النقل الداخلي.. وجشع المستثمرين
استبشر المواطنون بمدينة دمشق خيراً عندما قامت مديرية ا نقل الداخلي بإدخال مئات الباصات الجديدة إلى شوارع العاصمة، بدلاً من السرافيس التي تسببت فعلياً بازدحام وتلوث وأعباء لا توصف على الشوارع الضيقة والمدينة المكتظة أصلاً.. لكن الفرحة سرعان ما تبخرت، وتلاها حدوث مشكلة كبيرة، تمثلت وبدأت بعد خصخصة بعض الخطوط ومنحها لمستثمرين محليين، همهم الأساسي هو تحقيق الربح وجمع المال دون أي نظر أو اكتراث لراحة المواطن وكرامته، لدرجة أصبح الركوب بالباصات على اتساعها بمثابة الإهانة الحقيقية للمواطن..
فمعظم هذه الباصات لا تقلع إلا وقد أتخمت بالركاب جلوساً ووقوفاً، وتكون مهمة السائق هنا حشر الركاب فوق بعضهم البعض بهدف زيادة حشرهم واستيعاب أكبر عدد ممكن منهم، وهذا الوضع الشاذ طالما ساعد الشباب المنحرفين أخلاقياً على التحرش بالبنات، وسهل عمليات السرقة والنشل في الأماكن المزدحمة. والغريب في الأمر هو تطنيش الجهات المسؤولة ذات الصلة، إذ كيف تسمح للمستثمرين بحشر المواطنين بهذه الطريقة؟ ولماذا لا يتعرض هؤلاء المدللون لمخالفات قوانين السير والمرور الجديدة التي «تطبق على ناس دون ناس»؟ هذا ناهيك عن تصرفات السائقين مع بعض الركاب المحشورين كعلب السردين داخل الباص ومجادلتهم للركاب بلهجة سوقية ومتعالية ومتوعدة.
مهما يقل عن السلبيات بشأن خصخصة وسائط النقل الداخلي إلا أنها تبقى كثيرة، وربما لا تحصى.. قد لا يعجب هذا الكلام السادة المسؤولين بوزارة النقل، ومع ذلك نطالبهم أن يتفضلوا وينظروا إلى ما يحدث عن كثب، ومن داخل الباصات إن أمكنهم ذلك..
إن النقل الداخلي في جميع دول العالم حريص على راحة المواطن، ويهتم بإبراز حضارة البلد ورقيها، وهو على الغالب تحت رعاية الدولة ومراقبتها، وإذا كان لابد من خصخصة النقل الداخلي فلتفرض على المستثمرين شروط تحافظ على إنسانية المواطن، وتسعى لتحسين وتطوير النقل، بدلاً من أن تكون الغاية الوحيدة ملء جيوب بعض المسؤولين والكثير من المستثمرين!.