مَسؤُولٌ مرّ مِن هُنا..

أثناء زيارته إلى سورية، عرّج رئيس أرمينيا إلى دير الزور، واكتست الشوارع التي مرّ فيها موكبه حلةً زاهية من الإسفلت والألوان والأنوار والنظافة مما دفع الأهالي لتمني أن يأتي  إلى المدينة كلّ يوم زائرٌ جديد.. لكن شتان ما بين زيارةٍ وزيارة.!! ففي جولة لأحد مسؤولي المحافظة في ريف دير الزور، زار مدينة موحسن. وشاهد على جانب الطريق  بعض مكابس البلوك الصغيرة ذات المكبس الواحد، وعددها لا يتجاوز أصابع يدٍ واحدة تعتاش منها أسرٌ فقيرة وبعضها متوقف حتى عن العمل نتيجة ضعف الإمكانات المادية لأصحابها والركود العام، وهي لا تعيق المرور، لكن يبدو أن منظرها لم يعجبه، فوجه بإزالتها، وبناءً عليه تمّ توجيه إنذارات لأصحابها من رئيس مجلس المدينة لتنفيذ ذلك مع مهلةٍ مدتها خمسة أيام .

ومع أننا مع تنظيم الأمور وحريصون على ذلك، إلا أننا نتساءل :

- ألم يشاهد حضرته المستنقعات الموجودة المحاذية للطريق ولبيوت المواطنين ويشمّ روائحها الكريهة، وهي بؤرةٌ للأمراض والجائحات والجراثيم والحشرات، ورغم المطالبات العديدة والمستمرة بردمها إلا أنها باقية على حالها منذ سنوات؟. ألم ينتبه إلى أن مجلس المدينة بحاجة لمرش لمكافحة هذه الحشرات بدل القديم الذي أكل الدهر عليه وشرب ويعمل يوماً ويتعطل عشرة!؟

- ألم يشاهد حقول القمح المصابة بالأمراض نتيجة سوء البذار المستورد أو المنتج في مؤسسة إكثار البذار، والذي لم تؤخذ ظروفنا البيئية بعين الاعتبار أثناء استيراده مما كلف الفلاحين أموالاٌ وجهوداً ضاعت هباءً منثورا مما زاد من معاناتهم في مواجهة السياسة الزراعية المتبعة والتي كان من آخر قراراتها السيئة زيادة ضرائب الري 10%!؟.

- ألم يلاحظ الأراضي الشاسعة القاحلة والمتملحة نتيجة سوء تنفيذ عمليات الاستصلاح والصرف، أو التي لم يشملها الاستصلاح وأهمية هذه الأراضي ليس للمواطنين فقط بل لاقتصاد الوطن!؟.

- ألم يهتز بسيارته من الطرقات المحفرة أو غير المعبدة والتي يعد أمر تجهيزها بشكل لائق حقّاً لكل المواطنين!؟.

- ألم تشد انتباهه خزانات الماء الجافة نتيجة قلة المياه التي لا تأتي إلاّ في آخر الليل، وخاصةً في حي البوسويد نتيجة صغر اتساع خطوط الشبكة العامة التي لا تتجاوز انشين ونصف بسبب سوء التخطيط والتنفيذ ولحظ التوسعات المستقبلية؟.

- ألم يمر من مدخل المدينة (الضيق) والذي تسبب بالعديد من الحوادث المرورية ذهب ضحيتها بعض أبناء المدينة من الشباب وأرباب الأسر، وأيضاً بسبب ارتفاع ساقية الري التي تحجب الرؤية، ورغم الشكاوى العديدة إلاّ أن مديرية الصيانة والتشغيل التابعة لحوض الفرات تضع في أذنٍ طيناً وفي الأخرى عجيناً، وتقدم تبريراتٍ غير فنية وغير مقنعة، وبقية المسؤولين مطنشون حيث أصبحت حياة المواطنين رخيصةً وغير مهمة لأولي الأمر؟.

- ألم تخدش مسامعه شكاوى عن تراجع نوعية الخبز في الفرن الاحتياطي الذي لم يمض على افتتاحه سوى أشهرٍ لا تتجاوز أصابع اليد، بعد أن أخذ سمعةً طيبة وأصبح يسمى في أماكن البيع خُبزُ موحسن؟.

- وأخيراً ألم يمر حضرته من جانب بناء معمل السجاد اليدوي الذي مضى عليه عشرات السنوات وهو مغلق، بينما البطالة تجر أذيالها في كلّ المنطقة وخاصةً بين الشباب؟.

يا للعجب!! يبدو أنّ كل ذلك لا يريد أن يسمعه أو يراه بعينه المجردة أو حتى بمجهر, أو لعله كان يلبس نظارته الشمسية القاتمة وليست الطبية أو لديه انحراف في زاوية الرؤية فيهيج على المواطنين الفقراء لأنّ ما يهمه هو الشكل فقط؟.

ونختم بالتساؤل الأشمل والأعم: أين هؤلاء المسؤولون وما أكثرهم، من تنمية المنطقة الشرقية التي يتحفوننا بشعاراتها صباح مساء كل يوم بهذه المقولة؟؟؟.

■ موحسن - مراسل قاسيون