خشية من ارتفاع «معدلات القبول» ورسوم التسجيل «المفتوح» تفتح باب الدراسة في الخارج
هي من المرات القليلة التي تنفذ فيها جميع أعداد الصحف المحلية من الأكشاك المخصصة لبيع الصحف، لكن سرعان ما تكتشف أن السبب وراء ذلك هو صدور المفاضلة الأولى للقبول الجامعي.
بعد أن تأخرت عن موعدها الذي كان مرتقباً بأكثر من أسبوع ليتقدم لها، وبحسب وزارة التعليم العالي، أكثر من مئة وتسعين ألف طالب وطالبة من الناجحين في الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي والثانوية المهنية. علماً أن عدد المقاعد المتاحة يبلغ هذا العام 152116 مقعداً لمختلف الكليات والاختصاصات والمعاهد.
هواجس الطلاب
شهد اليوم الأول للتسجيل الجامعي في مراكز محافظة دمشق إقبالاً كثيفاً حيث تجولت «قاسيون» بين عدد من مراكز التسجيل المعتمدة. وما ميز هذا العام هو إلقاء محاضرات في مدرجات كلية الهندسة من قبل وزير التعليم العالي والمختصين بهذا الشأن للتعريف بالمفاضلة العامة وإرشاد الطلبة الراغبين بالتقدم إلى المفاضلة العامة لهذا العام لتحديد رغباتهم وتوجههم المهني.
وقال وزير التعليم العالي الدكتور محمد عامر المارديني، إنه «تمت زيادة الاستيعاب الجامعي بنسبة 10% للتعليم العام، وافتتاح كليات جديدة هذا العام بهدف استيعاب أكبر نسبة من الطلاب»، مشيراً إلى أن نتائج علامات المفاضلة النهائية يحددها مدى إقبال الطلاب على اختصاص معين، وفق آلية العرض والطلب والمقاعد المتاحة في الكليات والأقسام والمعاهد التقانية. لكن هذه التطمينات لم تهدئ كثيراً من مخاوف الطلاب والأهالي الذين اشتكوا من ارتفاع المعدلات هذا العام.
وفي هذا السياق تقول «رشا»، وهي إحدى المتقدمات للمفاضلة، «وضعت الصيدلة رغبة أولى لي، لكني أشك في أن أدرسها وذلك نظراً لارتفاع المعدل حيث حصلت على مجموع 233». وأضافت «أتمنى أن تضع الوزارة شروطاً عديدة إلى جانب علامة امتحان البكالوريا، وذلك بسبب الغش الذي حصل هذا العام وتمكن عدد من الطلاب من الحصول على علامات لا يستحقونها».
وبدوره يقول «هيثم.ن»، طالب متقدم إلى المفاضلة، «وضعت الطب البشري رغبة أولى ووحيدة لي، ولكن إذا ارتفعت المعدلات علامتين فلن أتمكن من دراسة الطب في جامعة دمشق. ورفض والداي بسبب الظروف الأمنية أن أسجل في أي محافظة ثانية غير دمشق».
المطلوب معايير جديدة
وتابع هيثم حديثه قائلاً «على الوزارة مراعاة الظروف الأمنية التي تشهدها البلاد من أجل ضمان بقاء الطلاب المجدين في البلاد كي لا يهاجروا إلى الخارج، ويدرسوا الفروع التي يتمنون دراستها».
في حين يتمنى «ماجد» ألا ترتفع المعدلات كثيراً في المفاضلة الثانية، ويقول «أرغب في دراسة الحقوق، لكني حصلت على مجموع أكثر من المطلوب بدرجة واحدة وأتوقع أن ترتفع المعدلات أكثر من علامتين وذلك بسبب تقدم عدد كبير من الطلاب لامتحان الشهادة الثانوية- الفرع الأدبي، وحصل غش كبير وأيضاً حصل عدد كبير من الطلاب الأحرار على علامات عالية ستجعلهم منافسين لنا نحن الطلاب النظاميين»، ويضيف «يجب أن توجد وزارة التعليم العالي معايير جديدة لتقبل على أساسها الطلاب في كل الفروع الجامعية سواء كانت أدبية أو علمية».
الموازي الغالي حل بديل
يضع «مصعب» التعليم الموازي هدفاً له إذا لم يتمكن من الحصول على مقعد في التعليم النظامي لكلية الهندسة المعمارية. ويقول «أتمنى أن أدرس الهندسة المعمارية، لكن أخشى من ارتفاع رسوم التسجيل لهذا العام»، ويضيف «لا يملك والداي أي مردود سوى رواتبهم الوظيفية التي بالكاد تكفي لتلبية حاجاتنا اليومية، لكن والدتي وعدتني ببيع قطع من مصاغها الذهبي كي أسجل في التعليم الموازي إذا لم أقبل في التعليم النظامي».
وكانت الرسوم في التعليم الموازي العام الماضي على الشكل التالي: /160000/ل.س لكليات الطب البشري- طب الأسنان- الصيدلة. /110000/ل.س لكليات الهندسة بفروعها كافة وكليات الفنون الجميلة. /60000/ل.س لكليات الزاعة - الطب البيطري. /45000/ل.س لكليات العلوم. /40000/ل.س لكليات الآداب بأقسامها وكلية الشريعة. /50000/ل.س لباقي الكليات. /50000/ل.س للمعاهد الملتزمة (الخطوط الحديدية بحلب- التقاني للنفط والغاز في الرميلان وبانياس وحمص). /30000/ل.س لمعاهد (العلوم المالية والمصرفية- المالي- الإحصائي- القانوني- الخدمة الاجتماعية- المتوسط للعلوم الشرعية). /35000/ل.س لباقي المعاهد.
وبدوره يقول أبو أمجد «كنت أتمنى أن يتمكن ابني من دراسة الطب. وبالفعل سجلته العام الماضي في التعليم الموازي، ولكن إذا بقيت الأوضاع الاقتصادية على الوضع السيئ فلن أتمكن من دفع تكاليف دراسته، وسأقوم على تسفيره إلى الخارج كي يكمل دراسته في إحدى الدول الأوربية أو روسيا بدلاً من الدراسة في سورية».
التعليم الحلم
كان يرجى من نظام التعليم المفتوح عند إحداثه في السنوات الماضية أن يكون فرصة جديدة لفئة عريضة من السوريين الذين يرغبون في إكمال دراستهم ولم تسمح لهم ظروفهم بذلك.
وزير التعليم العالي السابق مالك علي، قام العام الماضي بإقرار زيادة في رسوم التعليم المفتوح، وصرح حينها بأن قرار زيادة الرسوم قد تمت دراسته من مجلس التعليم العالي من قبل وقد تم توقيعه، مضيفاً «أن جميع البرامج والأسس والتشريعات في نظام التعليم توضع للطلاب المتفوقين والراغبين في الدراسة، وليس للطلاب الفاشلين، لذلك من الأفضل على الطالب أن يتفاءل ويجتهد ويدرس لا أن يضيع وقته عبر الدعوات المكتوبة عبر شبكات التواصل، فالدراسة هي التي ستجلب النتيجة الحقيقة له».
وكانت وزارة التعليم العالي رفعت الرسوم الجامعية لطلاب التعليم المفتوح على الشكل التالي: (حيث تم رفعها من 3 آلاف ليرة للمقرر لتصبح بـ 5 و6 آلاف ليرة وذلك حسب الاختصاصات. 300 ل.س رسم سنوي لجميع الطلاب- 200 ل.س رسم تسجيل لمرة واحدة للطلاب السوريين ومن في حكمهم- 700 دولار رسم تسجيل لمرة واحدة للطلاب العرب والأجانب- 6000 ل.س عن كل مقرر في اختصاص الهندسة المعلوماتية للطلاب السوريين ومن في حكمهم- 5000 ل.س عن كل مقرر لباقي الاختصاصات للطلاب السوريين ومن في حكمهم- 300 دولار عن كل مقرر في اختصاص الهندسة المعلوماتية للطلاب العرب والأجانب- 150 دولار عن كل مقرر للطلاب العرب والأجانب- 5500 ل.س للتدريب العملي للطلاب السوريين ومن في حكمهم- 300 دولار للتدريب العملي للطلاب العرب والأجانب).
وفي هذا السياق يقول «علاء .س»، موظف في وزارة التجارة، «سجلت قبل ثلاث سنوات في الدراسات القانونية- التعليم المفتوح، لكني لم أتمكن من إكمال دراستي العام الماضي، بسبب ازدياد العبء المادي علي بعد أن نزحت عن منزلي وبات يتوجب دفع مصاريف أكثر، لذلك فضلت أن أقوم بإيقاف تسجيلي وذلك كي لا أفقد مقعدي، وكنت أتمنى أن أتخرج وأعدل وضعي الوظيفي مما يعني دخل جديد لي ولأسرتي».
وبدورها «جمانة.ع»، طالبة تبلغ من العمر ثلاثين عاماً تدرس إدارة مشروعات صغيرة ومتوسطة نظام التعليم المفتوح، فتقول «أوقفت العام الماضي تسجيلي وكذلك سأفعل هذا العام»، وتضيف «السبب الأول هو ارتفاع رسوم التعليم المفتوح وسوء الأوضاع الاقتصادية، حيث كنت أعمل في أحد المخابر الذي أغلق بسبب الأوضاع السائدة ولم أعد أملك عملاً ولن يتمكن أهلي من دفع رسوم دراستي».
وتتابع جمانة «أتمنى أن تراعي الوزارة الظروف الاقتصادية الصعبة التي نعاني منها وتعمل على تخفيض الرسوم كي أتمكن وغيري من إكمال دراستنا».
التأخر في الإجراءات
يقول «وليد»، طالب ثانوية عامة علمية، «سجلت الطب البشري رغبة أولى، ومجموعي يؤهلني لدراسة الطب، حيث نقصني علامتان عن المجموع التام للفرع العلمي، لكن وزارة التعليم العالي تأخرت في إصدار المفاضلة العامة؛ ومن المؤكد أنها ستتأخر في إصدار المفاضلة الثانية، علماً أن العام الدراسي بدأ فعلياً والطلاب المستجدين سيتأخرون في إتمام إجراءات التسجيل والحصول على سكن، ما سيؤثر على دراستهم وخاصة إذا كانوا يدرسون في فروع تتطلب وجود تدريب عملي، حيث أخبرني أصدقاء لي صاروا في السنة الثانية في كلية الطب أنهم لم يتمكنوا العام الماضي سوى الدراسة لشهر واحد في الفصل الدراسي الأول مما أثر على معدلاتهم في نهاية العام الدراسي».
السكن الجامعي المعضلة الكبرى
يعاني عدد كبير من الطلاب الجامعي من مشكلة السكن الجامعي وخاصة مع ازدياد عدد الطلاب الذين يدرسون في دمشق.
وفي هذا السياق تقول «راما.س»، «أنا طالبة هندسة وتفرض علي دراستي أن أسهر ليلاً وأن يكون لدي عدد من الأدوات التي تساعدني في دراستي، وأنا من محافظة حلب لذلك لا أملك سكناً وأقيم في السكن الجامعي». وأردفت قائلة «وصل عدد الفتيات العام الماضي بين تسع وعشر فتيات يقمن في غرف كانت مخصصة لخمس فتيات».
وأكد بأنها والكثير من الطلاب لا يملكون نقوداً كافية لدفع أجارات المنازل خاصة بعد ارتفاع الإجار في مدينة دمشق وريفها، و«نخشى هذا العام من تفاقم أزمة السكن مع ازدياد عدد الطلاب الذين يريدون الدراسة في جامعة دمشق».