مشفى طفس الوطني.. وفيات لأسباب «غامضة».. والجميع بانتظار نتائج التحقيق!

شهدت معظم المشافي العامة والخاصة في الفترة الأخيرة حالات عديدة من الموت نتيجة أخطاء طبية قاتلة، أو بسبب الإهمال، أو لعدم وجود أجهزة كافية لإجراء عمليات من النوع عالي الدقة، الأمر الذي أصبح يتطلب وقفة جادة عند هذا الموضوع لوقف النزيف البشري..

آخر هذه الحالات، شهدها المشفى الوطني بمديتة طفس في محافظة درعا.. ثلاث حالات موت في عمليات تصنف على أنها الأسهل جراحياً.

الحالة الأخيرة التي أودت بحياة الشاب أحمد ناصر الكيوان ابن الثامنة عشرة، كان لها وقع كبير على المحافظة بشكل خاص، وعلى الرأي العام عموماً.

ففي 12/5/2008 دخل الشاب أحمد المشفى الوطني بطفس لإجراء عملية فتق بسيطة قبل التحاقه بخدمة العلم، وذلك رغم تخوفه من إجراء العملية فيه نتيجة الحالات السابقة التي أودت بحياة أكثر من واحد خلال شهر.. وبالفعل كان القدر بانتظاره، ففرض نهاية غير سعيدة عليه وعلى أهله..

اتجهت إلى منزل المتوفى وأجريت لقاءات عديدة مع أهالي المنطقة وأهل المتوفى، وخاصة والده الذي كان برفقته لحظة إجراء العملية، والذي كان منطقياً وعادلاً في رأيه رغم الدموع التي انهمرت من عينيه مبكية معظم الحضور..

يقول «ناصر» الوالد المفجوع: إن البعض أصبح يعمل المستحيل من أجل ضرب القطاع الصحي وتسويد صفحته، حتى بذهب المواطنون إلى المشافي الخاصة التي مهمتها إفراغ جيوب الناس. لذلك كنت مصراً على إجراء العملية في المشفى الوطني رغم تردد ابني، وأثناء إجراء الجراحة التي لا تدوم عادة أكثر من نصف ساعة، لم يكن موجوداً سوى الطبيب الجراح ومساعد المخدر فقط، أما الطبيب المخدر، فقد حضر بعد دقائق من دخولهم غرفة العمليات، وليس بإمكاني الجزم من الذي قام بالتخدير، وبعد نصف ساعة من العملية خرج الطبيب الجراح وقال لنا: العملية تكللت بالنجاح، وفي الوقت الذي رحنا نوزع الحلوى والعصير على الموجودين خرجت إحدى الممرضات من الغرفة المجاورة لتصدمنا وتصعقنا، بقولها لإحدى زميلاتها: «يوزعون الحلو والمريض توفى!!».

تم استدعاء مدير المشفى، الذي حاول بدوره القيام بعمليات إنعاش، وقال إن المريض عاد قلبه ينبض، ويجب نقله إلى مشفى درعا.. وأسأل هنا: طالما عاد ابني لحالته الطبيعية، لماذا لم يتم وضعه في غرفة العناية المشددة في المشفى ليبقى تحت مراقبة أطبائها تجنباً لأي طارئ يحصل معه بالطريق؟؟

عندها طالب أهالي الميت بإحضار لجنة طبية قضائية للكشف على الجثة وبيان ودراسة الحالة قبل وبعد الممات، كما استدعوا الشرطة التي اتصلت بالطبيب الشرعي والنيابة العامة.

بادر القاضي مدير المشفى بالسؤال: لماذا لن تقم أنت بمراقبته بدلاً من نقله لدرعا، فأجاب بأنه لا يوجد لديه بالمشفى جهاز كاف للإنعاش!

إذاً لماذا تجري عمليات يتوقع أن يحصل فيها أي طارئ أو مضاعفات في مشفى ليس فيه جهاز إنعاش؟؟

يتابع والد المتوفى: رضخنا للأمر الواقع، ونقلنا ابننا إلى درعا لعلنا نجد بصيص أمل، ولكن الجميع هناك قالوا لنا: إنه توفي منذ أكثر من نصف ساعة أي أن موضوع النقل كان مجرد تمثيلية من مدير المشفى.

أما الطبيب الجراح (هـ.أ) الذي التقينا في المشفى مع بعض أعضاء الإدارة، فقد ذكر لنا أنه حتى الآن مستغرب من كل ما جرى، وأبدى شكوكه حول المادة المخدرة ومكان حفظها والشروط المناسبة لوضع تلك المادة، وذكر لنا بأن بإمكانه إجراء العملية وهو مغمض العينين لبساطتها، وهي من أسهل العمليات الجراحية، وحسب الطبيب فإن المريض كان بمستوى سريري جيد،  لذلك لم يتم إجراء أية فحوصات أو تحاليل أولية له قبل إجراء العملية..

الطبيب (هـ.أ) رفض الإجابة عن سؤال: «من الذي أمر بنقل المريض إلى مشفى درعا وهو بهذه الحالة»؟ وأكد أنه بانتظار تقرير اللجنة التي شكلتها وزارة الصحة حتى تتكشف الأسباب الحقيقية للوفاة.

وأشار إلى أن هذه القاعة حصلت فيها جميع حالات الموت مؤخراً، رغم وجود قاعة أخرى لم يحصل فيها أية حالة غريبة!!؟

أحد الإداريين قال إن هناك نقصاً في عدد الفنيين بالمشفى بسبب انخفاض الرواتب..

في هذه القضية هناك أمور ما تزال غامضة، لذلك يجب وضع النقاط على الحروف حتى نصل إلى الحقيقة التي ستكون بالنهاية لصالح أهالي المنطقة جميعاً ولصالح المشفى، خصوصاً وأن عدد المستفيدين من خدماته يصل لأكثر من /100/ ألف مواطن، ولابد من الإجابة على الأسئلة التالية:

1)  كيف تجري عملية جراحية لإنسان دون إجراء فحص كامل له؟

2)  من الذي قام بالتخدير، وهل المساعد الفني  للتخدير لديه الخبرة الكافية في هذه الحالة؟

3) كيف تجري عملية في مشفى ليس لدية الكادر الكافي للإشراف والمراقبة؟

4)  لماذا جهاز الصدمات في الطابق الأول، بينما غرفة العمليات في الطابق الثاني؟

5)  من الذي أمر بنقل المريض (أو المتوفى) إلى مشفى درعا الوطني، ولماذا هذا الاستخفاف بمشاعر أهله؟

6)  هل المادة المخدرة هي سبب الوفاة، وإذا كانت كذلك من يتحمل اعتمادها في المشفى الوطني بطفس؟

القضية الآن برسم وزير الصحة نفسه الذي أصبح بصورة الموضوع، وأمر بتشكيل لجنة من وزارة الصحة، وطلب إضبارة أحمد ناصر كيوان (المتوفى الأخير) وأضابير من سبقه بالوفاة بالظروف الغامضة نفسها.. وبانتظار أن يسفر كل ذلك عن الحقيقة التي ستحدد المسؤوليات.. وستجنب الناس المزيد من المصائب المفاجئة..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.