يطالبون بـ3 ليرات سورية صرفت أصولاً ويتسترون على مليار ونصف!
المدير العام لا يستطيع إزعاج أصدقائه من المقترضين فطنَّش طيلة عدة سنوات على هذه القروض وحصر نشاطه واهتمامه باتخاذ إجراءات بحق العاملين وليس المتعاملين، فأبعد مدير الفرع وكأن العلة فيه فقط؟ ولما لم يتغير شيء أبعد مديرة الفرع التالية وأيضاً لم يتغير شيء، فكانت المشكلة هي إيجاد مدير يفهم اللعبة ويديرها «صح» بالتفاهم معه.
تحقق هذا في بداية عام 2007 حيث وجد مديراً مناسباً للفرع جاء به من المصرف التجاري بحمص حيث كان يعمل مراقباً داخلياً، ولديه مكتب عقاري خاص في حي «ضهر الكر» وخبرة لأكثر من عشرين عاماً بأعمال النصب والسمسرة والدِّلالة والعمولات والزبائن وغيرها!
وبدأ المدير الجديد (م.د) حملته ونشاطه ليس بالمتعاملين بل بالعاملين كما فعل قبله المدير العام؟ فكان يصدر قراراً بإبعاد رئيس دائرة وتنصيب آخر بدلاً عنه، وبعد يومين يعيد من أبعد ويعاقب آخر. وكثرت القرارات والعقوبات، ومن يفتح أضابير العاملين عن تلك الفترة يجد ذلك موثقاً فتم إظهار المشكلة بالعاملين وديون المصرف على حالها.
لتحصيل الديون تمت الاستعانة بالعاملة (س.م)التي انتقلت إلى المصرف الصناعي بحمص كرئيسة دائرة قانونية، وبدأت بنبش الأضابير ضمن الدوام الرسمي وتحمل معها إلى بيتها أكداساً منها لتقوم بدارستها ووضع إجراءات معالجتها، والإدارة كانت تشجعها وتعدها بالمكافآت السخية. وخلال فترة قياسية درست وعالجت حوالي 449 ملفاً وإضبارةً، ووضعت إشارات الحجز والرهن على ممتلكات المتعاملين الممتنعين عن الدفع لقروض بلغت حوالي مليار وثلاثمائة مليون ليرة سورية، وارتفعت تحصيلات المصرف من مليون أو مليوني ليرة شهرياً إلى أكثر من عشرين مليون ليرة شهرياً. وكانت معظم المصاريف وإجراءات التنفيذ على حسابها الخاص نظراً للحاجة إلى السرعة في الإجراءات، وتم صرف هذه التكاليف من الإدارة بأذونات صرف رسمية.
عند تنفيذ إضبارة حجز على أحد المتعاملين تبين أنه من المتنفذين المحظيين وقد اقترض من المصرف مع شقيقه (ع.ك.ا) مبلغ 60 مليون ليرة سورية وهو أحد الممتنعين عن الدفع، فثار غضباً وثار لثورته مدير الفرع والمدير العام لأنه كان يعتبر خطاً أحمر ولا يجب الاقتراب منه. وأصدر المدير العام قراراً بنقل الموظفة (س.م) وتم طي الموضوع كاملاً.
وبما أن المتعامل المنكوب عزيز على قلب الإدارة فلم ترضه هذه الإجراءات البسيطة، فاتخذت الإدارة قراراً بنقلها من حمص إلى دمشق على أن يتم لاحقاً صرفها من العمل.
بسبب الإشكالات والفضائح التي حصلت بالمصرف تدخلت الرقابة المالية على أن تقيم الحد وتقطع اليد التي تعبث بالمال العام، واعتذرت الرقابة المالية في حمص عن استلام الملف كون زوجة مدير الفرع مفتشة في فرع حمص، ولكي لا يتم إحراجها تمت الاستعانة بالرقابة في حماة التي وضعت يدها على كل التجاوزات والفضائح بحزم شديد وعزم من حديد، وانفرجت سرائر العاملين البسطاء وقالوا: إن الفرج جاء وإن العابثين قد وقعوا في فخ تفتيش حماة، وبعد شهور من المراجعات فإذا بفخ حماة يطبق على العاملين، ويشفق على الإدارة والمقترضين؟
لم يدقق تفتيش حماة ملفات القروض الوهمية للملاحقين قضائياً والتي هي بالمليارات وبسبب ما فيها من تلاعب ورشاوى وتستر وتقصير لسنوات وسنوات وما كبدته للمصرف من خسائر بمئات الملايين بل تناولت المطالعات النفقات القضائية التي دفعت لقاء معالجة هذه القروض.
لماذا لم يحقق التفتيش بسرقة وإخفاء الوثائق من الأضابير بدلاً من الوقوع في مطب التلفيق والتسويف؟
جاء في تقرير التفتيش: «إن عدم قيام العاملة (س.م) بوضع أضابير المتعاملين الملاحقين قضائياً بالتنفيذ عملاً بتوجيهات الإدارة بموجب كتابنا المؤرخ في 6/12/2007 لا يعفيها من المسؤولية، وإن ما بررته أن المدير لم يوعز لها لا يمكن قبوله، فهي رئيسة دائرة وعليها تقع المسؤولية، ولا حاجة لتحويل الكتاب لها مرة ثانية».
إن الذي يقوم بوضع أضابير الملاحقة بالتنفيذ هو المحامي عملاً بتعليمات المصرف، وكانت رئيسة الدائرة قد نظمت كتاباً مؤرخاً في 6/12/2007 وقدمته للمدير تبين فيه أنه بسبب تقصير المحامي تم شطب ملفات تنفيذية، ولكن السيد المدير حفظ الكتاب في درجه. ولم يتطرق التفتيش إلى مسؤولية المدير عن حفظ الكتاب لديه ولا لمسؤولية المحامي عن شطب الملفات. ثم ألا يعني من الناحية القانونية بما أنها رفعت كتاباً للمدير قد أخلت مسؤوليتها؟
ثم جاء في البند /7/ الذي هو ملحق وجزء من البند /6/ ولكن التفتيش فضّل إبرازه في بند مستقل: «تم شطب ملفات تنفيذية بسبب عدم تجديدها من قبل المحامي؟ وأن المسؤولية تقع على عاتق المحامي ورئيسة الدائرة ويغرمهما بنفقات التجديد». هنا يعترف التقرير أن عدم تجديد الملفات هو بسبب عدم متابعتها من قبل المحامي فما ذنب رئيسة الدائرة كي يحملها المسؤولية ويغرمها بالنفقات؟ مع أن تعليمات المصرف رقم /214/ تاريخ 7/11/2007 تنص حرفياً: «كل الإجراءات بدءاً من تسجيل الدعوى وحتى البيع بالمزاد العلني هي مسؤولية المحامي، وإن المحامي مسؤول حصرياً أمام المدير عن أي شطب أو تقصير أو غيره حسب العقد المبرم معه.
أما البند /5/ فيقول: «إن قيام العاملة (س.م) بنقل نفقة قضائية /120/ ل.س من المتعامل (إ.م) إلى المتعامل (ن.م) وبعد اعتراض المتعامل تم نقل النفقة لصاحب العلاقة، ما هو إلا لقبض حصتها»
لماذا التفتيش النزيه حريص على الاهتمام بنفقة /120/ ل.س ويفترض أن فيها حصة؟ ويسكت في الوقت نفسه عن المليار ونصف مليار قروض وهمية دون أن يتعرض لها ولو بحرف واحد أو يحدد مسؤولية من ارتكب هذه الجريمة بحق المصرف؟
أما بالنسبة لباقي البنود فكلها عن النفقات وأجور التصوير «وأن أجرة تصوير الورقة الواحدة ثلاث ليرات» وبنى كل الموضوع على هذه الفاجعة الاقتصادية وطالب باستردادها.
البند الوحيد الذي لم يتحدث عن النفقات هو البند الرابع الذي يقول: «لو أن رئيسة الدائرة (س.م) أرسلت كتاباً إلى مديرية النقل لترقين إشارات الحجز على سيارات المتعامل (ب.ن) ولو أنها أرسلت كتاباً إلى مديرية السجل العقاري لرفع إشارة منع التصرف على عقارات المتعامل (ا.ن) فإن ذلك يعني أنها على علاقة مادية مع المتعاملين علماً أنه لا يوجد أي كتاب مما ذكر أعلاه، فلماذا هذا الافتراض مع أنه لم يرد في أي بند من البنود التوضيح لأي تهمة مثبته أو مسؤولية محددة ومخالفة مستندة لنص قانوني.
التقرير حي يرزق ويمكن نشره حرفياً ليكون شاهداً على نفسه وفاضحاً لمن ارتكبوا حماقة وجريمة الإساءة لسمعة وكرامة بعض العاملين في المصرف الصناعي بحمص وتستروا على مئات الملايين المنهوبة؟ مقابل شراء ذممهم وموت ضمائرهم. هكذا استطاع التقرير الرقابي «الحموي الصنع» أن يطمر أكبر فضحية فساد وتلاعب ورشاوى لقروض وهمية بمليارات الليرات في المصرف الصناعي بحمص ولم يكتفِ بطمرها والسكوت عنها بل اعترض على دفع ثلاث ليرات دفعت أجور تصوير لأضابير المقترضين الملاحقين قضائياً والذين كانوا ممتنعين عن الدفع لسنوات وسنوات وطالب باستردادها عربون وفاء منه للمقترضين وللإدارة؟ ولاحق من دفعها قضائياً بجرم الضرر بالمال العام.