بدعة الاستثمارات في شركات «الغزل والنسيج» وزراء ومدراء أوصلوا القطاع إلى الهاوية..
في توصيات الاتحاد المهني للغزل والنسيج طرحت في مجلس الاتحاد العام فقرة تقول «نأمل من الحكومة ضخ استثمارات لتطوير القطاع العام وذلك لتحديثه فنياً وإدارياً لكي تتمكن شركات الغزل والنسيج وصناعة الألبسة من مواكبة ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية من تطور وتقنية».
وفي التوصيات نفسها وأمام مجلس الاتحاد ورَدَ الآتي: الخطة الاستثمارية للإنفاق لغاية شهر حزيران 2014 أي من بداية العام الحالي حتى شهر حزيران: (الاعتماد 190000 ألف ل.س للاستبدال والتجديد- المشاريع الجديدة 10000 ألف ل.س-الاجمالي 200000 ألف ل.س).
-قطاع الغزل والنسيج (تجديد واستبدال لأكثر من 20 شركة غزل ونسيج 19000 ألف ل.س ومشاريع جديدة 10000 ألف ل.س).
وفي التقرير نفسه: بلغت اعتمادات خطة القطع الأجنبي لعام 2014 مبلغ 19149 ألف دولار وهي موزعة على الشكل التالي: (لزوم الخطة الإنتاجية = 18579 ألف ل.س- لزوم الخطة الاستثمارية التجديد والاستبدال = 570 ألف ل.س).
في حين بلغ الإنفاق الفعلي لخطة القطع الأجنبي لغاية حزيران 2014 صفر.
استثمارات ولكن
هذه هي الاستثمارات في أبرز وأهم القطاعات الاقتصادية في سورية.
هذا هو دعم الجهات الوصائية للقطاع العام وهذا هو التطوير والتحديث في عرف الجهات الوصائية. ولكن التصريحات الحكومية وفي مجلس الاتحاد تطمئن من لا يطمئن. فوزير الصناعة يقول ويؤكد حرص الحكومة على التمسك بالقطاع العام، منوهاً بأنه ليس هناك أي تفكير بتصفية أي من الشركات.
وحول شركات الغزل والنسيج يقول «طلبنا من شركات مؤسسة الغزل الإعلان عن تأمين مستلزمات إنتاجها ضمن السيولة النقدية المتوفرة لديهم لأن المصارف في الوقت الحالي غير قادرة على ضخ قروض كبيرة لتأمين مستلزمات الإنتاج».
السؤال هنا ما هي الإمكانات النقدية المتوفرة لشركات الغزل والنسيج؟
الجواب: مبلغ 190000 ألف ل.س استبدال وتجديد و10000 ألف ل.س مشاريع جديدة. هذا هو الدعم القطاع العام في شركات الغزل والنسيج.. ولا نية لتصفية أي شركة من قطاع الغزل؟!
ويتبيّن أن الأرقام الموجودة للخطة الاستثمارية هذا العام ليست مفاجئة لنا، ولو رجعنا إلى تقارير السنوات الماضية سوف نجد المبالغ المخصصة نفسها لهذا العام.
كذبة الخطط
سألت مدير أبرز شركة في القطاع العام عن هذه المبالغ الهزيلة للخطة الاستثمارية، فما كان منه إلا أن قال «الجهات الوصائية، الوزارة أو المؤسسة تحاسب وتسأل مدراء الشركات عن الأسباب الحقيقية لعدم صرف المبالغ المخصصة للخطة الاستثمارية في كل شركة، حيث تكون نسب الصرف 30% - 40%، وأحياناً 100%».
وواقع الحال يبيّن أن المدير الذي لا يصرف أي مبلغ من مخصصات الخطة يجب أن تتم مكافأته لا أن يحاسب لأن هذه الخطط التي يتم وضعها في كافة شركات القطاع العام هي للسرقة وللنهب وللفساد.. والخطط الاستثمارية كذبة كبرى!!
وزراء سابقون وكلاء اليوم!
السرقة والنهب والفساد هنا شيء لا يذكر أمام الجانب الآخر، عشرات الوقائع عن معامل إنتاجية كانت مقررة للقطاع العام ومنحت للقطاع الخاص لقاء شراكات وعمولات ومحاصصة، وهناك معامل وشركات عديدة ألغت جهات وصائية عقود شراء إنتاجها، ليتكدس هذا الإنتاج، ولتقوم صناعات مماثلة لها في القطاع الخاص أيضاً لقاء عمولات وسمسرة ومحاصصة.. وهناك عشرات الأمثلة عن مدراء وبعض وزراء اوصلوا بعض المؤسسات إلى الهاوية ويعملون الآن وكلاء لمواد أولية أو في معامل القطاع الخاص، ووزراء يعملون في التسويق والعمولة.
أمثلة عديدة
شركة بورسلان وأدوات صحية (قطاع عام) غرقت في صعوبات عامة، وذلك بالترافق مع إقامة عشرات المعامل الحديثة للبورسلان والأدوات الصحية في القطاع الخاص.
اجتهد مدير هذه الشركة، فعمل خلال عامين على دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع إنتاج مادة الطلاء «الغريت» الذي يستورد بالكامل من الخارج، ولا يوجد أي معمل في الدول المجاورة يصنّع هذه المادة، وعلل في الدراسة الأسباب الموجبة لإقامة هذا المشروع بالتالي: لا يوجد أي معمل مشابه في سورية أو الدول المجاورة. توفر البنية التحتية لإقامة هذا المشروع تخفيض تكاليف إنتاج «الغريت» مقارنة مع المستورد حوالي 60% - 65% مواد أولية محلية (رمل- كربونات- كالسيوم)، وهذا يساعد على تخفيض تكاليف الإنتاج.
ووجه المدير بهذا الخصوص عدة مذكرات، وجاء الرد الأول بالموافقة بعد الاتفاق مع شركات أجنبية أو محلية. في حين جاء رد آخر بالرفض.
وكما علمت أقيم المشروع فيما بعد في دولة خليجية.!؟
بدعة الاستثمار!
شركة في حمص كانت تضم 100 عامل إنتاج و200 عامل إداري. الشركة وعلى مدى عقود وهي تخسر، وأسباب الخسارة هي: (التكلفة العالية والهدر الإداري والإنتاج النمطي).
قُدمت دراسات عديدة لإقامة خط للجينز وخط للعوادم، ولم توافق هيئة تخطيط الدولة على هذه المشاريع. ولو أقيمت هذه الخطوط لقفزت الشركة من الخسارة إلى الربح ومباشرة.
وأعطيت هذه الدرسات للقطاع الخاص وأقيمت هذه المشاريع، وتركت الشركة المذكورة (وهي من القطاع العام) تخسر سنة بعد أخرى، ووصلت خسارتها إلى المليارات إلى أن أغلقت في النهاية، وهي شركة المصابغ في حمص.
الفساد والقنابل الدخانية
وينطبق هذا أيضاً على الصناعات في القطاع العام، حيث تركت شركات القطاع العام تخسر والجهات الوصائية تتفرج عليها وتبحث عن الحلول. وبالمقابل لا شيء إلا «التصريحات» الرسمية التي نسمعها يومياً عن أهمية القطاع العام أو عن دعم القطاع العام.. وعن استثمارات «فلكية» يتم ضخها في القطاع العام لتحديثه وتطويره، وهذا هو الجانب الأخطر في الفساد العام!!
وقائع:
معامل إنتاجية كانت مقررة للقطاع العام منحت للقطاع الخاص لقاء شراكات وعمولات ومحاصصة، وعشرات الأمثلة عن مدراء ووزراء أوصلوا بعض المؤسسات إلى الهاوية ويعملون الآن وكلاء لمواد أولية أو في معامل القطاع الخاص ووزراء يعملون في التسويق والعمولة