 ـ 750م2.. أقمنا الحيطان وسقفنا المكان، بعدها بدأنا بدراسة المشروع والترتيبات النظرية والعملية لإنشائه. فاستجر أبي وأعمامي قروضاً للمباشرة بالمشروع وتهيئة المكان لهذا القرض كي تستطيع أن تستجر قرضاً من هيئة مكافحة البطالة.
وصلت كلفة البناء لنحو مليون ل.س، بعدها خضعنا لدورة تدريب على كيفية تقديم دراسة جدوى في الهيئة.
قدمت دراسة جدوى بنحو 3.5 مليون ل.س، فوافقوا على 2.7 مليون، وحولوني إلى المصرف، وأنا لا أستطيع التراجع بعد أن أقمت البناء وكلفني (1) مليون، رضخت للأمر الواقع.
طلبوا مني رخصة إدارية وسجلاً تجارياً، وكنت قد كتبت بالدراسة أن التراخيص تكلفني 70 ألف ل.س لجهلي بذلك. وعند تقديمها جعلوها 200 ألف لمعرفتهم بالأمور وتعقيداتها.
المخططات الهندسية فقط 200 ألف ل.س، سجل تجاري 40 ألف، عقد شراكة 10 آلاف، بعد الرخصة الإدارية والموافقة المبدئية قبضت 1.200مليون ل.س.
وقمت بدفع عربون شراء الآلات للمصنّعين، بعدها قبضت القسم الثاني من القرض، وأمّنّا الرخصة الصناعية من مديرية الصناعة، طالت الفترة نحو شهرين، وبعدها الترخيص النهائي والسجل التجاري.
المبلغ لم يكن كافياًً، لذا اقترضت 500 ألف ل.س، وراحت الديون تتراكم على العائلة، والآن، المطالبون بديونهم يأتون من كل حدب وصوب.
استكملنا بناء المشروع، وركبنا الآلات وها نحن نقعد قبالتها نتفرج عليها.
طالبنا الهيئة أكثر من مرة بقروض مساعدة وخاصة بعد غلاء الأسعار، إذ كان الحديد أثناء الدراسة بـ20ل.س والآن بـ63ل.س. نحن الآن نعمل لصالح التجار، يأخذون تعبنا وأرباحهم، والدولة تتفرج ولا تقدم لنا أي مساعدة مما وعدتنا به.
عمالي مسجلون بالتأمينات وغرفة الصناعة وأدفع في كل سنة 70 ألف ل.س، عدا الفائدة المضافة 1%.
تواطؤ الجميع
نزيه حلاق من كفر بهم نجار موبيليا: أخذت القرض على ثلاث مراحل 450 ألف ل.س مكنات وتراخيص ومصروف شخصي أثناء أيام الأمل بالمستقبل.
كنت مستأجراً محلاً بـ5 آلاف ل.س شهرياً، وبعد سنة من بدء المشروع يحق لي قانوناً نقله إلى مكان آخر، لكن البنك لاحقني ويريد تسديد القرض كاملاً أو أنقل الترخيص إلى المحل الجديد أو أرجع إلى المكان المستأجر سابقاً. بلغّت الهيئة، فقالوا ما فعلته هو حقك.
استشرنا البلدية فقالوا لي أنت بحاجة إلى 4 دونمات خارج المخطط التنظيمي ـ أين الطرقات ـ الكهرباء ـ الماء؟.أنا الآن ملاحق قضائياً والكفلاء يدفعون الأقساط.
عجز مالي متراكم
فواز أمين، السلمية - تل دره:كنت أريد فتح محل كمغسل ومشحم للسيارات، والشروط أن يكون لديك محل، فاستأجرت محلاً. كشفوا فوافقوا على المشروع، قدمنا الأوراق إلى سادكوب ـ التموين ـ البلدية ـ غرفة الصناعة ـ سجل تجاري ـ سجل صناعي، كلفني ذلك 50 ألف ل.س وبقيت أنتظر أربعة أشهر، حتى جاءت الموافقة على 225 ألفاً، بدل 500 ألف!.
أمام الكارثة، حولت المحل من مغسل ومشحم إلى مبيع زيوت، ولكني فشلت، ووقعت بعجز مادي متراكم، فتأخرت عن التسديد للمصرف قسطين متتاليين وأخشى الملاحقة القانونية.
خلاصة.. أسباب فشل المشاريع
1 ـ دراسة الجدوى الاقتصادية ممن لا علاقة لهم بالاقتصاد.
2 ـ عدم تسويق منتجات المشاريع.
3 ـ قروض أقل قيمة مما يتطلبه المشروع المزمع إقامته.
4 ـ عدم كفاية رأس المال للإنتاج والتسويق.
5 ـ تكليف المستفيد بأموال باهظة غير قادر على دفعها قبل البدء بالعمل ـ ضرائب ـ محلات ـ تراخيص.
صدر المرسوم 39 القاضي بإلغاء هيئة مكافحة البطالة وإحداث هيئة التنمية وتشغيل المشاريع، فهل تتولى الهيئة المحدثة تصحيح ما خربته الهيئة السابقة، وتعيد النظر بأوضاع المتضررين.