سين التسويف تقتل السلمية عطشاً

سين التسويف تقتل السلمية عطشاً

لم يكفِ أهالي مدينة السلمية واقع الانعكاسات السلبية للحرب الطاحنة على مدينتهم وقراها المحيطة، ولا واقع الانفلات الأمني الذي يعانونه، ولا واقع الوضع المعاشي المتردي أو واقع الخدمات المترهل، لتستكمل مأساتهم بواقع العطش المائي المزمن الذي بدأ يستنفذ إمكانات الحياة نفسها لديهم.

 

أهالي المدينة ضجروا من تكامل معاناتهم، كما يئسوا من الوعود والعهود المقطوعة بحلحلة بعض صعوبات حياتهم اليومية، فقد صبروا على تلك المعاناة كلها، ولكن لموضوع المياه شأن آخر لديهم، خاصة وقد وصل الحال بهم إلى مرحلة العطش، ولمزيد من البؤس والشقاء تطفل العديد من المستغلين على مأساتهم من أجل جني المزيد من الأرباح على حساب عطشهم وعوزهم للماء، بالتزامن مع الإهمال الرسمي شبه المتعمد لمأساة عطش المدينة المزمن.

أزمة مفتعلة

جزء هام من الأهالي باتوا مقتنعين بأن أزمة المياه والعطش التي يعانونها مفتعلة، ويقف خلفها العديد من المتنفذين والفاسدين، خاصة وأن الخطابات والوعود كلها عن حل مشكلة تأمين المياه للمدينة والمشاريع المعلن عنها لم تر النور حتى تاريخه، على الرغم من مضي فترات زمنية ليست بالقصيرة عليها، حيث يقول هؤلاء أن حالة التقنين سواء للمياه أو للكهرباء غايتها التضييق على معيشة الأهالي وابتزازهم عبر تجار الأزمة بالتعاون مع بعض الفاسدين من المتنفذين في مواقع القرار، خاصة وأن موضوع تأمين المياه قد دخلت عليه عدة جهات غير رسمية ( أوكسفام واليونيسيف والأغا خان) بالإضافة إلى بعض المتعدين الخاصين، بعضها على مستوى التمويل وبعضها على مستوى تأمين الخدمة.

سا..سو.. سي

سين المستقبل باتت بالنسبة لأهالي مدينة السلمية سين التسويف البغيضة التي أضحت تقتلهم عطشاً، فقد سمعوا وعوداً بأنه (سيتم العمل على تأمين مصادر لمياه الشرب للمدينة- سيتم اعداد دراسة لضخ المياه من مدينة حماة- سيتم حفر عدة آبار من سرير العاصي- سيتم حفر عدة آبار في جبال الشومرية- سيتم تركيب مضخة على خط الشومرية للخزان الرئيسي للمدينة- سيتم حفر آبار في المدينة وتنفيذ محطات معالحة للمياه)، سا.. سو.. سي.. والحبل على الجرار بالوعود والتسويف والحال على ماهو عليه، بل من سيء إلى أسوأ، حتى باتت السلمية عطشى، والأهالي باتوا رهناً لتجار أزمة عطشها وعوزها المائي.

تلك المشاريع كلها المعلن عنها والمباشر بتنفيذها حسب بعض الجهات المسؤولة، لم يعلن لأي منها عن فترة زمنية ملزمة للتنفيذ كي تكون هناك محاسبة على التقصير بحال عدم التنفيذ أو التأخير فيه، علماً أن مبالغ التمويل سواء من الجهات الرسمية أو من المنظمات غير الحكومية، التي صرفت على تلك المشاريع لا أحد يعلم مقدارها، ولا كيفية صرفها، ومشكلتهم وأزمتهم ما زالت كما هي دون حلول رغم المصاريف والنفقات كلها.

تكاليف مرهقة

أهالي مدينة السلمية يدفعون 1500 ليرة تقريباً بمقابل تعبئة 5 براميل لمياه الغسيل والتغسيل، التي يتم التزود بها عبر سائقي الصهاريج، ومن خلفهم من المشغلين والمتنفذين والسماسرة، الذين يستغلون حاجة الناس للمياه، وتختلف معدلات الاستهلاك من أسرة لغيرها حسب تعداد أفرادها، وحسب الأحوال الجوية، حيث تزداد معدلات الاستهلاك في الصيف عما هي في الشتاء، فمنهم من يضطر للتعبئة أسبوعياً ومنهم من يضطر لذلك يومياً، أي أن تأمين المياه أصبح يشكل عبئاً مالياً إضافياً على تكاليف المعيشة اليومية لأهالي المدينة جميعاً، حيث لا تأتي المياه بالأنابيب إلا مرة كل شهر بمعدل وسطي، ودون أي برنامج محدد، لا على مستوى الأيام ولا على مستوى الحارات، أما بالنسبة لمياه الشرب فهم يؤمنوها عبر بعض المناهل في المدينة «بالبيدونات».

الإعلان عن اعتصام

بعض الأهالي أعلنوا عن «اعتصام من أجل إنهاء حالة العطش والتقنين الجائر» وذلك بيوم السبت الواقع في 2/7/2016 الساعة الخامسة مساءً.

وقد تضمن بيان الاعتصام بعض المطالب الخاصة بموضوع تأمين المياه ومحاسبة المسؤولين عن الأزمة المفتعلة من قبل «متسولي الخراب» وحذر البيان من «محاولات التهميش والتفشيل والتلاعب بالمدينة وسكانها المقهورين من سياسة الحقد والذل التي تمارس عليهم منذ سنوات» حسب ما ورد بمتنه.

وقد تم التقدم عبر البيان ببعض الحلول الكفيلة بإنهاء الأزمة وهي:

– مد خط مباشر من الخط الرئيسي للمياه في حماه إلى خزان المدينة ضمن الأراضي الآمنة.

– جمع كافة الآبار التي تم تحليتها في خط مباشر إلى الخزان الرئيسي و من ثم إعادة الضخ إلى أحياء المدينة.

– وصل مياه الشومرية بشكل مباشر إلى الخزان الرئيسي ومن ثم الضخ إلى أحياء المدينة.

– إيقاف كافة التلاعبات والتسهيلات لتجار الفتنة على حساب الشعب من قبل المسؤولين الذين يتاجرون بأرواح أبناء المدينة.

وقد دون بنهاية البيان الملاحظة التالية:

«الاعتصام سلمي صامت بدون أية هتافات أو شعارات للحفاظ على تلبية المطالب بشكل حضاري وأخلاقي ولعدم فتح المجال أمام أي شخص انتهازي يرغب بإثارة الفتنة».

وقد تم إعداد هذه المادة قبل معرفة فيما إذا تم الاعتصام وما هي مجرياته ونتائجه.