مدارس الحسكة.. التدريس من دون كتب
مر أكثر من شهر على انطلاق العام الدراسي في سورية، رغم كل المصاعب التي خلفتها الأزمة السورية بسنواتها التي تقترب من الأربع، لكن الأمر يبدو مختلفاً بشكل جوهري في محافظة الحسكة التي يدرس أغلب طلابها من دون استلامهم لكتبهم المدرسية حتى الآن بحجة عدم توفر وسائل نقل آمنة بين الحسكة والعاصمة دمشق.
ورغم الإنذار المبكر الذي أطلقته مؤسسة المطبوعات المدرسية في الحسكة، قبل نحو شهر من بدء العام الدراسي، وأنها لا تمتلك أكثر من 11 بالمئة من الحاجة الفعلية للطلاب، إلا أن المشكلة بقيت قائمة كما هي حتى الآن، من دون أي خطوات حكومية جدية لحلها، باستثناء التصريحات الرسمية للمسؤولين الحكوميين في المحافظة عن جهودهم لحل الأزمة.
مدارس بلا كتب
وعانت المحافظة الأبعد عن العاصمة دمشق من أزمة نقص الكتب المدرسية في العامين الماضيين، لكنها تواجه خطر فشل العملية التعليمية ككل هذا العام، ما لم تتخذ إجراءات فعلية وعاجلة لتوفير الكتب لطلاب المدارس، حيث تفتقر مدارس المحافظة التي يصل عددها لنحو 2500 مدرسة، لأغلب الكتب، ولاسيما مدارس التعليم الأساسي.
لم يحصل عدد كبير من الطلاب على كتبهم المدرسية حتى الآن، بينما تستمر المدارس في تدريس الطلاب للمنهاج، معتمدةً على المعلم الذي يملك كتاباً، أو من أحد الطلاب الذين يستطيع أهلهم الحصول على الكتب المدرسية سواء عبر شرائها من مكتبات القطاع الخاص التي تؤمنها باستمرار أو عبر نسخة مصورة من الكتاب الأصلي.
المطلوب 4 ملايين كتاب مدرسي
لكن المشكلة بدأت تتفاقم مع بدء الاختبارات التحريرية الأولى لنحو 400 ألف طالب في التعليم الأساسي والثانوي، وقد وجدوا أنفسهم مطالبين بدراسة مقررات غير موجودة لديهم في الأصل، لتبدأ عملية طلب غير مسبوقة من الأهالي لتأمين الكتب المدرسية لأولادهم بأي ثمن، بعد أن يئسوا من الوعود الحكومية.
وتقول مؤسسة المطبوعات المدرسية في الحسكة، إن حاجة المحافظة من الكتب المدرسية للعام الدراسي 2014 - 2015 تبلغ 4.041 ملايين كتاب مدرسي، منها 3.851 ملايين كتاب لمرحلة التعليم الأساسي و190 ألف كتاب للمرحلة الثانوية.
وزاد من أزمة الطلاب، اعتماد عدد كبير من الكتب المدرسية الجديدة التي تدرس لأول مرة هذا العام، وتشمل كتب الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء للصفوف من الأول إلى التاسع الأساسي، ما حرم الطلاب من الاستفادة من الكتب القديمة لديهم.
الطائرة السحرية
تعتمد المحافظة بشكل كبير على الطائرات في تأمين التواصل مع العاصمة دمشق، عبر مطار القامشلي الدولي، ولاسيما طائرة الشحن الكبيرة التي تعتبر بمثابة طائرة إسعافية لكل ما تحتاجه المحافظة من ضروريات استمرار الحياة في ظل عدم مأمونية الطرق البرية.
وكان من المتوقع أن يصنف المسؤولون في المحافظة، الكتب المدرسية في خانة الضروريات الملحة، شأن بعض المواد الأخرى، مثل المواد الطبية المستخدمة في غسيل الكلى للمصابين بالفشل الكلوي، لكن التأخير الحاصل في توفير الكتب حتى الآن يدفع للتساؤل عن نظرة المسؤولين للتعليم الذي نال نصيبه من الأزمة السورية.
وعود وأسعار محررة
وبينما يتحدث المسؤولون في المحافظة عن اتفاق مع منظمة «اليونيسيف» الأممية لنقل الكتب عبر الطائرة، ينشغل الأهالي في حجز دورهم لدى المكتبات الخاصة- التي تعرف كيف تنقل بضائعها بأمان- سواءً لشراء كتاب بسعر ألف ليرة تقريباً، أو تصوير نسخة منه في أسوأ الأحوال، لكن بأسعار مضاعفة تزيد أعباء الحياة على السكان.