يجب الإسراع بتعديل القوانين المخالفة لروح الدستور ونصه

يجب الإسراع بتعديل القوانين المخالفة لروح الدستور ونصه

تنص المادة 69 من النظام الداخلي لمجلس الشعب على أنه في دورة تشرين الأول من كل سنة أو عند افتتاح دور تشريعي جديد، يعمد المجلس إلى تأليف لجانه الدائمة، ثم تأتي المادة 70 لتحدد اللجان التي يجب تشكيلها وعددها 12 لجنة وأضيف لها أربع لجان جديدة تتعلق بالحريات العامة، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل والشباب والصحافة، وتعتبر لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية اللجنة الأولى، ويكون اختصاصها دراسة مدى اتفاق القوانين القائمة والمقترحة مع الدستور كما يتناول اختصاصها التشريع المدني، الإداري، الجزائي، والتنظيم القضائي والنظر في رفع الحصانة وتعديل النظام الداخلي.

وبعد إقرار الدستور السوري الجديد لعام 2012  وباعتباره أبا للقوانين المعمول بها والسكة التي يجب أن تسير عليها كل القوانين والأنظمة، بات تعديل القوانين المخالفة لروح الدستور ونصوصه أمراً ملحا بل وأكثر إلحاحاً من المتخيّل.

وإذا منح الدستور في مادته الثالثة والخمسين بعد المائة مهلة زمنية مدتها ثلاث سنوات، فإن هذا النص لا يلزم لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لأن هناك أولويات لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار تستدعي التعديل قبل غيرها، أما تلك القوانين التي لا تضر بمصالح الناس بشدة فيمكن التمهل بتعديلها خلال هذه السنوات الثلاث، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن تعديل المادة 53 من قانون العمل رقم 17 لعام 2010 والتي تنص على أنه :« يجوز لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل المحدد المدة في أي وقت خلال مدة سريانه شريطة أن يدفع للعامل أجوره عن المدة المتبقية من العقد»، فمن الواضح أن هذا النص الذي سمح لأرباب العمل بالتسريح التعسفي لعمالهم دون إبداء أية أسباب موجبة، فيه مخالفة صريحة للمادة الثالثة عشرة الفقرة 1 من الدستور والتي تنص على: «يقوم الاقتصاد الوطني على أساس تنمية النشاط الاقتصادي العام والخاص من خلال الخطط الاقتصادية والاجتماعية الهادفة إلى زيادة الدخل الوطني وتطوير الإنتاج ورفع مستوى معيشـة الفرد وتوفير فرص العمل»، حيث لا تتفق عبارة توفير فرص العمل كما وردت في الدستور مع عبارة  يجوز لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل كما ورد في قانون العمل، حتى لو منح العامل المسرح أموالاً طائلة تعويضا عن تسريحه التعسفي، والكل يعرف مدى المستويات القياسية التي وصلت اليها  نسب البطالة الآن والتي تنامت بسبب هذا النص حتى بلغت %40 من الأيدي العاملة وهي في ازدياد.

وهذه الملاحظة تنطبق على المادة 137 من قانون العاملين الموحد التي تنص على أنه: «يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح لجنة مؤلفة من وزير العدل ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية صرف العامل من الخدمة وتصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة»، المشكلة في هذه الحالة أنها أيضاً مخالفة لنص الدستور لأنها لم تحدد الحالات التي يجب تطبيقها عليها هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد تم صرف الكثير من العاملين باقتراح من الوزراء أو المحافظين أو المدراء العامين دون الأخذ بشرط أن يأتي الصرف بموجب اقتراح اللجنة المحددة بموجب هذه المادة.

المثال الثالث هو ضرورة تعديل قانون الانتخابات الذي يعتمد على الانتخاب الفردي في حين أن المادة الثامنة منه الفقرة 1 و2 تنصان على أنه «-1 يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع. 2- تسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة الوطنية والديمقراطية »، ومن الجلي أن قانون الانتخابات الحالي لا ولن يسهم في انعاش الحياة السياسية الوطنية ويجب تعديله بحيث  تعتبر سورية دائرة واحدة وأن تجري الانتخابات على أساس مبدأ النسبية.

أما المثال الرابع والأخير فهو ضرورة إجراء التعديلات على قانون الجنسية بحيث تستطيع المرأة السورية أن تمنح جنسيتها لأبنائها علما أنه لا يوجد نص مخالف في القانون ولكن المسؤولين لا يطبقون ما ورد فيه على المرأة، علما أن الفقرة الثالثة من المادة الثالثة والثلاثين تنص على «المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»وهذا يعني المساواة بين الرجل والمرأة، أما المادة الثالثة والعشرون فتنص على: «توفر الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع» فلماذا لا تتساوى المرأة بالرجل فتمنح جنسيتها لأولادها مثل الرجل؟!.

وأخيراً نقول إن هذه أمثلة فقط، وهي كما يقال غيض من فيض، ويجب الإسراع دون التسرع بتعديلها، وحتى يتم ذلك لا بد من التذكير بقرار محكمة النقض السورية رقم 536 تاريخ 19/4/1984  الذي بيًّنَ أنه «ليس للقضاء التصدي لدستورية القوانين عن طريق الدعوى نظراً الى انتفاء النص إلا أنه مخول صلاحية التصدي لذلك عن طريق الدفع والاستبعاد بالامتناع عن تطبيق القانون المخالف»، مع ضرورة تبني هذا الاجتهاد من المحكمة الدستورية العليا ويصبح ملزماً للقضاء لا مخيّراً، الأمر الذي يتوافق وبشكل تام مع نص المادة  50 من الدستور التي تنص على أن «سيادة القانون أساس الحكم في الدولة».