مرحلة التعليم الأساسي والازمة
تركت الازمة تأثيراتها على كل جوانب الحياة في البلاد ومختلف القطاعات الخدمية ومنها التعليم وخصوصاً مرحلة التعليم الأساسي، لتعمق أزمات هذا القطاع المنهك أصلاً فعشرات آلاف التلاميذ اليوم خارج إطار العملية التعليمية في مناطق التوتر ودمرت المئات من المدارس بسبب عمليات العنف وأصبح العشرات من التلاميذ هنا وهناك ضحايا مباشرة للعنف، ونتيجة عمليات النزوح إلى المناطق شبه المستقرة ازدادت الكثافة في مدارس تلك المناطق ويلاحظ المتابع أنه تجد اليوم ضمن الشعبة الصفية الواحده ما يقارب الخمسين تلميذا، وباتت هذه المارس التي تستقبل تلاميذ الأسر النازحة تعاني من صعوبات جدية في توفير المستلزمات الضرورية ومنها الكتب التي تعتبر إحدى أهم ومراجع العملية التربوية التعليمية، وتعاني هذه المدارس أيضاً عجزاً في تأمين المستلزمات الأخرى من مقاعد وغيرها، كما أن قدوم التلاميذ الجدد يومياً نتيجة امتداد العنف إلى مناطق جديدة ما بات يشكل هاجساً آخر لهذه المدارس التي سرعان باتت تجدد تنظيم سجلاتها بشكل يومي، وعلى الرغم من الجهد المشكور عليه سلفا الذي يبذله المعلمون والكادر الإداري غالباً للتعاطي مع الموقف إلا أن العملية التربوية التعليمية حتى في المناطق المستقرة أو شبه المستقرة تعاني من عدم الاستقرار الشرط الضروري لسلامة العملية التربوية والتعليمية، ولنجاح المؤسسات التعليمية.
لاشك أن إعادة الاستقرار إلى القطاع التعليمي أمر مستحيل دون حل عام للأزمة التي تعصف بالبلاد إلا أنه من المؤكد بالإمكان وضع حلول إسعافية لتخفيف آثار الأزمة إلى أدنى مستوياتها وذلك بوضع خطط وبرامج تأخذ بعين الاعتبار الواقع المستجد وتأثيراته على العملية التربوية التعليمية، ويأتي في مقدمة ما يجب تأمينه هي توفير مكان لكل تلميذ من النازحين، ضمن المدارس في المناطق المستقرة، بما فيها تأمين مستلزمات استكمال التلاميذ لتعليمهم وخصوصاً الكادر التدريسي، والكتاب المدرسي وتأمين مدارس جديده حيثما يتطلب الامر سواء كان باستئجار دور وأبنية أو ما هو متوفر أصلاً من ممتلكات الدولة، ووضعها تحت تصرف مديريات التربية حين الضرورة، كما انه بات من الملح جداً تخفيف التوتر الأمني والمظاهر الأمنية والعسكرية في محيط المدارس وغيرها من المظاهر التي تؤدي إلى انقطاع أعداد غير قليلة من التلاميذ عن الالتحاق بالدوام المدرسي.
إن اهمية ذلك تكمن في أنه كل المؤشرات تدل على استمرار الوضع الحالي من التوتر الأمني وعدم الاستقرار إلى فترات طويلة، ولا يمكن ترك التلاميذ في مهب الأزمة دون خطط واضحة تخفف من آثار الأزمةعلى القطاع التعليمي.