برســم وزارة الصحـة.. ماذا عن مديرية حمص وعن مئات آلاف المواطنين؟!
كبيرة هي معاناة السكان في مدينة حمص وريفها، وعلى الأخص ما يتعلق بواقع الخدمات الصحية وذلك كنتيجة مباشرة للوضع الأمني الذي عاشته هذه المدينة وما نجم عنه من خروج المشفى الوطني بحمص من الخدمة، والتي كان يوفرها وفي جميع المجالات لسكان المدينة وريفها.
إن عدم وجود مشافي عامة في العديد من أحياء حمص ومناطقها وريفها جعل من تقديم الخدمات الصحية الضرورية أمراً بالغ الصعوبة، وبالطبع فإن الأحوال المادية لغالبية الناس لا تسمح لهم بعيادة المشافي الخاصة لارتفاع التكلفة، وهذا يحتم على الجهات المسؤولة في الدولة، وخصوصاً في وزارة الصحة، اتخاذ ما يلزم من إجراءات سريعة لمعالجة هذه الحالة وتحويل بعض المراكز الصحية لمشاف تقدم الخدمات الضرورية للمواطنين، خصوصاً وأن أكثر من (600) الف مواطن (في قرى: زيدل، فيروزة، عشيرة، النازحين، العباسية، الارمن، الزهراء، جب الجندلي، المهاجرين، باب تدمر، الريف الشرقي للمحافظة) لا يتوفر لهم مشفى عام لتقديم أية خدمة صحية، ونتيجة لمطالبات المواطنين في هذه المناطق فقد وجه محافظ حمص وبناء على كتاب صادر عن مكتب الأمن القومي برقم: /9073/7/أ.ف/ تاريخ 1422012، وجه كتاباً إلى مديرية صحة حمص برقم ( 808 /ج/105/ ) تاريخ 1262012 يطلب فيه إعداد دراسة وتأمين الموافقات اللازمة من الوزارات المعنية لتحويل مركز العيادات الشاملة (مركز الباسل) في الزهراء إلى نواة مشفى عام تقام بها العمليات الجراحية اللازمة. الغريب هنا حقاً والذي يجعلنا نضع ألف إشارة استفهام حول رد مديرية صحة حمص على الطلب المشار إليه والوارد من محافظ حمص، حيث مديرية الصحة احتاجت إلى قرابة الثلاثة أشهر لمجرد الرد على كتاب المحافظ وليتها لم ترد، ربما كان ذلك أفضل.
تضمن رد مديرية صحة حمص بكتابها رقم (5826/ط) تاريخ 492012 إن دراسة تحويل المبنى الحالي إلى مشفى إسعافي يضم غرفتي عمليات وملحقاتها وغرفتي عناية مشددة وقسم إسعاف سريع واشعة ومخابر وصيدلية وغرف مرضى تضم عشرين سريراً، إن هذا سوف يلغي العيادات الشاملة القائمة في المكان المشار إليه أعلاه لعدم قدرة استيعاب المكان لمشفى إسعافي وعيادات شاملة!!.
من الواضح تماماً أن مديرية صحة حمص لا تفكر بالمطلق بمعالجة الواقع الصحي لسكان المناطق المذكورة، والذين يشكلون أكثر من (600) ألف مواطن وبحجة عدم استيعاب المكان والخوف على مستقبل العيادات الشاملة.
لكن هذا الأمر لا يعدو كونه طريقاً للتهرب من تنفيذ هذا المشروع، حيث أن العيادات الشاملة والمستوصفات متوفرة في كافة المناطق والأحياء وأن هذه الذريعة يقصد منها ألا يرى مشروع هذا المشفى النور على أرض الواقع.
إن المبنى المشار إليه (مركز الباسل) هو ضخم جداً ويحتوي على الكثير من الغرف والتجهيزات ويحتل مساحة واسعة جداً، ويدل مضمون رد مديرية صحة حمص على ذلك عندما عددت عدد الغرف التي يمكن تخصيصها للعمليات والإنعاش وللمرضى والصيدلة والتصوير... الخ، أي أن المكان الحالي في الواقع يصلح لأن يشكل نواة لمشفى عام وبالسرعة القصوى، ويقبل التطوير لاحقاً من خلال بناء طابقين آخرين.
إن قراءتنا لمضمون رد مديرية صحة حمص على كتاب المحافظ لم يأت من فراغ، حيث تتوفر العديد من الأدلة على أن هذه المديرية لا ترغب حتى في أن يعمل هذا المركز الصحي ولو على وضعه الراهن، فما بالك في تحويله إلى مشفى عام؟.. إن مبدأ التسويف والتأجيل في إعاقة تقديم الحد الأدنى من المستلزمات الطبية والتقنية لهذا المركز من مديرية صحة حمص يدل بوضوح عن حقيقة العاملين في هذه المديرية وعدم اهتمامهم ولو بأقل الحدود بواقع مئات الألوف من المواطنين، ومدى حاجتهم لتقديم الخدمات الصحية الضرورية، ونجد في هذا السياق أنه من المفيد التذكير ببعض من سلوك هذه المديرية:
- طلبت إدارة مركز الباسل في كتابها رقم ( 2363/ص ) تاريخ 692012 من مديرية صحة حمص تقديم أكثر من ثلاثين مادة ضرورية لغرف العناية المشددة والإسعاف، تبدأ من سماعة الفحص ومقياس الضغط إلى جهاز التنفس الاصطناعي إلى أكياس السيروم إلى مصل مضاد للدغات العقارب ...الخ، حيث أن هذه المواد بالغة الأهمية ولا معنى لغرفة الإنعاش أو الإسعاف بدون توفرها، لكن الغريب في الأمر هو الرد السريع من مديرية الصحة بحاشية لسميح شربك (رئيس قسم الخدمات والتجهيزات في المديرية): «نقترح التريث بالطلب لحين تحويل المركز إلى مشفى». وطلبت إدارة المركز من صحة حمص بكتابها رقم ( 2076/ص ) تاريخ 2982012 تأمين (كرسي فرنجي) عدد (2) لزوم قسم التوليد في مجمع الباسل التخصصي بالزهراء وكان الرد ومن قبل الشخص نفسه (سميح شربك): «نقترح التريث بالطلب»...
- و في الكتاب رقم (2029/ص ) تاريخ 2882012 طلبت إدارة المركز تأمين بطارية (120) آمبير لزوم المولدة الموجود في مركز الباسل ذاته، فكان الجواب من سميح شربك ذاته: «ما لزوم هذه البطارية لديكم وما فائدتها للمولدة الموجودة؟».
- و في كتاب إدارة المركز رقم ( 2362/ص ) تاريخ 692012 تطلب فيه من مديرية صحة حمص لزوم إقلاع قسم التوليد في مركز الباسل إضافة إلى الكتاب رقم ( 2361/ص ) تاريخ 392012 يتضمن الطلب من صحة حمص تأمين عشرات المستلزمات أيضاً كمستلزمات ضرورية لقسم الحواضن والأطفال وكان الجواب هو ذاته من هذه المديرية ... وهو طبعاً التجاهل التام، وعدم تأمين شيء من المطلوب!.
وللمفارقة هنا تجلى كرم مديرية صحة حمص بتقديم بعض المواد الطبية منتهية الصلاحية، وذلك فيما خص الزمرة الدموية (PH) حيث قدمت لمركز الباسل بتاريخ 2682012 بينما تاريخ انتهاء صلاحيتها هو في 72012 ...
مما تقدم أعلاه لا نجد ما يلزمنا تقديم المزيد من الأدلة والقرائن على طبيعة عمل مديرية صحة حمص ومدى اهتمامها بمصير مئات الألوف من المواطنين في هذه المحافظة...
السؤال نوجهه هنا إلى وزير الصحة: هل ينسجم هذا السلوك والممارسة من مديرية صحة حمص مع توجهات الوزارة، وهل من علاج اسعافي لدى الوزير لما تعانيه محافظة حمص يبدأ في انعاش مديرية صحة حمص والإسراع باتخاذ جميع الخطوات العاجلة لإحداث المشفى المطلوب.