التعليم في البوكمال وتسرُّب الكادر التعليمي
ها هو ذا العام الدراسي يلملم شتاته استعداداً للرحيل، حتى كأنه لم يمر على تلامذة البوكمال إلا بالشيء القليل جداً، وبفائدة تعليمية تكاد لا تذكر، مائة وثمانون يوماً هي أيام العام الدراسي الفعلية في جميع مدارس سورية، لكن لنَرَ ما هي الأيام التي داوم فيها معلمو ومعلمات مدراس البوكمال!! ففي إحدى المدارس بلغ عدد أيام غياب إحدى المعلمات ثمانين يوماً لغاية الآن، وفي مدرسة أخرى الأمر كذلك، وفي الأخريات ليس الحال بأحسن! فما هي الأسباب؟!
هناك أسباب عديدة أهمها الإجازات المرضية المتلاحقة لهذا المعلم أو تلك المعلمة إضافة للإجازات الإدارية والغياب ما قبل أو بعد أية عطلة رسمية، حيث تم استقدام عدد كبير من خريجات كلية التربية من المحافظات الأخرى، وجرت العادة في كل عام أن يبدأ هؤلاء بالالتفاف على القانون عن طريق الإجازات المرضية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كيف يستطيع من يتهرب من الدوام بناء مجتمع متعلم على أسس واهنة وضعيفة؟
وفي ظل الغياب الطويل للقائمين على العملية التعليمية من معلمين ومعلمات في البوكمال كيف لنا أن نطالب طلابنا وطالباتنا بمعدلات عالية؟! ثم كيف نستطيع وقف التسرب الحاصل نتيجة الملل والتسيب؟ ولماذا لا يتم إجراء مسابقة للمعلمين والمعلمات الوكيلات من أبناء وبنات المنطقة ليتم تثبيتهم؟ وخاصة أن البعض منهم عنده ما لا يقل عن الـ1000 يوم أو أكثر من الدوام الفعلي؟
هذا الأمر انعكس سلباً على العملية التعليمية في البوكمال وبشكل واضح وكبير بما يزيد من معاناة الآباء والأمهات لعدم استفادة أبنائهم من المدارس العامة، وتم لجوء ميسوري الحال منهم إلى وضع أبنائهم في معاهد خاصة ودورات تعليمية باهظة الثمن، لتبقى الغالبية الفقيرة منهم محرومين من التعليم. كثيرة هي الحالات التي اشتكى منها ذوو التلاميذ من تسربات المعلمين والمعلمات، وواضعو المناهج يطالبون الطلاب بمعدلات عالية، ناسين أو متناسين أن التقصير والإهمال واللامبالاة يقع على عاتقهم وليس للطلاب أي ذنب، إلا من كان غير مهتم بدراسته، وما يزيد الطين بلة أن قسماً من مدراء ومديرات المدارس والصحة المدرسية لا يعون النتائج السلبية لهذه الإجازات، أو أنهم يتعرضون لضغوط معينة، وتكون المحصلة أن يدفع التلميذ الثمن وخاصة في مرحلة التعليم الابتدائي.
نحن في «قاسيون» نضم صوتنا إلى الأصوات العالية لأهالي البوكمال، ونطالب بوقف وتلافي هذه المهزلة في الأعوام القادمة، كي نستطيع أن نبني مجتمعاً متعلماً وفق قواعد سليمة ومتينة، وفي ذلك تصان كرامة الوطن والمواطن.
البوكمال ـ تحسين الجهجاه