جرائم السرقة تنتعش في شتاء القامشلي المظلم

جرائم السرقة تنتعش في شتاء القامشلي المظلم

تردد عبد الملك في الحضور إلى محل السمانة الذي يملكه في وقت متأخر من الليل، بعد أن أخبره جيران المحل، بتعرضه للسرقة وفرار اللصوص، قائلاً إنه يخشى الخروج في ليل القامشلي المظلم الذي قد يفاجئه فيه لص أو مجرم آخر، يزيد من خسارته الأولى في بضاعة المحل إلى ما هو أكثر من ذلك.

وتعرض محل السمانة الواقع في أحد الشوارع الرئيسية في مدينة القامشلي للسرقة من قبل لصوص كسروا أقفال المحل وحملوا قسماً من بضاعته على دراجة نارية، وغادروا بهدوء، بينما يشاهدهم عدد من الجيران وقفوا على شرفات الأبنية المجاورة، في منظر يوحي بغياب أي نوع من الأمن.
وتمثل حادثة السرقة التي تعرض لها محل السمانة، واقتصرت خسائرها على نحو 60 ألف ليرة، قصة واقعية يتداول الناس الكثير من قصص السرقة المشابهة لها عند كل صباح، حيث وجد اللصوص في ظلام الشتاء وانعدام الحركة فرصة لإنعاش سرقاتهم التي أصبحت ظاهرة تقلق سكان القامشلي التي تصنف كمدينة آمنة خاضعة لسيطرة الدولة بشكل كامل.
لجان الأحياء
خبا دور ما سمي «اللجان الشعبية» التي تشكلت في أحياء المدينة، بشكل واضح بعد مرور نحو أربع سنوات على الأزمة السورية، تحت تأثير عدة عوامل، بينها طول الأزمة السورية واليأس من حلها، إضافة للبرد القارس الذي تعيشه القامشلي في فصل الشتاء، بينما ينعدم وجود التيار الكهربائي بشكل شبه كامل.
وغاب عناصر «اللجان الشعبية»، وهم من أبناء الأحياء عن شوارع أحيائهم في الليل بشكل لافت، أتاح للصوص فرصة معاودة نشاطهم الذي توقف بالفعل عندما كانت هذه اللجان في بداية نشأتها، وحماس السكان حينها في حماية ممتلكاتهم من اللصوص.
وحتى شبكة الإنارة التي تم نصبها في أغلب أحياء المدينة، والتي تعمل على مولدة كهرباء يتشارك الأهالي في دفع قيمة محروقاتها، تعطلت بفعل عدم الصيانة، لتتحول القامشلي إلى غابة موحشة عند الساعة الـ 12 ليلاً وهو موعد إطفاء المولدات الأهلية التي تغذي المنازل.
الأمن الجنائي غياب غير مبرر
لم تعوض الفصائل المسلحة التي تشكلت في ظل الأزمة السورية، للدفاع عن المدينة، ولا لجان الأحياء التي تقتصر مهمتها على حماية الحي من اللصوص وإنارته ليلاً، غياب دوريات الأمن الجنائي، المحترفة، والتي يتحسر السكان عليها بشكل كبير في ظل انتشار السرقات بشكل جنوني.
ويقول محمد وهو شاب يمتلك محلاً تعرض للسرقة قبل أيام، إن دوريات الأمن الجنائي قادرة على ضبط كل اللصوص وإعادة ممتلكات الناس أو ما تبقى منها فيما لو عادت إلى عملها النشيط، «لديهم الخبرة»، ويتابع محمد «غياب الأمن الجنائي بهذه الطريقة ليس مبرراً، ويؤدي ألى المزيد من الضرر بالمواطنين، و تراجع هيبة الدولة...» 
وأضاف وهو يركب قفلاً جديداً لمحله - قال إنه يستعصي على الكسر-، إن ما يجري ليست سرقات عادية، هي عمليات اقتحام بالقوة، فلا يمكن أن يسرق اللص محلاً يقع في دوار رئيسي بالمدينة، في إشارة إلى محل للحلويات تعرض للسرقة في اليوم ذاته.
جريمة منظمة
لا تقتصر السرقات على المحلات وحدها، حيث أصبحت سرقة حقائب النساء عبر لصوص الدراجات النارية ظاهرة حقيقية يتحدث عنها الناس، ويحذرون بعضهم من حمل الحقائب، ولاسيما أن بعض اللصوص لا يترددون في النزول من دراجاتهم لسحب الحقيبة بالقوة من يد صاحبتها فيما لو نجحت بالإمساك بها.
وإذا كان الفقر المتفشي في ظروف الأزمة والحاجة والعوز والحرمان  هي البيئة المناسبة لاتساع هذه الظاهرة، ولكن ما تقوم به عصابات السرقة هذه تتجاوز ذلك وترتقي إلى مستوى الاحترافية والسطو المسلح.