لاثانوية مهنية في الحسينية!.. والحل: أن يمشي الطلاب إلى السيدة زينب!
سكان منطقة الحسينية مازالوا يعانون عدم الاهتمام بالخدمات، وخاصة مع تشابك العائدية الإدارية مع ثلاث محافظات، وهي القنيطرة ودمشق وريف دمشق، ما خلق تفاوتاً من ناحية التخديم.
وعدا عن المشاكل السابقة التي طرحتها «قاسيون» في عدد سابق فيما يخص الهواتف والكهرباء والمواصلات والقمامة، اشتكى مؤخراً طلاب المنطقة من عدم وجود مدارس ثانوية عامة تابعة لمحافظة ريف دمشق نهائياً، ما سبب لهم مشكلة كبيرة، إضافة إلى عدم وجود مدارس مهنية وصناعية ونسوية بشكل نهائي.
وقال الطلاب في شكواهم «نحن طلاب تربية ريف دمشق في الحسينية، حصلنا على مجموع عام في شهادة التعليم الأساسي بين 1511 و 1790 ويوجد في بلدتنا ثانويتين فقط، لكن للأسف تتبع واحدة لتربية القنيطرة والأخرى لدمشق، ولم يتم قبولنا بهما رغم حصولنا على مجموع يؤهلنا بدراسة التعليم العام في المدارس التابعة لتربية القنيطرة ودمشق».
مشكلة أرقام
المشكلة بالنسبة للطلاب التابعين لتربية ريف دمشق المشتكين، هي أن مجاميعهم في شهادة التعليم الأساسي كانت مرتفعة وتخولهم بدخول التعليم العام في تربية القنيطرة على الأقل، إلا أن مجموعهم الذي لم يحقق الرقم المطلوب للتعليم العام في تربية ريف دمشق، لم يؤهلهم بالحصول على استثناء للتسجيل في الثانوية الأقرب على حد تعبيرهم، ولو كانت مجاميعهم أعلى من الرقم المحدد من قبل القنيطرة للدخول في التعليم العام.
وبعد صدور نتائج امتحانات شهادة التعليم الأساسي، تم تحديد تعليمات القيد والقبول لطلاب الأول الثانوي، وحددت تربية دمشق مجموع القبول في التعليم العام بـ 1700 درجة وريف دمشق بـ 1791 درجة، والقنيطرة بـ 1572، إضافة إلى تشكيل لجنة لدراسة خطة استيعاب في القرى والمناطق النائية على أساس تحقيق ما نسبته 70% من الناجحين للتعليم العام و30% للتعليم المهني.
لكن وفقاً للشكاوى، لا يوجد في الحسينية أية مدرسة للتعليم المهني أو الصناعي أو التجاري، وكل ما ذكر سيدفعهم للخروج من المنطقة والتوجه إلى المدارس الأقرب وهي في منطقة السيدة زينب، لكن الوصول إلى تلك المنطقة والتي اعتبرتها تربية ريف دمشق «قريبة جداً» من الحسينية، كان بحسب الشكاوى، صعب التحقق.
الطريق مغلق
وتكلفة المواصلات مرهقة
وقال الطلاب في شكواهم لـ «قاسيون» إن «منطقة السيدة زينب تبعد عن الحسينية عبر الطريق الرئيسي حوالي 3 كم، ولكن الطريق مغلق لأسباب أمنية، لذلك من يريد التوجه للسيدة زينب عليه ركوب السرفيس المتجه إلى دمشق بـ ١٠٠ ليرة مروراً من طريق المؤتمرات الذي يشهد ازدحاماً خانقاً، وبعدها الجسر الرابع الذي يشهد أيضاً ازدحاماً خانقاً، وبعد عبور هذا الطريق علينا النزول عند مفرق المستقبل على طريق المطار وبعدها ركوب سرفيس السيدة زينب بـ ٧٥ ليرة».
وأردفوا «الطريق إلى السيدة زينب يحتاج حوالي ساعة ونصف ذهاباً ومثلها للإياب، وتكلفة المواصلات اليومية تصل إلى 350 ليرة سورية، مع الأخذ بعين الاعتبار قلة وسائل النقل من الحسينية إلى دمشق».
وطالب الطلاب بأنه «طالما هناك ثانوية عامة في الحسينية تتبع لتربية القنيطرة، لماذا لا يستثنى طلاب المنطقة هذه فقط ويتم قبولهم في المدرسة وفقاً لمعدلات القنيطرة؟».
مدرسة القنيطرة
مستعدة للمساعدة
مدير مدرسة الحسينية الرابعة التابعة لتربية القنيطرة، أحمد غازي، قال إنه «لايوجد في الحسينية سوى ثانويتين، إحداها تابعة لدمشق والأخرى للقنيطرة، بينما لا يوجد لتربية الريف أية ثانوية، وعلى ذلك تواصلنا مع مدير تربية الريف لحل مشكلة الطلاب، لكن قانونياً، لا يمكن قبولهم في المدرسة إلا إذا حققوا نسبة التعليم العام المطلوبة في المحافظة التي صدرت عنها شهادتهم، ولو كان معدل القبول لدينا أقل من الريف»، مشيراً إلى أن «كل من حقق معدل القبول في تربية الريف التي يتبع لها وهو من سكان الحسينية، يجب عليه الحصول على قبول خطي من قبل مدير تربية القنيطرة، وسند إقامة بأنه من المنطقة، ويمكن حصوله حينها على استثناء للتسجيل في المدرسة».
وأكد غازي أن عدد طلاب ريف دمشق المتضررين نتيجة عدم قبولهم في مدرسة القنيطرة أو دمشق، يصل إلى حوالي 30 طالباً، بينما يرتفع العدد إلى شعبتين صفيتين، أي ما يقارب 60 طالب أو أكثر، إن تمت إضافة الطلاب المتضررين نتيجة عدم وجود مدارس مهنية أو صناعية أو تجارية نهائياً.
وأبدى غازي استعداده لاستقبال الطلاب المتضررين التابعين لريف دمشق، مؤكداً أن مدرسته يمكن أن تستوعب الـ 30 طالباً، لكن القانون لا يسمح له بذلك، مطالباً «بإصدار استثناء وزاري، لاستيعاب الناجحين في الحسينية جميعهم بمدارس القنيطرة أو دمشق وفقاً لمعدلات القبول في هاتين المحافظتين».
لايوجد تعليم مهني!
وعن عدم وجود مدارس غير التعليم العام في الحسينية، أردف «مشكلة توفير مدارس للتعليم الصناعي أو المهني أو التجاري، هي مشكلة عامة في الحسينية لجميع مديريات التربية»، مضيفاً «إن تم إحداث مدرسة مهنية واحدة على الأقل، قد يساعد ذلك بمنع تسرب الطلاب من التعليم الثانوي نتيجة بعد المدارس عن المنطقة وارتفاع تكاليف النقل، ويمكن لهذه المدرسة أن تستوعب طلاباً من خارج الحسينية مثل طلاب نجها، وتساعد في حل مشاكل العديد من الطلاب الآخرين في مناطق بعيدة عن دمشق لكنها قريبة من الحسينية».
وتابع «هناك مشكلة حقيقية بالمواصلات للوصول إلى أقرب منطقة للثانويات المهنية والصناعية والتجارية أو النسوية، فالطالب مضطر للنزول إلى منطقة السيدة زينب التي لا يوجد فيها سوى مدرسة مهنية واحدة ولا تقدم سوى الكترون، إضافة إلى مدرسة نسوية واحدة».
لا توجد صعوبة ولا يوجد حل!
لكن لمدير تربية ريف دمشق خالد رحيمة، حديث آخر، خاصة وأنه «لم ير أية صعوبة بالتوجه إلى السيدة زينب، داعياً الطلاب للتوجه مشياً على الأقدام إلى هناك، إن أرادوا».
وقال رحيمة في حديث إذاعي «الحسينية محاذية لمنطقة السيدة زينب، وهي قريبة جداً منها، ويمكن لهؤلاء الطلاب التسجيل في مدارسها»، وهذا هو الحل الوحيد بالنسبة إليه، رافضاً قضية تخفيض معدلات القبول لطلاب الحسينية فقط، نتيجة موازنة قام بها بين هذه المنطقة وقرى بعيدة، قائلاً: «يوجد في الحسينية كادر ممتاز والوضع مستقر هناك، ولا يمكن استثنائها وتخفيض المعدل فيها».
وأضاف، «لدينا قرى نائية جداً أهم لتقديم الاستثناءات مثل أبو قاووق بريف قطنا، وريف النبك وريف يبرود وريف القطيفة، وهذه المناطق يتم تخفيض معدل القبول بها وفقاً لدراسة تحقق ما نسبته 30% تعليم مهني و70 % تعليم عام».
«الحسينية صغيرة، ولا تحقق شروط إحداث مدارس تعليم عام أو مهني» وفقاً لرحيمة، الذي أوضح: شروط بناء مدرسة ثانوية عامة في المنطقة بضرورة «توفر عدد طلاب كافٍ يحقق أكثر من 30 طالب في الشعبة الصفية الواحدة، إضافة إلى العامل الأهم وهو توفر البناء الخاص بالمدرسة، وذلك كله غير محقق».
واستبعد رحيمة إحداث مدارس تجارية أو صناعية أو مهنية، أو حتى ثانوية عامة في الحسينية، قائلاً: «التعليم المهني يحتاج آلات ومعدات وتجهيزات بملايين الليرات، وأحياناً بـمئات الملايين لمدرسة صناعية أو تجارية وهو أمر ليس بالسهل».
المعطى الرقمي
وأولويات المعالجة
والحال كذلك يظهر التناقض بين أولويات الطلاب وأولويات الجهات الرسمية من حيث مقدمات المعالجة المطلوبة لحل مشكلة الطلاب واحتياجاتهم، حيث يظهر الرقم المجرد هو العامل الأساس في تلك المعادلة حسب الجهات الرسمية، بينما الأفق والطموح والرغبة والمعاناة هي ما تتسم به أطراف المعادلة من الجانب الآخر، سواء على مستوى الطلبة أو على مستوى ذويهم.
ولئن كان الرقم الحالي يدور حول احتياجات ومعاناة ومطالب 60 طالباً فقط بهذا العام، فإن ذلك يعني تزايد الأعداد في الأعوام القادمة، وهو ما يجب أن يتم العمل عليه بحال كان المعطى الرقمي هو أحد أوجه التعامل مع مثل هذه القضايا.
وعلى ذلك فإنه من المفترض البدء بمعالجة أوضاع هؤلاء الآن تمهيداً لمعالجة تلك الزيادات خلال الأعوام القادمة، وهو الحل الأنسب بعيداً عن الشكل المفروض على الطلاب في تلك المنطقة المتمثل بتعدد التبعيات الإدارية، حيث لا ذنب لهم بهذه التعددية وتبعاتها، والتي باتوا يدفعون ضريبتها على مستوى التحصيل العلمي والأفق المستقبلي لهم، ناهيك عن معاناة الأهالي بشكل عام من هذه التعددية على مستوى الخدمات.