سورية: عيد مرّ على الأبواب! مظاهر قاتمة وموجة غلاء وعنف تحطم مراجيح الصغار
محمد هاني الحمصي محمد هاني الحمصي

سورية: عيد مرّ على الأبواب! مظاهر قاتمة وموجة غلاء وعنف تحطم مراجيح الصغار

مجازر متكررة وعنف متبادل وتهجير وتشريد ومظاهر سوداء قاتمة وغياب لضحكات الأطفال البريئة، جنون في الأسعار ووجوه شاحبة وجيوب خالية وأسواق ومحلات فارغة.. هذه هي المظاهر السائدة والعلامات الغالبة السائدة في سورية قبيل العيد في هذه الأيام. فرحة العيد غائبة عن البلاد وأبنائها هذا العام، فالأوضاع الاقتصادية  مرهقة  للجميع، والصعوبات المادية والمعيشية تكاد تخنق كل الأسر.

الشوارع خالية من معظم مظاهر البهجة التي تسبق العيد عادةً، والأراجيح وألعاب الأطفال ممنوعة من معظم الشوارع، والأفراح التي كانت تعم الأماكن قبل الأعياد اختفت هذا العام من معظم المناطق وحل  محلها أزيز الرصاص وضجيج المعارك. وفي ضوء هذه الأجواء القاتمة للعيد القادم على سورية كان لجريدة (قاسيون) هذه الجولة واللقاءات مع المواطنين والتجار وأصحاب المحلات في دمشق وريفها:

الصحفية ريم: (العيد في سورية لم يكن يوماً هكذا، هذا العيد هو الأسوأ بالمطلق، فلا وجود للعيد هذا العام وكثير من الناس لا يملكون ثمن الطعام والشراب ولا حتى رغيف الخبز هذه الأيام، إضافةً إلى وجود الكثير من الأسر المفجوعة والحزينة بسبب غياب عزيز أو موت شخص غال على قلوبهم)، وتتابع ريم: (إن العيد الحقيقي في سورية يكون ليس بنهاية شهر رمضان بل بالخلاص من الأزمة المدمرة التي حلت بالبلاد). ويقول الحاج أسعد: (إن الظروف الاقتصادية في هذا العيد صعبة، فالبلاد تشهد الآن مرحلة جديدة قاتمة حيث عم القتل وغاب الفرح وكثر الفقراء واليتامى، ولكن يبقى العيد فرصة لمساعدة هؤلاء الناس وإحلال مشاهد جميلة للتكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء، فالمحتاجون واليتامى أصبحوا كثيرين في بلدنا، خصوصاً ونحن لا نزال نعيش هذه الظروف البائسة).

ويقول أبو حنان وهو عامل في مقهى: (كنت أعمل في السابق في أمور البناء وكان دخلي اليومي 1500 ليرة ولكن الآن وفي ظل الأزمة أصبحت أعمل في المقهى، ودخلي لا يتجاوز 350 ليرة في اليوم، لدي ثلاثة أطفال وأسكن بمنزل للإيجار، في هذه الظروف أعتقد أن العيد غائب لدي ولدى أسرتي المحرومة من التسوق أصلاً، قبل الأزمة كان المقهى ممتلئاً في كل يوم أما اليوم فتجد أن صاحب المقهى قد أغلق القسم الأعلى منه بسبب غياب الزبائن... باختصار العيد أصبح من منسيات الشعب السوري). ويقول محمد وهو شاب من سكان حي القدم: (عن أي عيد تتحدث؟ لقد نسيت هذه الكلمة، فمنزلي دمره القصف الذي استهدف الحي في الشهر الماضي، وحالياً أقيم أنا وزوجتي وإخوتي الأربعة في منزل واحد مكون من غرفتين، أجسادنا لم يلمسها الماء لمدة شهر كامل إلا ما ندر، فالماء هنا قليل والكهرباء تقطع بالساعات والأوضاع الاقتصادية سيئة للغاية؛ فكيف سننطق كلمة العيد وكيف ستكون صورته لدينا؟ معذرة فالعيد لن يأتي إلا بالقضاء على هذه الأزمة).

ويقول أبو عصب وهو عامل: (إن العيد سيكون مراً على معظم أفراد الشعب السوري، فالمشاكل السياسية قتلت الفرح في البلاد بأسرها، وقد منع التجوال بعد التاسعة مساءً في الكثير من الأحياء والمناطق، وعمت الخلافات والنزاعات مناطق أخرى.. هذا العيد ليس بعيد، فالعنوان الأساسي لهذا العيد هو الدمار، أتمنى من كل قلبي أن يأتي العيد القادم أكثر إشراقاً وبهجة على سورية ويمحو صورة هذا العيد البائسة من أذهان السوريين).

ويقول محمد وهو حلاق: (إن موسم عملنا نحن الحلاقين في مثل هذه الأيام حيث إني في الأعوام السابقة كنت دائماً افتح المحل بعد صلاة المغرب إلى ما قبل السحور بوقت قصير وترى المحل يعج بالزبائن والمنتظرين، أما الآن وقد بقي للعيد أيام معدودة فأنا لا أفتح المحل إلا لصلاة المغرب وكيف أفكر بالزبائن وكفر بطنا خالية من السكان تقريباً والناس هنا معدودون  وحظر التجوال يبدأ عند التاسعة والقصف قد يأتي في أي وقت؟! رمضان لم يعد موسماً للحلاقين في هذه الأيام فالجميع لا يفكر إلا بنهاية الأزمة، إن الناس لا تفكر بالعيد أصلاً، فكيف لهم أن يفكروا بالحلاقة¿). ويقول أبو عدنان وهو صاحب محل ألبسة في سوق الحميدية: (لقد أصبحت الأسواق خاوية على عروشها، الناس هنا تـأتي لتتفرج وتمشي، قلة قليلة هم من يشترون وهذا يحدث بعد ساعة من الأخذ والرد والمفاصلة، ولا أخفي عنك سراً فالأسعار ورغم الظروف الخانقة للشعب مرتفعةً ومرتفعة جداً، وهذا ما انعكس سلباً على التاجر والزبون، فالتاجر أصبح لا يبيع والزبون لا يشتري، والبضاعة كاسدة)، ويتابع: (كثير من الأطفال خرجوا من المحل وهم يبكون نتيجة عدم شراء الأهالي الثياب التي كانوا يحلمون بارتدائها خلال العيد، وذلك  بسبب ارتفاع ثمنها وصعوبة شرائها على الأهل).

يقول الأستاذ محي الدين، وهو مدرس في كفر بطنا: (إن الواقع المعيشي المر والأحداث السياسية  والحياة الاقتصادية جعلت الناس تنسى بهجة العيد ومعناه الحقيقي فالعيد مغيب عن الواقع السوري الآن لفقدان حاجات ملحة وضرورة تأمين الحد الأدنى منها، فكثير من الناس محرومون الآن من لقمة العيش وكثيرون بلا سكن.. الأزمة قد دمرتنا ودمرت الفرحة في قلوبنا، علينا الآن جميعاً أن نسعى كل من مكانه ومنصبه لحلها والقضاء عليها حتى نجد الفرح في الأعياد القادمة).  ويقول العم أبو محمود وهو موظف متقاعد: (الجميع كان يحلم بإصلاح جذري ونهاية للأزمة قبل حلول شهر رمضان وقدوم العيد، لكن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ، أوضاع اقتصادية بائسة وأسواق ملتهبة وجيوب فارغة وغياب أية مساعدة مادية حقيقية من الدولة لنا نحن المتقاعدين هذا العام وبكل معنى الكلمة، العيد كلمة كان معناها كبيراً أيام زمان، ولكن ليس في هذا الوقت).

ويقول أبو فادي وهو سائق ميكروباص على خط كفر بطنا: (الشعب السوري نسي منذ بداية الأزمة معنى كلمة العيد، فهو فاقد لكل المتطلبات والاحتياجات الرئيسة  وغارق في المشاكل الاقتصادية، العيد كان موسم السيارين والنزهات لكن الآن أضلاع البلد كلها مقطعة فعن أي عيد تتحدث؟ العيد الماضي خرجت طلباً للرزق لكن الذهاب من كفر بطنا إلى العاصمة دمشق كان ممنوعاً حرصاً على الأمن، كلمة وحدة: الله يفرج أحسن شيء).

 باختصار

الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشة والاجتماعية والأمنية المؤلمة التي يعيشها السوريون في هذه الأيام أفقدت العيد معناه، حيث هو أيام بهجة وفرح عادة، غير أن بارقة الأمل موجودة وجهود وسعي الشرفاء مستمر للعمل على حل الأزمة القائمة بطرق سلمية واعدة من أجل الوصول إلى سورية الجديدة التي ينشدها أغلب الشعب السوري.