رأس الشغري في طرطوس من التململ إلى الغضب
التململ سمة عامة طاغية لدى أهالي حي رأس الشغري في طرطوس، بسبب واقع الإهمال الرسمي بالتعاطي مع هموم ومعاناة هؤلاء المزمنة، وقد بدأت مظاهر التململ هذه تتحول إلى الغضب مؤخراً، إثر إغلاق الطرق المؤدية إليه منذ ما يقرب الشهرين وحتى الآن.
رأس الشغري هو أحد أحياء مدينة طرطوس المصنف بأنه من أحياء المخالفات والعشوائيات المحيطة بالمدينة، وهو لا يختلف عن غيره من الأحياء الأخرى المتصلة، والتي تشكل منطقة سكانية واسعة تضم أحياء (وادي الشاطر- الرادار- رأس الشغري- أبو عفصة- الزهراء).
عزلة عن العالم الخارجي
هذا الحي يتصل مع العالم الخارجي عبر مدخلين فقط يقعان مقابل مشفى الباسل، وقد تم إغلاق هذه المداخل منذ فترة قريبة، مما سبب معاناة حقيقية للقاطنين بهذا الحي حيث لم تعد وسائط النقل تدخل الحي ما يعني المزيد من المعاناة على المستوى الفردي، حيث أصبحت مدة الوصول إلى المدينة ومنها تأخذ وقتاً طويلاً قد يصل إلى الساعات، بعد أن كانت لا تتعدى عشرة دقائق، ناهيك عن الجهد والتعب المرتبط بالاضطرار للمسير لمسافات طويلة، وحتى على مستوى تأمين سبل العيش والمعيشة المتمثلة بإدخال المواد والسلع وحاجات الاستهلاك اليومي إلى المحال الموجودة بالحي، وما يترتب على ذلك من رفع أسعارها بنتيجة ارتفاع التكاليف جراء هذا الإغلاق، كما أن الكثير من هذه المحال توقفت عن تقديم خدماتها بسبب إغلاق الطرق وارتفاع التكاليف والعناء بنقل البضائع.
أحد الأهالي وصف حال الحي بأنه أصبح يشبه السجن بعد عزله عن وسطه المحيط بهذا الشكل.
لا آذان صاغية
سكان الحي كانوا قد طالبوا مسؤولي المحافظة بإيجاد حل لمعاناتهم التي فرضت عليهم مؤخراً، ولكن لم تجد تلك المطالبات أية أذن صاغية حتى تاريخه، وهم على ذلك بدأوا برفع أصواتهم المطالبة بفتح المداخل المؤدية إلى الحي، وقد هدد السكان بجلب تركس لفتح هذه المداخل من قبلهم دون العودة للجهات الرسمية، بحال لم تجد تلك الجهات حلاً لمعاناتهم هذه، خاصة وأن واقع الوصول إلى الحي ستزداد صعوبة خلال فصل الشتاء بحال لم توجد الحلول المناسبة لها، وأحد المطالب كان بوضع حاجز على أحد المداخل المؤدية للحي أسوة بغيره من الأحياء، بحال كان السبب من خلف الإغلاق أمنياً، حيث أن الأعباء المترتبة على وضع هذا الحاجز لا يمكن مقارنتها بالأعباء المترتبة على الأهالي والقاطنين بهذا الحي.
أسباب مزمنة للمعاناة
يشار إلى أن معاناة أهالي حي رأس الشغري لم تبدأ مع إغلاق الطرق المؤدية إليه مؤخراً، بل كانت هذه المعناة قد بدأت منذ أن أصبحت هذه الرقعة الجغرافية من المدينة تستقطب أصحاب الدخل المحدود وفقراء الحال من أجل الحصول على مسكن ومأوى، بظل ارتفاع أسعار العقارات وغياب دور الدولة في استيعاب التوسع السكاني في المدينة بشكل منظم منذ نهاية الألفية المنصرمة، وهو على ذلك كما غيره من أحياء المخالفات الممتدة على طول الخارطة السورية يفتقر إلى الخدمات الجيدة والمنظمة، والتي أضحت سبباً مباشراً لمعاناة الأهالي في هذا الحي كغيره من الأحياء المهملة، علماً أن الاستقطاب السكني في هذا الحي، كما في المنطقة المتصلة كلها، لم تتوقف بل ازدادت بنتيجة الاحتياج المتنامي للسكن وغياب الدور الرسمي للدولة بهذا المجال، مما فسح المجال للمزيد من الاستغلال لهذه الحاجة من قبل تجار العقارات والسماسرة وبعض المتنفذين، على حساب أصحاب الدخل المحدود وفقراء الحال من المواطنين، حيث ما زالت تلك المنطقة بين أخذ ورد لدى الجهات الإدارية على مستوى التنظيم، كما على مستوى الخدمات.