منطقة خلف الرازي والاخلاص.. مشاهدات وشهود

منطقة خلف الرازي والاخلاص.. مشاهدات وشهود

متابعة لما تم نشره في العدد السابق بتاريخ 22/5/2016 تحت عنوان «أهالي خلف الرازي والإخلاص ليلة القدر أم نجوم الظهر»، حيث تم استعراض النقاط التالية: السكن البديل- لجان الحصر والتوصيف- الغبن في قيمة البدلات- الإشارات على السندات- بالإضافة إلى ما تبقى من حصة المالكين والمحافظة باعتبارها الرابح الأكبر.

 

 

فقد التقت قاسيون بالعديد من أهالي المنطقتين، كل منهم كانت لديه شكواه ومعاناته وهمومه، بالإضافة لما تم تزويدنا به من وثائق وأوراق، حيث كان من الصعوبة بمكان نشر ما قالوه حرفياً في مادة واحدة، أو عرض ما تم تزويدنا به كاملاً، على صفحات الجريدة، لأن ذلك قد يحتاج إلى إفراد صفحات وصفحات ولا يكفيها تعداد صفحات جريدتنا، لذلك اكتفينا بتسليط الضوء على أهم ما ورد على لسان هؤلاء وما تم ايراده في الوثائق والأوراق المقدمة، من خلال المادة التي نشرت سابقاً، وسنعرض في هذه المادة بعض المشاهدات والشهادات.

عشوائية مهمشة

كغيرها من مناطق التهميش، باتت عشوائية منفلتة في قلب العاصمة وفي أغنى مناطقها، آلاف من البيوت المتلاصقة والحارات والأزقة الضيقة، هي ما أصبحت عليه تلك البساتين بعد عقود من الإهمال وعدم التنظيم وتدني الخدمات فيها، حيث لم تكن استثناءً عن العشوائيات المنتشرة بمحيط العاصمة، أو غيرها من المدن السورية.

عشرات الألوف هم سكانها الحاليون، بمعظمهم هم أصحاب الأرض ومالكيها، وعلى الرغم من انحسار مساحة الأراضي الزراعية فيها على حساب البيوت العشوائية، إلا أن بعضهم مازال حتى الأن يزرع ما تبقى من أرضه ويسقيها ويعتاش من خلالها  كمصدر رئيسي للدخل.

مصادر رزق وحيدة

الحارات والأزقة تضج بها الحياة حيث تنتشر الورشات الحرفية بتنوعها وغناها، مع الكثير الكثير من محلات البقالة والسمانة والخضار وغيرها، لتؤمن الحاجات الاستهلاكية للأهالي والسكان، كما تعتبر تلك الورشات والمحال مصدر رزق وحيد للكثير من هؤلاء وأسرهم والعاملين لديهم.

أصحاب المحلات والورشات حتى الآن لم يعوضوا، كما لم يحدد لهم أي بديل ملموس بالمخطط التنظيمي، وهم ما زالوا معلقين بالكلام المعسول والوعود التي لم تتعد حيّز الشفاه.

تجريف للتربة وللأشجار في المنطقة الخضراء

مع دخول التنظيم حيز التنفيذ مؤخراً، بدأ يطغى الجو المغبر على المكان، الذي كان متنفساً طبيعياً فيما مضى، حيث بدأت عمليات الهدم والتجريف للبيوت، كما للتربة وللكثير من الأشجار المثمرة. أكوام كبيرة ومرتفعة من الأتربة والمخلفات مرمية على جوانب الطرقات التي بدأت تظهر ملامحها بعد سنين في هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة وسط العاصمة.

ما يزيد الوضع مأساوية أن التجريف للتربة والأشجار طال حتى المنطقة التي من المفترض أن تبقى خضراء ضمن المخطط التنظيمي، كيف ولماذا؟ لا أحد يدري!.

بطء التنفيذ ليس شكوى بل واقع

مع ضخامة المخطط التنظيمي الموضوع، وكبر المساحة، والمدة الزمنية المعلن عنها للتنفيذ؛ كان من المتوقع رؤية العديد من الآليات الضخمة والتركسات والجرافات والرافعات وغيرها، ولكن المفاجأة كانت كبيرة حيث لم يوجد إلا عدة شاحنات وبعض الآليات الصغيرة والمتوسطة، والتساؤل المشروع، كيف لهذه الآليات البسيطة والمعدودة أن تحمل عبء تنفيذ مشروع ضخم بهذا الحجم وبالزمن المعلن عنه؟ علماً أنها كانت متوقفة عن العمل، ولعل السبب أن الزيارة كانت مسائية، وعلى الرغم من ذلك لا يمكن الاقتناع بهكذا سبب، مع تلك المشاهدات! ما عزز القناعة بأن شكوى الأهالي من بطء التنفيذ كان محدوداً ومتواضعاً بالمقارنة مع الواقع المشاهد، حيث جُلنا في المكان لمدة خمس ساعات متواصلة وبنتيجة الجولة رصدنا شارعين يتم البدء بتنفيذهما فقط، مع اكتمال تنفيذ البناء المخصص لإدارة المشروع وملحقاته فقط لا غير.

أهالي الإخلاص في متاهة

أهالي منطقة الاخلاص وضعهم مشابه للعشوائية المقيمين بها، فقد دخلت منطقتهم حيز التنظيم، ولكن حقوقهم ما زالت قيد التنازع بين المرسوم 66 الحالي، ومرسوم الاستملاك القديم الذي ضيع جزءاً من حقهم بين المحافظة ومجلس الشعب، بالإضافة إلى عدم وضوح الرؤية حتى عند المسؤولين عن تنفيذ المرسوم 66 الأخير، وهم على ذلك الحال حيث لا يعلمون من منهم يستحق للسكن البديل ومن منهم يستحق لبدل الإيجار، كما يتساءلون عن حقهم في الحصول على حصص سهمية أسوةً بغيرهم، وهكذا، في متاهة لا يعلمون متى يمكنهم الخروج منها، ومن سوف يساعدهم على ذلك؟!.

معاملة سيئة وتهديد

شكايات الأهالي لم تقتصر على الجانب التنفيذي من المرسوم 66 لعام 2012، بل كان جزءاً منها متعلق بأسلوب التعامل معهم من قبل بعض المتنفذين والقائمين على المشروع، حتى بلغ الأمر بالتهديد والوعيد لبعض الأهالي لمجرد أنهم كانوا يستفسرون عن حقوقهم، حتى قال أحد الأهالي: «وكأنهم كلهم متفقون على إسكاتنا بالوسائل الممكنة كلها».

بعض الأشياء لا تعوض

أثناء الجولة بالمكان اصطحبنا أحدهم ليرينا جده الذي ناهز عمره الـ 90 عاماً، حيث كان جالساً بجوار كومة من التراب، هي ما تبقى من منزله وأرضه التي ورثها عن أبيه وقبله عن جده. لم نستطع محادثته؛ فقد كانت عيناه مليئتين بالدموع، وهو يجول بنظره على بقايا ما كان حياة بالنسبة له.

حدثنا حفيده بأنه على هذا النحو منذ تم تجريف منزله وأشجاره، قائلاً: «كيف ممكن تقنع جدي بتعويض أو بمنزل أو بحصة سهمية، كل هدول ما بيعنولو شي، لأن في شي ما بيتعوض بالنسبة ألو».

آخر تعديل على الخميس, 09 حزيران/يونيو 2016 19:37